تبقى رؤية القيادة السياسية وطريقة تفكيرها في فلسفة بناء الدولة العامل الأهم الذي ساعد الإمارات على التميّز اللافت

الاجتماع الأول في الخمسين الجديدة

الرئيسية مقالات
بقلم: محمد خلفان الصوافي

 

 

الاجتماع الأول في الخمسين الجديدة

 

 

 

أعادت مخرجات الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في العام الجديد وفي الخمسين الجديدة والذي ترأسه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، يوم الجمعة، الحديث عن أسباب تميز دولة الإمارات واستمراريتها في تسجيل الأرقام التنموية القياسية رغم عدم توقف التحديات العالمية، وعلى رأسها جائحة “كوفيد 19” ومتحوراتها.

ولعل من أبرز تلك المخرجات كما أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد “لأن هناك العديد التفاصيل” تغيير منهجية عمل الحكومة الاتحادية بشكل كامل، وهذا التغيير سيشمل كل المجالات بما فيها المجال الرياضي، الذي هو اليوم أحد مؤشرات تقدم المجتمعات. وسيكون هذا التغيير بالطريقة التي تركز على الأولويات الوطنية والتي تقوم على المبادئ العشر التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” في سبتمبر من العام 2021.

فحوى هذا الاجتماع يعيد الذاكرة إلى ما قبل خمسين عاماً مضت عندما تم الإعلان عن قيام دولة الإمارات في ديسمبر 1971، وتحولها مباشرة إلى دولة فاعلة في المجتمع الدولي، والبدء في تسجيلها التميز في كل مرحلة من المراحل التنموية حتى أصبحت أنموذج تنموي يحاول الآخرون تقليدها والاهتداء بأفكارها.

قد تكون هناك عوامل ساعدت الإمارات على هذا التميز اللافت للمراقبين وعلى إبهار الرأي العام العالمي في كل مرة، إلا أن العامل المهم والأساسي تبقى رؤية القيادة السياسية وطريقة تفكيرها في فلسفة بناء الدولة والتي تنطلق من مبدأ أن الثروة الحقيقية هو الإنسان والعمل على إسعاده. وبالتالي يبدو لنا من الاجتماع الأول للخمسين الجديدة أنها تتجه نحو مرحلة جديدة من تاريخها المتميز، بجملة من الرهانات المهمة والمتجددة في العمل الحكومي ولكنها لن تخرج عن الهدف الأساسي الذي وضعه الآباء المؤسسون وهو خدمة الإنسان والإنسانية في العالم.

وإذا كانت هناك حقيقة مؤكدة يدركها الجميع ويتفق عليها كل المراقبين في العالم بأن أفكار التطور والتميز أصبحت مرتبطة بدولة الإمارات، فإن البحث عن أسباب ذلك يدفعنا لنعرف أنها أخضعت كل ما تقوم به من أجل الإنسان وسعادته وفي المقابل استعانت بهذا الإنسان أيضاً وأشركته من أجل تحقيق أهدافه وكأنها حددت لنفسها فلسفة وضع كل الأشياء في الخانة الخاصة بها وهو الإنسان لا غير. بل الأجمل في هذه الفلسفة أنها لم تصنف هذا الإنسان ليكون إماراتياً فقط، أو عربياً وإنما فتحت المجال والآفاق ليشمله أينما تواجد في العالم وعليه ليس غريباً أن تستضيف أكثر من 200 جنسية على جغرافيتها المحدودة، كما أن علينا ألا نستغرب قدرتها في إقناع 192 دولة لتشارك لأول مرة في مهرجان إكسبو 2020 دبي والذي تحول إلى “قرية عالمية” تلتقي فيه كل شعوب العالم ويتفاعلون مع بعضهم ويتشاركون المناسبات والأفكار برغم اختلاف الثقافات.

إن الشيء البديهي، اليوم، في دولة الإمارات هو عدم الجمود في العمل الحكومي كونه القاطرة التي تقود التنمية في المجتمعات وإلا سيقتل التميز والإبهار، وعليه يكون الثابت في دولة الإمارات هو التغيير المستمر والمدروس وفق التحديات ومتطلبات الحفاظ على المؤشرات التنموية والمكانة التنافسية بين الدول التي أكسبتها مصداقية عالمية.

من هنا فإن مخرجات اجتماع الحكومة الأخير عادية وبديهية لنا لأنها تتفاعل مع المعطيات الجديدة في الساحة العالمية وفي الوقت نفسه تؤكد على صحة الرؤية التي سارت عليها الدولة خلال فترة الخمسين عاما الماضية. كما أنه بنظرة واقعية فإن الإمارات تقدم بين الحين والآخر درساً إدارياً في تجربتها التنموية وفي كيفية النهوض بالمجتمعات بإمكان الآخرين الاستفادة منه.

 


تعليقات الموقع