قراءة في ندوة "تريندز" حول الانتخابات البرلمانية

العراقيون يرسمون خريطة طريق جديدة لمستقبل بلادهم

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي: كاتب إماراتي

 

العراقيون يرسمون خريطة طريق جديدة لمستقبل بلادهم

 

 

 

يقف العراق اليوم الأحد الموافق 10 أكتوبر 2021 على موعد انتخابي جديد بعد حراك شعبي منذ عامين، كان مطلبه الأساسي حل مجلس النواب “البرلمان” وإجراء انتخابات مبكرة. وبناءً عليه تم الاتفاق على العاشر من أكتوبر بأن يكون هو اليوم المحدد. وبعد أن تأكد للجميع أن الموعد المقرر لن يتغير كما حدث في المرة الأولى عندما حدد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي موعد السادس من يونيو 2021 ولكن تم تأجيله إلى الموعد الحالي ليكون نهائياً.

بدأت الأحزاب والكتل السياسية تنظيم صفوفها وبرامجها الانتخابية للتنافس على المقاعد، وبين الحراك الشعبي “التشرينيين” وموعد الانتخابات تم التصويت على قانون الانتخابات الجديد الذي تغير كثيراً عما كان عليه قبل ذلك؛ ما جعل توقعات المراقبين ومنهم مختصون في “ندوة مركز ترينذز للبحوث والاستشارات”، بأن تكون غامضة وصعبة، ومن بين التغيرات تقسيم العراق إلى “83” دائرة انتخابية.

التقرير التالي الذي يرافق الانتخابات البرلمانية العراقية اليوم يستعرض الاستعدادات التي سبقت هذه الانتخابات التي تعتبر مفصلية، وتلقى اهتمام المجتمع الدولي بأكمله. وذلك على خلفية الندوة التي عقدها، إلكترونياً عن بُعد، مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” يوم الثلاثاء 05 أكتوبر 2021 حول الانتخابات العراقية، وحملت عنوان: “الانتخابات البرلمانية العراقية 2021.. التحديات والفرص”.

ورغم كل الإجراءات التي اتخذتها حكومة الكاظمي بشأن تشجيع الناخبين على المشاركة والتفاعل مع هذه الانتخابات، وكان آخرها بيان مرجعية النجف السيد علي السيستاني بتاريخ 29 سبتمبر الماضي، فإن المشهد لا يزال يسيطر عليه عدم اليقين فيما سيحدث، فقد أجمع ضيوف الندوة وهم من الباحثين المختصين في الشأن العراقي على أنه من الصعب على أي باحث علمي أن يتوقع ما سيحدث في هذه الانتخابات، غير أن هناك تحولات جديدة ستحدث في المشهد السياسي العراقي. وأن خريطة القوى السياسية المحتملة لتشكيل الحكومة القادمة لن تكون هي نفسها، وربما سنشهد مزيداً من الحراك الشعبي في فترة ما بعد الانتخابات انعكاساً لما حدث خلال العامين الماضيين.

ويستعرض التقرير التالي أهم الأفكار والقراءات من ندوة “تريندز”، ومن المناقشات التي طرحت على هامش الندوة والتي يمكن اعتبارها “خريطة الطريق” لمن يريد أن يفهم مسارات الانتخابات العراقية التي تجري اليوم.

 

معلومات أساسية حول الانتخابات:

83  دائرة تم تقسيم العراق إلى 83 دائرة انتخابية

25 %  هي الكوتا النسائية المقررة من عدد المقاعد البرلمانية 329

329     عدد المقاعد في البرلمان العراقي

8273  عدد مراكز الانتخابات

55041 عدد المحطات المتفرعة من المراكز الانتخابية

450     ناخباً في كل محطة

24  مليوناً عدد الناخبين المسجلين

10  أكتوبر 2021 موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة

24  ساعة هي الفترة الزمنية المقررة لإعلان نتائج الانتخابات من إغلاق باب الاقتراع

 

بيان المرجعية الشيعية

حث المرجع الديني العراقي علي السيستاني العراقيين على المشاركة الواسعة في انتخابات اليوم، وأكد، وفق بيان أصدره مكتبه يوم الأربعاء الماضي على:

عدم مساندته “أي مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق”.

أن “المرجعية الدينية العليا تشجع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة”.

 

 

 

 

الدكتور بلال وهاب:

زميل ناثان واستير ك. واغنر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بالولايات المتحدة

 

مسألة عقد الانتخابات هي من بين المخرجات التي نتجت عن قوة الشارع العراقي، وخصوصاً الشباب العراقي؛ ففي 2018 جرت انتخابات تشريعية جاءت بآليات سياسية أدت إلى وصول قوى جديدة في البرلمان العراقي، وهذا أدى إلى تغيير موازين القوى؛ ما ترتب على ذلك من حدوث العديد من الانشقاقات والانقسامات. والأهم من كل هذا أن هناك بزوغاً حول القوى المنقسمة حول الميليشيات ودخولها الانتخابات وأن تكون لها موطئ قدم في البرلمان العراقي، وهذا أدى إلى انتشار الفساد وزيادة الانقسام الذي شهده العراق منذ 2005 عند حدوث أول انتخابات. لذلك، أهم شيء غير منسجم في العراق هو أن هناك نظاماً سياسياً كان مصمماً في الأساس من قِبل هذه القوى التي تخشى أن تمارس الحوكمة؛ لذلك فمنذ 2005 والحكومات المتتالية لم تنجح في إدارة البلاد؛ وبالتالي المطلوب عدم استمرار هذا الوضع والعمل على الاستفادة من ثروات العراق لتحقيق الازدهار، والأهم من ذلك ترجمة تلك الثروات لخدمة الشعب العراقي، وخاصة الشباب الذين يمثلون أكثر من 60%، وهم أقل من 25 سنة.

المشكلة الأساسية هي وجود نظام انتخابي غير ناجح في مقابل شباب حيوي يريد أن يلبي هذا النشاط الانتخابي تطلعاته، وخصوصاً أن شباب العراق يدرك أن للعراق عوائد تقدر بمليارات مقابل تصديره للنفط، ومن بين تلك المشاكل أن هذا النظام الانتخابي سمح بأن يشارك الجميع في هذه الانتخابات، دون أن يكون للمعارضة أي دور يذكر، فانتشر الفساد السياسي والمالي؛ لأنه لا توجد حوكمة حقيقية. ويعتبر ما حدث في أكتوبر 2019 أهم تطور في رفض آلية تنظيم الانتخابات، وكانت هناك احتجاجات في الوسط وجنوب العراق، فتغيرت قواعد اللعبة السياسية، وأُجبرت حكومة عبد المهدي على الاستقالة، وجاءت حكومة الكاظمي الذي اتخذ قرار الانتخابات المبكرة والتي ستبدأ الأسبوع القادم؛ نتيجة لحراك الشباب الذين شعروا أنهم تم إقصاؤهم من الانتخابات؛ لذلك أوجدوا طريقة جديدة للضغط والمطالبة بتحقيق أهدافهم وهذا أمر يقر به الجميع.

وهناك أمر آخر دفع بالشباب إلى التظاهر، وهو وجود الميليشيات في البرلمان ما جعل البرلمان يفقد شرعيته، خاصة بعد أن تبين للجميع أن هناك نفوذاً خارجياً في البرلمان العراقي يخدمون أجندة خارجية.

 

 

الدكتور منقذ داغر:

 

مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعضو مجلس إدارة مؤسسة جالوب الدولية

 

للأسف خلال الفترة من 2003 إلى اليوم لم يستطع النظام العراقي أن يستجيب لعملية التغيير التي كان يرغب فيها العراقيون؛ ما أدى إلى حدوث الحركة الاحتجاجية التي أدت إلى إسقاط الحكومة لأول مرة في تاريخ العراق، لكن المفارقة التي حدثت أن الشباب المنتصر في أحداث أكتوبر كان من ضمن مطالبه في تلك الأحداث إجراء الانتخابات المبكرة، والتي وقفت القوى السياسية ضد هذا الطلب، ولكن تحت ضغط الشارع وافقت على إجراء الانتخابات المبكرة، والمفارقة هنا أن الشباب هم الذين يقاطعون الانتخابات المبكرة أو أنهم أعلنوا عن مقاطعتها، بل من الممكن إذا صعّدوا الاحتجاجات يوم الانتخابات لتقليل فرص المشاركة، خلافاً للقوى السياسية التي كانت قد رفضت الانتخابات المبكرة، حيث صارت هي الأكثر إلحاحاً لإجراء الانتخابات المبكرة.

وهذا مؤشر غير صحي في حقيقة الأمر؛ لأن الانتخابات جاءت لتلبية حاجة التغيير؛ فإذا كانت الجهة الطالبة للتغيير تقاطع هذه الوسيلة فإننا إزاء مشكلة خاصة إذا جاءت النتائج، وهو المتوقع، على عكس رغبات المنتفضين من الشباب؛ ما سيضيف المزيد من الزيت على النار الموجودة تحت الرماد والتي يتوقع أن تعود بقوة بعد الانتخابات نتيجة لما هو متوقع من النتائج. إن عملية الانتخابات التي ستحصل بالدرجة الأساسية ستعتمد على معدل المشاركة في الانتخابات؛ لذلك تجدون، من فترة طويلة لأول مرة، أن المرجعية الشيعية – بزعامة علي السيستاني – ألقت بثقلها لزيادة معدل المشاركة في الانتخابات من خلال البيان الذي أصدرته يوم 29 سبتمبر لغرض تشجيع الناخبين في المناطق الشيعية على المشاركة، وهي المناطق التي شهدت الانتفاضة. وقد جاء موقف المرجعية نتيجة لطلب من الأمم المتحدة والحكومة العراقية وقد استجابت المرجعية الشيعية لهما؛ لأنه بدون زيادة نسبة المشاركة فإن الأحزاب الحالية التي انتفض عليها التشرينيون ستستمر في السلطة، وهذا سيعقد مشهد ما بعد الانتخابات؛ لذلك فإن الهدف من التشجيع على المشاركة هو سحب الفتيل. لكن ما تشير إليه الإحصاءات التي أجريناها، أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات لن تتجاوز أكثر من 5-10% بالمجمل العام.

ولا بد لي أن أقول إن النظام الانتخابي الجديد يجعل من شبه المستحيل لأي باحث أن يتوقع نتائج الانتخابات أو حتى معدل المشاركة، وأستطيع القول إن كل الأرقام التي تقرؤونها ليست أرقاماً حقيقية، ومن الصعب التوقع بطريقة علمية إن لم يكن مستحيلاً، أو تقوم ببحث حقيقي واستطلاع حقيقي يتنبأ بالنتائج، لكننا حاولنا من أربعة استطلاعات مختلفة أن نحاول الوصول إلى أرقام ولو قريبة من الواقع. وهنا لابد من التأكيد على نقطتين: النقطة الأولى، أن مفوضية الانتخابات العليا المستقلة، ونتيجة للضغط الهائل المسلط عليها، ونتيجة لارتفاع مستوى التوقعات منها – تحاول أن تخرج ولو إعلامياً بالقول إنها نجحت في أداء مهمتها وكذلك حكومة الكاظمي؛ لأن مهمته الأساسية أن ينجح في تنظيم هذه الانتخابات.

وأما النقطة الثانية فهي أن نسبة 75% هم المسموح لهم بالانتخابات، وهم ممن يمتلكون البطاقة البايوميترية أو البطاقة الإلكترونية، وأن هناك 12% من العراقيين المؤهلين لدخول الانتخابات تم استبعادهم من الانتخابات؛ لأنهم لا يمتلكون البطاقة الإلكترونية أو البطاقة البايوميترية. المشكلة أن من يمتلكون “البطاقتين الإلكترونية والبايومترية” يمكنهم أن يصوّتوا مرتين؛ المرة الأولى بالبطاقة الالكترونية، والمرة الثانية بالبطاقة البايومترية؛ لذلك أتوقع أن تتراوح نسبة المشاركة في الانتخابات ما بين 35-40% في أحسن حالاتها. ومن الكرد يتراوح المصوتون ما بين 50-60%. أما الشيعة، وبعد بيان السيستاني، فقد ارتفعت نسبة المشاركة عندهم لتصبح 35%، والسُّنة ما بين 30-40%.

بشكل عام لن تسفر الانتخابات عن تغيير حقيقي ليس لأسباب انتخابية؛ بل لأسباب كثيرة. ويتوقع أن تثير الانتخابات الكثير من اللغط؛ لأن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد ثقة بالعملية السياسية، وأن الخاسرين هم من سيقودون عملية التشكيك في النتائج كما هي العادة؛ وعليه فسيجد المقاطعون للانتخابات – وأغلبهم من الشباب – العذر لكي يطعنوا في الانتخابات وفي شرعيتها، وفي هذه المرة ستقود النتائج العراق إلى مصير مجهول.

 

 

 

 

 

الدكتورة هدى شاكر النعيمي

باحثة في مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

أريد أن أبدأ من حيث انتهى الدكتور منقذ، وتحديداً مسألة فقدان الثقة بالنظام السياسي في العراق. أريد أن أؤكد نقطة مهمة أن النظام العراقي استُلب في العام 2003 على نظام المحاصصة على يد مجموعة من الأحزاب الدينية والأثنية والطائفية لتغيير النهج السياسي الذي كان قبل عام 2003، ومن ثم أصبح العراقيون يحسبون أنفسهم على كتل واتجاهات وأعراق وإثنيات، وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون هناك أزمة ثقة حقيقية لدى المواطن العراقي الذي وجد نفسه وقد ضاعت هويته الحقيقية وكذلك الحكومة وحتى المجتمع، وبالتالي يكون من الصعب تكوين إطار ديمقراطي واحد.

الانتخابات ستُجرى في ظل تدخلات خارجية من الشرق ومن الغرب وأن العراق أصبح مستقطباً من قبل دول الجوار ومن قبل الدول الكبرى، وبالتالي سنشهد مزيداً من التدخل في العملية الانتخابية القادمة، وحتى فترة ما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة القادمة، ومن سيكون سباقاً في تشكيل تحالفات لتشكيل الكتلة الأكبر.

هناك تدنٍّ في الثقافة السياسية في المجتمع العراقي، بل حتى على مستوى “الفرقاء” السياسيين؛ فهم يفتقرون إلى الثقافة السياسية والكفاءة، وبالتالي وجدنا من خلال المحاصصة أطراً وأدوات إدارية لا تستطيع النهوض بمؤسسة مدنية أو دولة مدنية بعد سنوات من مسار مستبد وديكتاتورية، فتحول الأمر من استبداد فردي إلى استبداد جماعي لأحزاب وجماعات.

وبدت المحاصصة تروق للأحزاب والجماعات وبدأت تتحدث أن من حقها أن يكون لها نصيب وفقاً لعددها في المجتمع، ولكن المشكلة في أصلها مشكلة دستورية وقع فيها الدستور العراقي الجديد بإقراره أن يكون لكل مكون أو كل طيف من الأطياف العراقية حصة سياسية، وبالتالي تحولت هذه الحصص إلى سياسة توافقية؛ وهذا يعني أن ما يحدث في المشهد الانتخابي هو نتيجة لتوافقات في الغرف المغلقة، فهذا يتنازل لهذا مقابل أنه يوعد بحصة سياسية ومجموعة من المزايا.

إن الفساد في العراق استشرى وأصبح مؤسساتياً؛ فلم نعد نواجه حالة أو حالتين وإنما أصبح عاماً وشاملاً ويشمل كل مفاصل الدولة حقيقة، وقد أثر في عمليات الاستثمار وفي عملية الإعمار بشكل عام، وبالتالي أصبح البلد أسيراً لهذه النكبة التي أثر ت على عمليات التنمية والحياة عموماً. وهذا يؤدي بنا إلى الحديث عن بروز الميليشيات ودورها الواسع في العملية السياسية، وقد أصبح لديها تجارة وعلاقات خارجية وأصبح لبعض الأحزاب فصائل مسلحة وأصبح لديها دور في تشكيل السياسية ولها دور مستقبلي في أن يكون لها حضور في البرلمان القادم، وبالتالي صنع القرار، وربما اتخاذه أيضاً.

هناك قوى أخرى بدأت في الظهور وهي القبائل والعشائر، وبدأ السياسيون يجاملونهم كي يوجهوا أفراد القبيلة للتصويت لهم، وهذا كله في إطار مصالح متبادلة، وهذا يؤكد غياب دولة المؤسسات في العراق، وبات الكل يأخذ من العراق من الطرف الذي يحلو له، إنهم فرقاء مختلفون ومتصارعون، ولكنهم في تقسيم المصالح العراقية متحابون ومتصالحون.

 

 

 

الدكتور علاء الدين دلاوير

 

 

نحن – العراقيين – بكل مكوناتنا فشلنا في ترسيخ الديمقراطية وترجمة الدستور إلى خريطة الطريق نحو سيادة القانون. الانتخابات مهمة، فلولاها لاستمر نوري المالكي في الحكم لأكثر من عقد، فهي “أي الانتخابات” تعني الكثير بالنسبة إلينا. وشرعية الانتخابات بالنسبة للسلطة ليست مهمة بالدرجة التي يتوقعها المراقبون الأجانب. وبالتالي فمسألة نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات لا تعني شيئاً لتغيير اللعبة السياسية. ورغم تغيير قواعد اللعبة الانتخابية، ومنها القانون الانتخابي، فإن اللعبة لم تتغير. وعليه، فإن إفرازات الانتخابات المقبلة هي: سيبقى اللاعبون وأهل السلطة أنفسهم هم المحركون الذين يحددون الأجندة، ولكن بأعداد مختلفة؛ أي إن الصورة الكبيرة لن تتغير ولكن الصورة الصغيرة، أي المناطق والأقاليم، ستتغير وستكون هناك مفاجآت بالنسبة لمن سيكون الفائز في الانتخابات.

المشهد العام يشير إلى أن الكتلة الصدرية في المكون الشيعي هي الأكثر تماسكاً، وبالتالي سيقل عدد أعضائها في البرلمان ولكن سيبقون هم الأغلبية. وينافسهم تحالف “الفتح” وهو أقل تماسكاً من الصدر، ولكنه أكثر من “الحكمة” و”دولة القانون”. وبالتالي فإن من سيشكل الحكومة هم الصدريون والفتح الذين سيأتون في المرتبة الثانية لأنهم الأقرب للفوز. أما السُّنة فإن الحلبوسي الذي يتزعم حلف “تقدم” هو من سيحصل على نصيب الأسد في الانتخابات القادمة. أما “العزم” بقيادة الخنجر وبعض الكتل الصغيرة فسيتنافسون على باقي المقاعد. ولو انتقلنا إلى المشهد الكردي، فهو الآخر لن يشهد تغييراً كبيراً، فالحزب الديمقراطي الكردستاني ستكون له الأفضلية، والبقية سيكون لهم نصيب ويجلسون على الطاولة المستديرة فيمن سيحكم العراق؛ لأن منصب الرئيس يذهب، بحسب المحاصصة، إلى الأكراد.

 

 

 

رغم أن هناك أسماء عديدة مطروحة لتشكيل الحكومة المقبلة إلا أن حظوظ مصطفى الكاظمي هي الأوفر، وهذا نتيجة لعوامل داخلية وخارجية، فبالإضافة إلى إنجازاته السياسية والاقتصادية، هناك حالة من الإجماع العام على أنه الشخصية الأنسب لقيادة العراق خلال الأعوام الأربعة المقبلة على الأقل.

هناك حالة من القلق تسيطر على العامة بأن يخسر “التشرينيون” هذه الانتخابات أمام القوى التقليدية، بسبب إعلانهم عدم المشاركة، إلا أن عامل المفاجأة يبقى وارداً في ذلك اليوم بأن يشاركوا بقوة؛ فالكل يترقب “اللامتوقع”.

طبيعي ألا يحدث تغيير كبير في الخريطة السياسية العراقية، ولكن التغيير ربما يحدث في عدد مقاعد الكتل الكبيرة، وهذا أمر وارد وهذا ناتج من الإجراءات الدستورية والتنظيمية التي عملتها الحكومة العراقية خلال الفترة الماضية.

مع أنها الانتخابات الأكثر غموضاً في توقّع نتائجها، إلا أن ما فعلته “ثورة تشرين 2019” تؤكد أن إحساس البرلمانيين وكذلك السياسيون بحجم المسؤولية الوطنية سيزداد، لسببين: الأول، أن النواب المستقلين سيكونون مسؤولين أمام الشعب، والثاني، أن الشارع العراقي بدأ يمثل قوة ضغط لصالح عودة سيادة الدولة.

هناك قوى سياسية عراقية ستغيب عن المشهد السياسي القادم، والسبب أنها لم تعد مقبولة في الشارع، مثل مرجعية النجف، ولا مقبولة دولياً نتيجة لممارسات طائفية في دولة عُرف عنها العيش المشترك لكل مكوناته المجتمعية.

 


تعليقات الموقع