اتجاهات مستقبلية   

في ذكرى 11 سبتمبر .. أين وصلت الحرب الأمريكية على الإرهاب؟

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

مواجهة الإرهاب تحتاج الى آليات أخري، مثل المساهمة في إعادة بناء الدولة الوطنية في مناطق النزاعات الممتدة وخاصة في القارة الإفريقية

 

أكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، خلال مشاركته في إحياء الذكرى الحادية والعشرين لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، أن الولايات المتحدة لن تستسلم أبداً في مواجهة التهديدات الإرهابية، وأن بلاده لن تترد في استخدام قوتها العسكرية ضد أي تهديدات إرهابية أينما وجدت؛ ما يؤكد أن حرب واشنطن ضد الإرهاب لن تتوقف، الأمر الذي يثير التساؤلات حول مدى فاعلية تلك الحرب الممتدة لأكثر من 20 عاماً في القضاء على التنظيمات الإرهابية، ولاسيما تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين.

ومن الواضح أنه برغم الجهود الأمريكية والدولية المبذولة على مدى أكثر من عقدين لمواجهة الإرهاب، فإن تلك الجهود لم تنجح تماماً في القضاء على التنظيمات الإرهابية المختلفة، ولم تحدّ من قدرتها على التوسع والانتشار الجغرافي، فقد حقق تنظيم “القاعدة” الإرهابي، الذي يعد العدو الأول للولايات المتحدة، طفرة تنظيمية كبيرة لبعض فروعه، مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي تمكن من عقد تحالفات قوية مع بعض المجموعات الإرهابية والعرقية القريبة منه فكرياً؛ لتظهر في مارس عام 2017 “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التي أصبحت تمثل التهديد الإرهابي الأكبر في  منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بالتوازي مع تصاعد نشاط حركة شباب المجاهدين الصومالية التي تعد ذراع التنظيم في شرق إفريقيا، ونجاح  فرع التنظيم في اليمن في  الاستمرار على الساحة وشن الهجمات الإرهابية، وتمكن فرعه في سوريا من الحفاظ على تواجده عبر تنظيم  “حراس الدين”.

وفيما يتعلق بتنظيم “داعش” الإرهابي، فعلى الرغم من انهيار خلافته المزعومة في سوريا والعراق، ونجاح الولايات المتحدة في استهداف قادته بشكل متكرر، فإن التنظيم لا يزال قادراً على الاستمرار في تنفيذ الهجمات الإرهابية بشكل شبه يومي، كما أن فروعة المختلفة حول العالم لم تتأثر كثيراً بانهيار الخلافة الداعشية الأم، بل إن بعضها أصبح أكثر قوة وشراسة على غرار تنظيم “ولاية وسط إفريقيا” الذي يتمدد في كل من الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، إلى جانب وجوده في تنزانيا وأوغندا. يضاف إلى ذلك تصاعد نشاط التنظيم في منطقتي غرب أفريقيا والساحل الأفريقي وتنوع هجماته الإرهابية هناك، وذلك كله بالتزامن مع استمرار نشاط التنظيم في كل من أفغانستان واليمن.

تشير التطورات السابقة إلى أن الحرب الدولية على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة لم تتمكن من القضاء على التنظيمات الإرهابية تماماً، كما لم تنجح في الحد من انتشارها أو تحجيم نفوذها، وذلك بالنظر إلى أن معظم الجهود المبذولة انصبت على الجانبين العسكري والمالي، في حين أن مواجهة الإرهاب تحتاج الى آليات أخري، مثل المساهمة في إعادة بناء الدولة الوطنية في مناطق النزاعات الممتدة، وخاصة في القارة الافريقية، والمساعدة في إحلال السلام في مناطق الحروب والصراعات، ودعم الجيوش الوطنية في المناطق التي تنتشر فيها التنظيمات الإرهابية، بالسلاح والخبرات التدريبية اللازمة لتطوير قدراتها على مواجهة الإرهاب، وتفكيك مخيمات الإرهاب المنتشرة في الشرق الأوسط لمنع بروز جيل جديد من الدواعش قد يكون أكثر تطرفاً من الجيل الحالي، إلى جانب التعاون مع الدول العربية والإسلامية  في بناء استراتيجية مواجهة فكرية، لمنع التنظيمات الإرهابية من استقطاب موارد بشرية جديدة تساعدها على البقاء والاستمرار لسنوات طويلة.


تعليقات الموقع