الوباء في الهند مشكلة العالم الآن

الرئيسية مقالات
أهابيت بانيرجي وإيثر دوفلو: خدمة "نيويورك تايمز"

الوباء في الهند مشكلة العالم الآن

 

 

سوف يمر بعض الوقت قبل أن ندرك تماماً سبب تفشي فيروس “كورونا” في الهند بهذه السرعة الكارثية، لكن ثمة شيء واحد مؤكد هو أنَّ مشكلة الهند هي الآن مشكلة العالم.
أغلقت الهند أبوابها بشكل مفاجئ عندما وصل الفيروس، ثم كانت سريعة جداً في إعادة فتحها. ففي مارس (آذار) 2020 تم إغلاق البلاد في غضون أربع ساعات على الرغم من عدم وجود الكثير من الحالات، وتُرك ملايين الأشخاص، كثيرٌ منهم من العمال المهاجرين، عالقين من دون طعام أو مأوى. وفي مواجهة كارثة اقتصادية، أعادت الحكومة فتح البلاد قبل أن تُحكم سيطرتها على الوباء.
ما يحدث في الهند الآن يشبه تماماً ما شهدته الولايات المتحدة من طفرات فيروس «كورونا». فما حدث في الولايات الهندية التي شهدت ارتفاعاً في الوفيات مرة أخرى في مارس وأبريل (نيسان) أنها ببساطة أغمضت أعينها وتمنّت لو أن الوباء اختفى من تلقاء نفسه. وبالفعل انحسرت موجة الفيروس الأولى في الهند لأسباب لا تزال غير واضحة.
لكن الولايات الهندية لديها موارد محدودة للغاية، ومن البدهي أن الإغلاق يتسبب في خسائر مالية وفي أذى كبير خصوصاً للفقراء، ولم تعرض الحكومة المركزية سداد الفاتورة “في أمريكا العام الماضي، كانت إدارة ترمب أكثر سخاء مقارنةً بذلك”.
لم يكن من قبيل المفاجأة أن حكومات الولايات تباطأت إلى أن أصبح من المستحيل تجنب اتخاذ إجراء حاسم. وفي غضون ذلك، شق المرض طريقه في جميع أنحاء البلاد، وظهرت طفرات جديدة، ومع عدم رغبة الحكومة الوطنية في تولي زمام الحل وعدم تتبع التحور الجديد للفيروس، كان التباطؤ هو حبكة قصة التفشي الحالية.
بدأت الحكومة الآن في التحرك لكنها لا تزال مترددة في تبني استراتيجية وطنية.
ومع ذلك، من الواضح أن الهند بحاجة إلى إغلاق جديد منسّق مركزياً، وربما يستهدف المناطق التي يوجد بها بالفعل عدد كبير بما يكفي من الإصابات (لا تزال العدوى تتركز في أقل من ربع مقاطعات البلاد)، وتتحرك الحكومة تدريجياً للتغطية حيثما دعت الحاجة.
أحد أسباب استمرار بطء الاستجابة هو الخوف مما قد يحدث للاقتصاد خصوصاً للفقراء مع عودة عمليات الإغلاق. ويمكن للحكومة المركزية تسريع ذلك من خلال الوعد بتحويلات نقدية تحافظ على حياة كل من يملك بطاقة هوية صادرة عن الحكومة في الأماكن المغلقة، لكن يجب أن يقترن ذلك بالقيود المفروضة على التنقل بين المناطق، وها قد حان الوقت للقيام بذلك.
الشيء نفسه ينطبق على التطعيم. فموقف الحكومة المركزية هو أن التطعيم متاح للجميع (إذا كان بإمكانك العثور على حقنة)، ولكن سيتعين على الأفراد أو الدول دفع ثمنها. وستكون النتيجة أن أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها سيحصلون على التطعيم وستغطي بعض الولايات الباقي، لكن الناس في أماكن أخرى سيكونون بمفردهم. إن من شأن توفير التطعيم المجاني للجميع وتخصيص ما يكفي من القطاعات الإدارية والموارد البشرية لتحقيق ذلك أن يطمئن البلاد ويهدّئ من روعها وقد يحمي العالم.
كانت الحكومات الأخرى أيضاً بطيئة في الرد على كارثة الهند التي تكشفت، حيث كانت إدارة بايدن أعلنت أنها لن ترسل لقاحات ومساعدات طارئة إلى الهند إلا في أواخر أبريل، بعد أكثر من أسبوع من تجاوز الحصيلة اليومية رقم 300 ألف حالة. المشكلة الآن بلغت من الضخامة أن تأثير المساعدات الخارجية بات ضئيلاً نسبياً. وبالطبع لا ينبغي أن يمنع ذلك الولايات المتحدة وأوروبا من إرسال اللقاحات والأكسجين والمال إلى الهند، لكن العالم بحاجة إلى النظر إلى ما وراء الهند وتجنب خطأ آخر في التوقيت.
المتحور «B.1.617» الذي تم العثور عليه لأول مرة في الهند ينتشر الآن خارج البلاد. ففي الهند يبدو أن بعض الأشخاص الذين تم تطعيمهم قد أُصيبوا بالعدوى، وسيكون من الحماقة افتراض أن اللقاحات «الأفضل» المتوفرة في الغرب ستنقذنا حتماً. فالقادة والعلماء في حاجة إلى معرفة ما يجب فعله لمكافحة الفيروس المتحور، ويشمل ذلك الحقن المعززة، واللقاحات الجديدة، والأقنعة، وإبطاء عمليات إعادة الفتح.
ومع ذلك، فإن الأهم من ذلك أنه يجب أن نتوقع احتمال انتشار الفيروس عبر أفريقيا، حيث أصبحت حملة التطعيم، التي بدأت مؤخراً وبالكاد، مهدَّدة الآن بسبب الوضع في الهند، التي توقفت عن تصدير اللقاحات التي كانت يعتمد عليها كثير من الدول.
سيؤدي هذا إلى كارثة في البلدان التي تكون فيها إمدادات الأكسجين وأسرّة المستشفيات محدودة للغاية، حيث تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى الاستعداد للعمل بسرعة عند الضرورة. وهذا يعني شحن اللقاحات وصنعها في أسرع وقت ممكن، وربما بشكل أكثر إلحاحاً، وهو ما يعني الاستثمار في المراقبة والاختبار على المستوى العالمي، والاستعداد لشحن الأكسجين والمعدات وتقديم الدعم المالي للأشخاص الموجودين في الحجر الصحي. قد يمنحنا الاستعداد الآن فرصة وسط المعركة لتجنب تكرار كابوس الهند.”الشرق الأوسط”


تعليقات الموقع