القرارات الأمريكية الأخيرة لن تشجع الحوثيين على الاندماج في عملية السلام كما تأمل واشنطن

إدارة بايدن والمقاربة الخاطئة للأزمة اليمنية

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
اتجاهات مستقبلية

إدارة بايدن والمقاربة الخاطئة للأزمة اليمنية

صعدت جماعة الحوثي في الآونة الأخيرة من هجماتها على المدنيين في المملكة العربية السعودية بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عزمه إلغاء قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بإدراج الجماعة ضمن لائحة المنظمات الإرهابية، وإيقاف الدعم الأمريكي لقوات تحالف دعم الشرعية الذي تقوده الرياض. وقد جاء هذا التصعيد، على ما يبدو، نتيجة فهم خاطئ من جانب الحوثيين للخطوات الأمريكية تجاه الأزمة اليمنية باعتبار أنها تمنحهم الضوء الأخضر للتصعيد ضد الرياض وضد خصومهم اليمنيين بالرغم من دعوات واشنطن لإيقاف هذه الهجمات، وهي الدعوات التي أعلنت جماعة الحوثي صراحة أنها لا تعنيها.
لقد بُنيت الخطوات الأمريكية تجاه الأزمة اليمنية على تصور مفاده أن إلغاء تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية يمكن أن يشجع هذه الجماعة على الاندماج البناء في جهود تحقيق السلام والاستقرار في هذا البلد العربي الذي تمزقه الصراعات الأهلية منذ نحو عشرة سنوات، بالإضافة إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في اليمن؛ لكن جماعة الحوثي رأت في هذه الخطوات الأمريكية فرصة ينبغي استغلالها لدعم وضعهم، عسكرياً وسياسياً، في داخل اليمن، وتصفية حساباتهم مع المملكة العربية السعودية التي أكدت واشنطن أنها ملتزمة بحماية أمنها ودعم حقها في الدفاع عن نفسها.
وأحد العوامل التي قد تفسر هذا التصعيد الحوثي، هو كون هذه الجماعة مجرد ذراع لقوة إقليمية أخرى وهي إيران التي تخوض بدورها لعبة مناورات مع إدارة بايدن على خلفية أزمة الاتفاق النووي الإيراني والجدل بشأن عودة واشنطن له بشروط مسبقة أو من دون، ومن ثم يمكن تفسير هذا التصعيد الحوثي الأخير برغبة إيران في استخدام الورقة اليمنية في أي مفاوضات منتظرة مع واشنطن بشأن ملفها النووي، وهو ما يشير إلى أننا إزاء حركة لا تعنيها التسوية السياسية؛ وهكذا وبدلاً من أن يتم تضييق الخناق على الحوثيين بعد تصنيفهم منظمة إرهابية، وجدوا أنفسهم وقد تحرروا -مجاناً- من هذا العبء الذي كان من المتوقع أن يدفعهم نحو التخلي عن لعب دور وكيل إيران الإقليمي في اليمن والإسهام بجدية في تسوية أزمة البلاد من منطلق وطني غير تابع لأي ولاءات خارجية.
أغلب الظن أن القرارات الأمريكية الأخيرة لن تؤدي كما ترغب الولايات المتحدة إلى إنهاء الأزمة في اليمن، فالواقع على الأرض يتسم بالتعقيد، ومن شأن هذه المقاربة أن تزيده تعقيداً وصعوبة؛ فالقرارات الأمريكية الأخيرة لن تشجع الحوثيين على الاندماج الفاعل في عملية السلام كما تأمل واشنطن وهو ما أثبتته هجماتهم الأخيرة لأنهم يتصرفون بمنطق الميليشيا وليس بمنطق الدولة المسؤولة.
ولاشك أن إدارة بايدن ستصطدم بهذا الواقع المعقد عند محاولة تنفيذ استراتيجيتها في اليمن، وستكتشف أن مفتاح حل الأزمة لا يكمن في ما اتخذته من قرارات، وإنما في مزيد من الحزم تجاه الحوثيين وسلوكياتهم العدائية؛ فأسباب الأزمة ما زالت قائمة، حيث التمرد الحوثي على الشرعية اليمنية ما زال مستمراً ولم ينته، وما زال الحوثيون يرفضون التخلي عن ما استولوا عليه من مقدرات الدولة، ويرفضون الخوض في أي تسوية سياسية للأزمة، وهو ما يعني خطأ المقاربة التي تتبناها إدارة بايدن في إدارتها لهذه الأزمة.


تعليقات الموقع