أطول حرب..استمرت 335 عاماً دون وقوع إصابات

منوعات

 

على مدار تاريخها، عاشت البشرية على وقع العديد من الحروب الدامية التي أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وفي أغلب الأحيان، استمرت هذه الحروب التي خاضها البشر لأشهر أو لسنوات وامتدت في أحيان أخرى لعقود قبل أن تعرف نهايتها باتفاقيات سلام.
وخلال عدد من المرات خرجت بعض الحروب عن المألوف فاختلفت من حيث مدتها وعدد ضحاياها. وبينما استمرت الحرب الزنجبارية الإنجليزية عام 1896 لمدة 38 دقيقة فقط، امتدت الحرب التي جمعت بين جزر سيلي (Isles of Scilly) وهولندا لمدة 335 عاما دون أن تسفر عن سقوط أي قتيل.
وتعود أسباب اندلاع هذا النزاع الذي استمر لقرون لفترة الحرب الأهلية الإنجليزية الثانية التي اندلعت عام 1642 بين البرلمانيين والملكيين. وأثناء هذه الحرب التي استمرت لحوالي 9 سنوات، طارد أوليفر كرومويل (Oliver Cromwell) الملكيين ودفع بهم إلى حدود إنجلترا جاعلا من منطقة كورنوال (Cornwall) آخر معقل لهم. وفي خضم هذه الأحداث، أجبر الجيش الملكي على الانسحاب نحو جزر سيلي القابعة تحت سلطة السير جون غرانفيل (John Granville).
في الأثناء، نالت هولندا استقلالها عن إسبانيا عام 1648 عقب معاهدة مونستر (Münster) التي وقعت يوم 30 يناير/جانفي 1648. وخلال حرب الثمانين عاما التي استمرت ما بين عامي 1568 و1648، نالت هولندا مساعدات هامة من الإنجليز حيث توالى ملوك إنجلترا، بداية من الملكة إليزابيث الأولى (Elizabeth I)، على مد يد العون للهولنديين في حربهم ضد الإسبان. ومع اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية الثانية عام 1642، فضّلت الجيوش الهولندية الوقوف لجانب البرلمانيين بدلا من الملكيين عقب إيمانهم بحتمية انتصار أتباع أوليفر كرومويل بالحرب.
إلى ذلك، عانت البحرية الهولندية من خسائر كبيرة على يد الملكيين المتمركزين بجزر سيلي. وللرد على ذلك، أرسل الهولنديون الأميرال مارتن هاربرتزون ترومب (Maarten Harpertszoon Tromp) لقمع الملكيين بالمنطقة. وحال قدومه مصحوبا بأسطوله يوم 30 مارس 1651، طالب الأميرال ترومب الملكيين بتقديم تعويضات عن اعتراضهم وتخريبهم للسفن الهولندية. ومع عدم حصوله على رغبته، أعلن الأخير الحرب على جزر سيلي مثيرا بذلك العديد من التساؤلات حول امتلاكه لصلاحيات إعلان الحرب باسم هولندا. وعلى مدار أسابيع، حاصرت السفن الهولندية جزر سيلي دون أن تقوم بأية عملية قصف ضدها.
وبعد نحو 3 أشهر من إعلان ترومب الحرب، استسلم الملكيون بجزر سيلي للبرلمانيين معلنين بذلك انتصار البرلمانيين. وتزامنا مع ذلك، رفعت قوات ترومب الحصار عن جزر سيلي وانسحبت من المنطقة دون توقيع أية اتفاقية سلام متناسية بذلك إعلان الحرب الذي صدر باسم هولندا منذ بضعة أشهر.
إلى ذلك، ضاعت قصة هذا النزاع بين طيّات التاريخ لأكثر من ثلاثة قرون. فبعد نحو 335 عاما، تفطن المؤرخ روي دونكن (Roy Duncan)، بحزر سيلي، لعدم وجود معاهدة سلام بين هذه المنطقة وهولندا. وبسبب ذلك، كانت حالة الحرب مستمرة بين جزر سيلي والهولنديين.
ومع مراسلته لسفارة هولندا بلندن حول هذه الواقعة، حل السفير الهولندي رين هويديكوبر (Rein Huydecoper) بجزر سيلي ليعلن يوم 17 ابريل 1986 رسميا نهاية هذه الحرب التي استمرت 335 عاما دون أن تسفر عن سقوط أية إصابات.وكالات


تعليقات الموقع