الروائح والأصوات هي الخطوة التالية التي تجب مراعاتها عند استخدام الواقع الافتراضي لاختبار تأثير الألوان على متعة المشي

البيئة الحضرية الملونة حتى وإن كانت افتراضية تعزز الشعور بالرفاهية

الرئيسية مقالات
محمود العيسوي:كاتب عربي
6874-etisalat-postpaid-acquisition-promo-2024-728x90-ar

 

البيئة الحضرية الملونة حتى وإن كانت افتراضية تعزز الشعور بالرفاهية

 

 

 

 

 

 

عادةً ما يعاني سكان المناطق الحضرية من غياب اللمسات الجمالية في الشوارع والمناطق العامة، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالإجهاد، على عكس المناطق الغنية بالطبيعة الساحرة، التي تعمل على الشعور بالراحة النفسية، بل والسعادة في كثير من الأحيان، إلا أن السؤال الذي شغل الباحثين كثيرًا هو كيف يمكن الحصول على أفضل ما في هذين الخيارين؟

ولعل أحد الحلول المطروحة، بل المعمول بها بالفعل، زيادة الغطاء النباتي، وإضافة بعض الألوان المبهجة إلى الكتل الخرسانية في المدن، ولكن الحصول على النهج الأفضل لتحقيق هذا المزج قد يمثل أحد الصعوبات التي تحول دون تحقيق ذلك، بما يؤثر على الصحة العامة لسكان المناطق الحضرية.

وفي محاولة للوصول إلى نهج أمثل للمزج بين الطبيعة الساحرة والمناطق الحضرية، لجأ فريق من الباحثين في جامعة ليل الفرنسية إلى دراسة تأثير الغطاء النباتي والأنماط الملونة ضمن مكونات البيئة الحضرية، على مجموعة من المتطوعين، باستخدام تقنية الواقع الافتراضي.

وجدت الدراسة، التي نشرتها دورية “فرونتيرز إن فيرتشوال رياليتي” (Frontiers in Virtual Reality)، أن مشاهدة مساحات خضراء جعلت المتطوعين يسيرون ببطء أكثر، بالإضافة إلى زيادة معدل ضربات القلب، مما يشير إلى أن التجربة كانت ممتعة، وساعدت على زيادة شعورهم بالسعادة، وفي الوقت ذاته، ساعدت الأنماط الملونة على زيادة اليقظة والانبهار والفضول لدى المتطوعين.

تؤكد إيفون ديليفوي توريل -الأستاذة بجامعة ليل، وكبير مؤلفي الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم” أن أهمية الدراسة تكمن في أنها تُظهر إمكانية إضافة بعض التدخلات البسيطة المحتملة لتحسين حياة السكان في المدن، كما تشير إلى قوة الواقع الافتراضي في اختبار تأثير مثل هذه التدخلات.

ووفق البيان الصحفي المرافق للدراسة، فإن “الشوارع المزدحمة والضوضاء والمباني الرمادية الباهتة يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالتعب والإجهاد، وهذا يعني باختصار أن الحياة في المدن يمكن أن تكون ضارةً بالصحة العامة والإحساس بالرفاهية بين سكانها، وربما يكمن حل مثل هذه المشكلات في الطبيعة، التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير في الشعور بالراحة النفسية والتجديد كل يوم”.

وتتمثل إحدى طرق جعل المدن أكثر رفاهيةً في إضافة مساحات خضراء أو أنماط ملونة ضمن مكوناتها الإنشائية، إلا أن زراعة النباتات أو تغطية البنايات بالطلاء الملون -لاختبار هذه الأساليب- من الأمور المكلفة ماديًّا، كما يمكن أن تسبب إزعاجًا للسكان، كما أنه من الصعب دراسة هذه الظواهر في الهواء الطلق بالأماكن المفتوحة، إذ يمكن أن توثر عوامل خارجية على النتائج النهائية.

تقول “ديليفوي”: قياس الشعور بالمتعة والشغف في البيئات الطبيعية من الأمور الصعبة، خاصةً أن ردود أفعال البشر عادةً ما تتأثر بالتغيرات البيئية، مثل الطقس، أو حركة المرور، ولذلك لجأ فريق الدراسة إلى استخدام تقنية الواقع الافتراضي، لقياس ردود الفعل على هذه التدخلات، في منطقة حضرية جرت محاكاتها.

استخدم فريق الدراسة -التي استهدفت متطوعين من طلاب الحرم الجامعي- تقنية الواقع الافتراضي، بمحاكاة منطقة بيئة حضرية صماء، إما من دون مسطحات خضراء، أو في وجود بعض النباتات، كما أضافوا بعض الأنماط الملونة ضمن مسارات البيئة الافتراضية، وتم تزويد كل طالب بنظارة الواقع الافتراضي، مزودةً بأجهزة لتتبُّع نظرة العين.

طلب الباحثون من المتطوعين البدء في السير واستكشاف البيئة الافتراضية التي يشاهدونها عبر نظاراتهم، وتم تحديد الأماكن التي توجه إليها الطلاب، وقياس المدة الزمنية التي أمضاها كلٌّ منهم في منطقةٍ ما، وتحديد ما إذا كانت تحتوي على مساحات خضراء أو أنماط ملونة.

وأظهرت الدراسة أن الطلاب كانوا يسيرون ببطء أكثر في المناطق التي تحتوي على مساحات خضراء، كما لوحظ ارتفاعٌ في معدل ضربات القلب لديهم، وأنهم أمضوا وقتًا أقل في النظر إلى الأرض، في حين قضوا أوقاتًا أطول في مراقبة محيطهم في البيئة الافتراضية، مما يشير إلى أنهم كانوا يمرون بتجربة ممتعة.

تضيف “ديليفوي”: تُظهر الدراسة أن الواقع الافتراضي يمكن أن يكون أداةً مفيدةً للغاية لمخططي المدن والمناطق الحضرية، مما يتيح لهم اختبار تأثير بعض التدخلات المحتملة، كما تشير النتائج إلى أن زيادة المسطحات الخضراء والتصميمات الملونة في البيئة الحضرية يمكن أن تعزز الشعور بالسعادة والرفاهية لدى سكان المدن، من خلال إضفاء لمسة جمالية إلى ما يُعرف بـ”الغابة الخرسانية”.

وتتابع: تفسير النتائج قد يحتمل بعض الصعوبات، نظرًا إلى أن تجربة الواقع الافتراضي تختلف اختلافًا كبيرًا من شخص إلى آخر، وبالتالي هناك حاجة إلى مزيد من العمل لإجراء مزيد من التجارب، كما يمكن قياس حواس أخرى لتقييم مدى الشعور بالسعادة، وربما تكون الروائح والأصوات هي الخطوة التالية، التي تجب مراعاتها عند استخدام الواقع الافتراضي كأداة لاختبار تأثير الألوان على متعة المشي في البيئات الحضرية.عن “ساينتافيك أميريكان”

 


تعليقات الموقع