تشريعات سوق العمل في الإمارات تخلق تحولات استراتيجية تراعي التطور الرقمي وتضمن توافر القوى العاملة المؤهلة للمساهمة في بناء اقتصاد مرن وتنافسي

الإمارات
6874-etisalat-postpaid-acquisition-promo-2024-728x90-ar

د. عبد الرحمن العور:
الامارات توفر حوافز للاستثمار بأسواق ووظائف مستقبلية لدفع عجلة التنمية القائمة على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والمواهب
مواجهة المتغيرات العالمية تتطلب إعداد بنية تشريعية متكاملة وتطوير استراتيجيات ضامنة لتوافر كوادر مؤهلة لبناء اقتصادات معرفية ذات تنافسية عالية

دبي – ابراهيم الدسوقي
أكدت دولة الإمارات خلال مشاركتها في الدورة الـ 48 لمؤتمر العمل العربي، والتي تستضيفها جمهورية مصر العربية بين 18 إلى 25 سبتمبر الجاري، على أهمية استشراف مستقبل العمل عربياً في ظل التطور السريع الذي يشهده الاقتصاد الرقمي، لا سيّما عقب التعافي من جائحة كوفيد-19 والآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها والدروس المستفادة منها، خاصة فيما يتعلق بوضع الخطط التي توفر حماية لأسواق العمل وأصحاب العمل والعمال على حد سواء، لما في ذلك من أثر هام على تعافي الاقتصادات العربية.
وشدّد معالي الدكتور عبد الرحمن عبد المنان العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، الذي يترأس وفد دولة الإمارات المشارك في المؤتمر الذي يناقش تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية بعنوان “الاقتصاد الرقمي

وقضايا التشغيل”، إضافة للتقنيات الرقمية التي تهدف لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 والذكاء الاصطناعي وأنماط العمل الجديدة وغيرها من الموضوعات ذات الصلة، على أهمية إعادة تأهيل وتدريب القوى العاملة العربية وتمكينها من امتلاك مهارات المستقبل، “كون الشباب أسرع فئة يمكنها تبني تقنيات المعلومات والاتصالات ومسايرة التقنيات الإحلالية والتغييرية التي تخلق نماذج أعمال جديدة تغير حياتنا ونظرتنا نحو العالم”، داعياً إلى ضرورة مواجهة المتغيرات العالمية عبر تطوير استراتيجيات متكاملة تضمن توافر القوى العاملة المؤهلة للمساهمة في بناء اقتصادات معرفية تتسم بالتنوع والتنافسية والمرونة.

خارطة طريق
وبيّن معالي الدكتور عبد الرحمن عبد المنان العور في كلمته التي ألقاها أمام الوفود المشاركة في المؤتمر أن دولة الإمارات تستعد للخمسين عاما القادمة عبر حشد الطاقات لبناء القدرات في مجالات مستقبلية جديدة تخلق فرص عمل للشباب وتعزز مساهمتهم في تحقيق سياسات وخطط الاقتصاد الرقمي، مشيراً إلى أنّ “صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” رسم في كلمته التاريخية التي وجهها إلى مواطني دولة الإمارات والمقيمين على أرضها، خارطة طريق واضحة لمستقبل الدولة، تعتمد على تسريع الخطى لتشجيع القطاعات الجديدة ذات الأولوية، وفي مقدمتها التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والارتقاء بتنافسية وجاذبية الاقتصاد الوطني ليكون من بين الأقوى والأنشط في العالم”.
وأضاف معاليه في كلمته أن “دولة الإمارات لطالما كانت سبّاقة على مستوى المنطقة في تطوير خطوات التحوّل الرقمي، فمنذ أكثر من عقدين وتحديداً عام 2000، أي قبل ما يزيد عن 22 عاما، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” عن برنامج “الحكومة الإلكترونية” الذي شكّل حجر الأساس لكل مبادرات التحول الرقمي اللاحقة التي تشكل أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، وأطلقت الإمارات “استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة”، وتأسس “المجلس العالمي للتعاملات الرقمية”، إضافة إلى برامج ومبادرات ترتكز على خلق بنية تحتية متقدّمة، وتضع أجندة تهدف إلى استقطاب الكفاءات البشرية المتميّزة”.
وتابع: “كما أقرّت حكومة دولة الإمارات “استراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي” التي تهدف إلى أن تصل مساهمة هذا القطاع إلى 20% من مجمل الاقتصاد الوطني غير النفطي خلال السنوات المقبلة، وأن تصبح

الإمارات المركز الاقتصادي الرقمي الأكثر ازدهاراً وجاذبية عالميّاً، كما تم اعتماد إنشاء مجلس “الإمارات للاقتصاد الرقمي” الذي يسعى لدعم توجّهات الدولة لمضاعفة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2031″.
حوافز وتشريعات
ودعا معاليه إلى توفير حوافز للاستثمار في أسواق ووظائف المستقبل، وسط تغيرات متسارعة تقتضي إعداد بنية تشريعية وقانونية متكاملة لنقل الابتكارات إلى الحيز التجاري، “وهو ما بادرت دولة الإمارات إلى تحقيقه من خلال حزم تشريعات تستهدف دفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة خلال المرحلة المقبلة، القائمة على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والمواهب، وتعزيز ممكنات التنويع الاقتصادي ومرونة وجاذبية بيئة الأعمال وتنافسيتها العالمية”.
وأشار معاليه إلى ما تحدثه حزم التشريعات الجديدة من نقلة نوعية وتحولات استراتيجية في سوق العمل بدولة الامارات، لافتاً إلى أنه “تمت مراعاة التطور الرقمي واستثماره بما يدعم علاقة العمل، لا سيما من خلال استحداث أنماط جديدة للعمل منها العمل عن بعد، مستفيدين من البنية التحتية الرقمية المتطورة التي هيأتها الدولة لسوق العمل، وذلك في ضوء ضوابط تضمن لطرفي العلاقة التعاقدية حقوقهما على نحو متوازن”.
وأشار وزير الموارد البشرية والتوطين إلى أن “تلك كانت إحدى المنهجيات الاستراتيجية التي تبنتها الدولة خلال مرحلة جائحة كوفيد-19 والتي أثبتت نجاحها وفاعليتها في استمرارية الأعمال والحفاظ على قوة الاقتصاد الوطني الذي تعافى سريعاً من أثر وتداعيات هذه الجائحة حتى أصبحت الإمارات إحدى أسرع الدول تعافياً من الجائحة”.
وفي ختام كلمته، أكد معاليه أهمية التحديث الدائم والمتواصل للتشريعات والقوانين لتراعي أفضل النماذج والدراسات، وضرورة تعاون مختلف الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والشركاء العالميين، لتعزيز البيئة الاقتصادية والبنية الاستثمارية والتجارية ودعم أمن واستقرار المجتمعات ومواكبة التطلعات المستقبلية عبر إحداث تطورات جوهرية في النموذج الاقتصادي ليكون أكثر مرونة واستدامة وتنوعاً.

من الجدير بالذكر أن مؤتمر العمل العربي يعقد بشكل سنوي بمشاركة الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال إيمانا بأهمية تكاتف أطراف الانتاج الثلاثة في بناء سوق عمل يضمن حقوق الإنسان في حياة كريمة.
وضم وفد دولة الإمارات برئاسة معالي الدكتور عبد الرحمن العور، وزير الموارد البشرية والتوطين، مجموعة من كبار المسؤولين في الوزارة، إضافةً لممثلين عن فئتي أصحاب الأعمال والعمال.
وحضر الوفد الإماراتي الجلسة الافتتاحية التي شارك فيها معالي حسن محمد حسن شحاتة، وزير القوى العاملة في جمهورية مصر العربية، وسعادة السفير الحسين الهنداوي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ممثلا عن معالي أحمد أبو الغيط، الأمين العام، ورئيس المؤتمر في دورته الحالية معالي يونس السكوري، وزير الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في المملكة المغربية، وأصحاب المعالي وزراء العمل العرب ورؤساء منظمات أصحاب الأعمال والاتحادات العربية في الدول العربية وممثلي المنظمات العربية والدولية.


تعليقات الموقع