يعوّل الليبيون والمجتمع الدولي على هذا الاستحقاق المصيري لإنهاء المرحلة الانتقالية وانتخاب سلطة جديدة

مستقبل المسار السياسي بــــ”ليبيا” في ظل تفاقم الخلافات حول الانتخابات

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
6874-etisalat-family-plan-campaign-728x90-ar

 

اتجاهات مستقبلية 

مستقبل المسار السياسي بــــ”ليبيا” في ظل تفاقم الخلافات حول الانتخابات

 

 

 

يبدو أن إجراء الانتخابات الليبية المقررة في 24 ديسمبر المقبل على المحك، في ظل تفاقم الخلافات بين طرفي الأزمة الرئيسيين؛ وهما مجلس النواب المنتخب في طبرق والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس، وهذا يلقي بظلاله ليس فقط على حالة الهدوء أو الاستقرار النسبي و”الهش” الذي تحقق منذ وقف إطلاق النار بين الطرفين في أكتوبر 2020، بل على مستقبل المسار السياسي في البلاد برمته أيضاً؛ حيث يعول الليبيون ومعهم المجتمع الدولي على الانتخابات القادمة لإنقاذ البلاد من الوضع الصعب الذي تعيشه منذ عام 2011.

يتمحور الخلاف بين الطرفين الرئيسيين في الأزمة الليبية حول قانونيّ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والقاعدة الدستورية التي ستجري عليها ومسألة تزامن الانتخابات البرلمانية والرئاسية؛ فقد تبنى مجلس النواب الليبي في 9 سبتمبر الماضي قانون الانتخابات الرئاسية المكون من 77 مادة، وقد أثير الجدل حول المادة رقم 12 منه والتي تنص على “إمكانية ترشح العسكري العامل بشرط “توقفه عن العمل وممارسة مهامه قبل ثلاث أشهر من موعد الانتخابات وإذا لم يُنتخَب يعود لعمله السابق”، وقد رفض المجلس الأعلى هذا القانون بحجة أنه وُضع بشكل يخدم المشير خليفة حفتر؛ بل ذهب أبعد من ذلك عندما هدد أعضاؤه بأنهم لن يسمحوا بانتخاب حفتر رئيساً للبلاد، وهذا بالطبع تصعيد خطير. ووفقاً للمادة الجديدة، فقد جمَّد بالفعل المشير خليفة حفتر مهامه مؤقتاً ونقلها لرئيس أركان القوات المسلحة تمهيداً لترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، حيث سيكون من أقوى المرشحين.

كما يوجد خلاف حول قانون الانتخابات التشريعية الذي أقره مجلس النواب يوم 4 أكتوبر، حيث ينص على أن تجري الانتخابات البرلمانية بعد ثلاثين يوماً من انتخاب رئيس البلاد، وقد رفض المجلس الأعلى وعدد من الأحزاب هذا القانون أيضاً، معللين ذلك بأنه لا يمكن لرئيس البلاد الجديد أن يقسم أمام مجلس انتهت ولايته، والقلق – كما يقولون – من أن يقوم الرئيس المنتخب بتعطيل الانتخابات البرلمانية، وهي تكهنات لا يوجد ما يؤيدها على أرض الواقع.

والمجلس الأعلى بالطبع ليس صاحب الاختصاص في التشريع وإصدار القوانين، بموجب ما تم الاتفاق عليه في وثيقة البرنامج السياسي الوطني للمرحلة الانتقالية للحل الشامل، التي أُنجِزت تحت رعاية الأمم المتحدة أواخر عام 2020، حيث تنحصر هذه المهمة في مجلس النواب بطبرق؛ ولكنه يستند إلى ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة نفسها من ضرورة مراعاة مبدأ التوافق والتشاور بين المجلسين بشأن الانتخابات المقبلة، ولاسيما القاعدة الدستورية التي كانت محور الخلاف منذ البداية. وقد تمت بالفعل مشاورات ومحادثات بين الطرفين على مدار أشهر بشكل مباشر وبدون وساطات، وأحياناً تحت رعاية الأمم المتحدة أيضاً، وكانت هناك كذلك محاولات من بعض الدول الإقليمية والدولية لتقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق، ولكن لم يتم الاتفاق لا على القاعدة الدستورية ولا على المواد الخاصة بشروط الترشح أو تزامن الانتخابات من عدمه، وهو ما دفع مجلس النواب إلى القيام بدوره التشريعي والإسراع بتبني القانونين، خاصة وأن أي تأخير في إصدارهما يعني ببساطة تأجيل الانتخابات، وهناك شبه إجماع داخل ليبيا وخارجها على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها؛ لأن تأجليها سينطوي على مخاطر حقيقية، وستكون له تداعيات على الوضع الأمني، إذ لا يُستَبعد انهيار وقف إطلاق النار، كما سيعرقل خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، والذي يعتبر أمراً أساسياً لتحقيق الاستقرار؛ ولهذا كله يعوّل الليبيون والمجتمع الدولي على هذا الاستحقاق المصيري لإنهاء المرحلة الانتقالية وانتخاب سلطة جديدة من قبل الشعب مباشرة تحظى بالشرعية الكاملة وقادرة على إخراج البلاد من النفق الذي دخلت فيه منذ عشر سنوات.


تعليقات الموقع