التقييم الدوري من أفضل طرق التحفيز والتحسين والتطوير المؤسسي

تقييم الخدمات الذكية

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي: كاتب إماراتي

تقييم الخدمات الذكية

 

 

لو لم يكن هناك تقييم لأي تجربة إنسانية، فإنه في المقابل لن يكن هناك حديث عن تطوير أو تعديل لأي مسار تنموي في أي دولة. وفي الوقت نفسه فإن التقييم الدوري هو من أفضل طرق التحفيز والتحسين والتطوير المؤسسي كما تشير إليه نظريات علم الإدارة خاصة إذا كانت المؤسسات مرتبطة بخدمة الجمهور.
بل إن أفضل الدول في تقديم الخدمات هي التي تقوم حكوماتها بإشراك الجمهور في تقييم الخدمة التي تقدمها المؤسسات باعتبار أن الجمهور يلعب أحياناً كثيرة دور “المستشار الفني”، وفي عالمنا اليوم فإن الكل يسعى إلى الابتعاد أو التقليل قدر الإمكان من الروتين الإداري أو ما يعرف بالبيروقراطية من خلال إدخال الخدمة الرقمية والذكية ودولة الإمارات واحدة من هذه الدول التي تعمل لأن تكون واحدة من أفضل خمس حكومات في العالم في تقديم خدمة للجمهور و هذا يمكن التأكد منه دون التقييم الدوري.
وعليه فإن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، الأسبوع الماضي، بشأن إجراء تقييم شامل للخدمات الرقمية الذكية المقدمة للجمهور ولمدة ثلاثة أشهر إنما هدفه الأساسي: زرع ثقافة تقدير المجتهدين في تحسين الخدمات، كما أنه تعبير عن شخصية الحكومة التي تسعى دائماً إلى إسعاد مواطنيها والمقيمين فيها أكثر من فكرة محاسبة المقصرين لأننا اليوم في عصر الجمهور الذي يقيم الحكومات من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خاصة إذا تعلق الأمر بخدمة تمسه بشكل يومي ولحظي.
وكتطبيق عملي في بند تقييم الخدمات الرقمية المقدمة للجمهور، أذكر تغريدة لأحد المستفيدين من خدمة تقدمها إحدى المؤسسات الكبيرة في الدولة عندما ملَ من كثرة الاتصال بالمؤسسة من أجل تقديم شكوى بسبب الرد الالكتروني والتحويلات التي يقوم بها دون نتيجة فما كان منه إلا أن غرد متسائلاً عن الهدف من الرد الإلكتروني أو الذكي حينها تجاوبت الشركة وتواصلت معه ليس لحل المشكلة ولكن من أجل سحب التغريدة ولكن كان موقفه واضح وصريح بأن الغاية التي أسعى إليها: هو تحسين الخدمة بما يتوافق وهدف حكومة دولة الإمارات وهو إسعاد الإنسان الإماراتي وليس الإساءة للمؤسسة.
فالفكرة هنا أن بين تلك التغريدة التي ضجت في وقتها وبين توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اليوم رابط مهم وهو الحفاظ على قصص نجاح مؤسساتنا الوطنية من خلال تقييم التجربة بين فترة وأخرى ومن الجمهور وإلا سنتراجع. ويكون التقييم أكثر قيمة وأثراً عندما يأتي من المستفيد مباشرة لأنه يعيش التجربة ويشعر بها أكثر من هو ينظر عليها من بعيد أما رفض التقييم أو النقد هو كمن يخلق “قدسية” للمؤسسة وهذا غير موجود في العمل الحكومي لأن يعني بداية النهاية.
تبرز القيمة الإدارية للخدمات الحكومية في مدى تحقيق “الرضا” لدى الجمهور من خلال تسهيل الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات، بعيداً عن الروتين الإداري القاتل. وبقدر ما بات الحديث اليوم عن إدخال تطبيقات الكترونية في إنجاز الخدمات إلا أنه يبقى الجمهور هو الذي يحدد هل فعلاً ما حدث ساهم في تسهيل الخدمة عليه وتوفير الوقت والجهد والمال أم أن الأمر ليس كما يتم الحديث عنه، وأن الخدمات الإلكترونية مجرد حديث إعلامي عابر.
تبدو توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإجراء تقييم شامل للخدمات الذكية بمثابة تحفيز إيجابي للمؤسسات على تطوير خدماتها وعدم التراخي والاعتقاد بأن الوصول للقمة هو الهدف النهائي مع أن تكملة القاعدة الإدارية الحفاظ على القمة هو الأصعب.

 


تعليقات الموقع