مقتل زعيم “بوكو حرام” ومستقبل الاستقرار في الغرب الأفريقي

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية
مقتل زعيم “بوكو حرام” ومستقبل الاستقرار في الغرب الأفريقي

 

ليس من المتصور أن يكون مقتل زعيم جماعة “بوكو حرام” أبو بكر شيكاو، الذي فجّر نفسه لتجنب القبض عليه من قِبل مقاتلي “تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا”، في معقله شمال شرق نيجيريا، خطوة لاستتباب الاستقرار في منطقة بحيرة تشاد التي تشمل المناطق الحدودية بين نيجيريا والنيجر وتشاد في الغرب الأفريقي، والتي تعد وفقاً لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020، واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم ومن الدول الأقل سلماً في أفريقيا.
وتعد جماعة “بوكو حرام” من أشرس الجماعات الإرهابية وأكثرها عدوانية، تنشط في شمال شرق نيجيريا وأجزاء من الدول المجاورة في حوض بحيرة تشاد، وبين الأعوام 2013 و2015 سيطرت على جزء كبير من ولاية بورنو النيجيرية، وامتد نشاطها إلى المناطق الحدودية المجاورة للنيجر وتشاد والكاميرون.
ومع ذلك، تعرضت الجماعة لتحديات متزايدة بعد انفصال مقاتلين عنها في عام 2016، وتشكيلهم “تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، ومبايعتهم لـ”تنظيم الدولة الإسلامية”، ومنذ ذلك الحين احتدم الصراع على السلطة بين الجماعتين.
ومن البديهي أن تضعف قوة الجماعة بمقتل قائدها؛ الذي كان ممسكاً بمفاصلها كلها منذ أن حلّ خلفاً للقائد السابق محمد يوسف، الذي قُتل عام 2009، وبالتالي فإن “أبو بكر شيكاو” لن يكون بمثل قوته، حيث عُرف بعنفه الشديد إلى درجة أفقدته حلفاءه.
وقد يشكل مقتل شيكاو فرصة للجيش النيجيري؛ ليقوم بمراجعة عسكرية للمواجهات التي يخوضها ضد هذه الجماعات، والتي لم تفلح في وقف تدفق الأسلحة لهم، أو وقف تمويلهم، أو اعتقال قياداتهم، أو قتلهم. خاصة أنه قد ينشب اقتتال داخلي بين “بوكو حرام”، و”تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، ويؤدي إلى إضعاف التنظيمين معاً، ما يتطلب من الجيش النيجيري سرعة التحرك والخروج من معسكراته التي يتحصن بها وعدم الاكتفاء بالضربات الجوية، ومباغتة الجماعات الإرهابية بضربات قاصمة.
لكن في المقابل، وبرغم الارتياح الذي أبدته الحكومة النيجيرية بعد التخلص من الإرهابي الأكثر شهرة في البلاد، فإن وفاة شيكاو قد تتسبب في حدوث المزيد من المشكلات للحكومة، وتدفع بالجماعات المتطرفة إلى إعادة توحيد صفوفها، خصوصاً أن “تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا” يسعى إلى استيعاب مقاتلي “بوكو حرام” والسيطرة على معسكراتهم، ومن المحتمل حينئذٍ أن يواجه الجيش النيجيري قوة إرهابية أكثر توحيداً.
وفي هذا الإطار، قد تشهد منطقة بحيرة تشاد تنامياً لنفوذ “تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا”، خاصة إذا تمكّن التنظيم من السيطرة على مقاتلي “بوكو حرام” حيث ستتكون وقتذاك “قوة إرهابية كبيرة” تمثل تحدياً لحكومات دول المنطقة كلها وليس للحكومة النيجيرية فقط. وهو ما يثير قلقاً دولياً وإقليمياً، لاسيما أن التنظيم يمتلك بالفعل القوة الكافية لإخضاع “بوكو حرام”، وللسيطرة على أراضٍ جديدة، ما سيشكل منعطفاً رئيسياً في أوضاع المنطقة التي تشهد نشاطاً للجماعات الإسلامية بدأته جماعة “بوكو حرام” منذ 12 عاماً.
وفي الأحوال كلها، لن يكون الحل النهائي لعنف الجماعات الإسلامية متاحاً، دون التنسيق بين دول المنطقة، والعمل على إزالة ما يمكّن الإرهاب من الانتشار، ومعالجة المظالم؛ التي تتمحور حول عدم المساواة، والفقر، والفصل العنصري، والعمل على تأمين برامج تنمية ملموسة النتائج، توفر فرص عمل للناس، وتحقق الاستقرار السياسي، وتحول دون تعرض الأفراد للاستغلال والتجنيد والاستهداف من قِبل تلك الجماعات.
وعلى المدى البعيد، لن يتحقق الاستقرار في دول بحيرة تشاد ما لم يتم تعزيز وجود الدولة هناك، والعمل على ضمان التوزيع العادل للموارد بين الجماعات العرقية والدينية المتنوعة.


تعليقات الموقع