أبوظبي – الوطن:
ضمن فعاليات الكونجرس العالمي للإعلام 2024 بأبوظبي، عقد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة حلقة نقاشية بعنوان: “محددات جديدة: تأثير الإعلام في الرأي العام في عالم سريع التحولات”. وكان المتحدث الرئيسي معالي الدكتور ماجد عثمان، وزير الاتصالات المصري الأسبق، والرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، وأدار الجلسة الأستاذ مصطفى ربيع رئيس التحرير التنفيذي للموقع الإلكتروني بمركز المستقبل.
ناقشت الجلسة أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام، خصوصًا في ظل التسارع الكبير الذي يشهده العالم على مختلف المستويات التقنية والاجتماعية والسياسية. وقدم د. ماجد عثمان رؤية شاملة حول كيفية تأثير الإعلام الرقمي والتقليدي على الرأي العام، مشيرًا إلى ضرورة تكامل الإعلام مع البيانات الدقيقة لتحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية بشكل أعمق وأكثر موضوعية. كما استعرض التجارب المختلفة في قياس توجهات الرأي العام، مع التركيز على أمثلة عملية لدور الإعلام في فترات التحولات الكبرى.
كما تطرقت الجلسة إلى التحديات التي تواجه الإعلام التقليدي في ظل هيمنة الإعلام الرقمي. وأشار الأستاذ مصطفى ربيع إلى أن الإعلام الرقمي يفتح آفاقًا جديدة للتواصل مع الجمهور، لكنه يفرض مسؤوليات أكبر على المؤسسات الإعلامية لضمان تقديم محتوى عالي الجودة ومبني على أسس علمية دقيقة.
أثارت الجلسة حوارًا ثريًا بين الحضور، حيث تمت مناقشة استراتيجيات تحسين قياس الرأي العام، وتعزيز الثقة بين وسائل الإعلام والجمهور، بما يدعم تحقيق الشفافية والمصداقية في عالم مليء بالتغيرات.
واختتم مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبوظبي مشاركته الفعالة في الدورة الثالثة من الكونجرس العالمي للإعلام الذي عقد في مركز أبوظبي الوطني للمعارض “أدنيك” خلال الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر.
وشارك المركز بجناح متميز عرض فيه إصدارات المركز الكتب والدراسات المختلفة، خاصة سلسلة دراسات المستقبل التي أعدها المركز خصيصاً للمشاركة في الكونجرس العالمي للإعلام، حيث أصدر المركز ثلاثة دراسات عن الإعلام والذكاء الاصطناعي، واقتصاديات الإعلام في الشرق الأوسط، والإلعاب الاليكترونية كمجال صاعد في صناعة الترفية الإعلامي.
وكان المركز أطلق على هامش جناحه بالمعرض “سلسلة حوارات المستقبل”، حيث نظم ست ندوات على مدار أيام المعرض سلطت الضوء على القضايا الحيوية المرتبطة بالإعلام ودوره المتغير في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
ففي اليوم الأول من فعاليات الحوارات عقدت المركز ندوة عن “تأثيرات الإعلام غير التقليدي على المجتمع وكيفية الحد من آثارها السلبية”، تحدث فيها الأستاذ ضياء رشوان، رئيس مجلس إدارة جائزة الإعلام العربي ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات والمنسق العام للحوار الوطني بجمهورية مصر العربية، والرئيس الفخري للاتحاد العام للصحفيين العرب وأدار الجلسة الدكتور عبدالرحمن الشميري، رئيس تحرير جريدة الوطن، ونخبة من الشخصيات السياسية والإعلامية والأكاديمية.
وضمن اليوم الأول من سلسلة حوارات المستقبل أثار المركز نقاشا حول مستقبل العلاقة بين وسائل الإعلام وإدارة الرئيس ترامب الثانية، شارك فيها الكاتب الصحفي الأستاذ عبد اللطيف المناوي، وإدارها الاستاذ أ. حسام إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز المستقبل
ونظم المركز في اليوم الثاني من فعاليات الكونجرس العالمي للإعلام ندوة عن “دور الإعلام في تشكيل الرأي العام في ظل استخدامات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة”، تحدث فيها دكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات المصري الأسبق، والرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، وأدارها الاستاذ مصطفي ربيع رئيس برنامج المؤشرات.
وندوة أخري بعنوان “مستقبل الإعلام في ظل الظواهر الجديدة الناتجة عن استخدام التكنولوجيات المتقدمة والتطبيقات الجديدة”، تحدث فيها باحثو وخبراء المركز دكتور إيهاب خليفة، رئيس برنامج التحولات التكنولوجية بمركز المستقبل، والأستاذ محمد العربي رئيس برنامج الاستشراف الاستراتيجي بمركز المستقبل، وإدارتها الأستاذ هالة الحفناوي رئيس وحدة التحولات المجتمعية.
وفي اليوم الثالث والأخير للكونجرس العالمي للإعلام، نظم المركز ندوتين، الأول عن “العلاقة بين مراكز الفكر والإعلام”، شارك فيها د. حمدي حسن عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد، والاستاذة هبة القدسي مدير مكتب صحفية الشرق الأوسط في واشنطن، وإدارها حسام إبراهيم المدير التنفيذي لمركز المستقبل، وأختتم المركز برنامج فعاليات حوارات المستقبل بندوة عن “مستقبل الإعلام العربي في ظل التحولات الدولية الراهنة”، تحدث فيها الأستاذ ضياء رشوان، رئيس مجلس إدارة جائزة الإعلام العربي ، وإدارها دكتور إبراهيم غالي، المستشار الأكاديمي للمركز، لاستشراف مستقبل الإعلام العربي.
مستقبل الإعلام
في إطار الجلسات التي نظمها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة على هامش الكونجرس الإعلامي بأبوظبي لعام 2024, عقد المركز في يوم الأربعاء الموافق 27 نوفمبر 2024 جلسته الثانية بعنوان “مستقبل الإعلام في ظل التطورات التكنولوجية” والتي تحدث فيها كل من الدكتور إيهاب خليفة، رئيس وحدة التحولات التكنولوجية بمركز المستقبل، والأستاذ محمد العربي، رئيس برنامج استشراف المستقبل بالمركز. وبدء النقاش المفتوح الذي حضره وشارك فيه عدد كبير من الإعلاميين والزائرين من مختلف الدول العربية بالتأكيد على الارتباط الوثيق بين التكنولوجيا والإعلام، وان التطورات التكنولوجية عبر التاريخ هي من قادت التطور الإعلامي وشكلت تحولاته وفيما يلي أهم الاتجاهات والقضايا التي تم التطرق لها خلال الجلسة.
إعادة تعريف الإعلام
ينطلق الحديث عن مستقبل الإعلام من فهم اتجاهات الواقع الحالي واستيعاب مساراته. وفي ظل الحديث عن التطورات التكنولوجية الهائلة في وسائل الاتصالات، أصبحت كل الأدوات حولنا أداة إعلامية بصورة أو بأخرى، وأصبح تعرض الأفراد “للمحتوى” يتم بصورة دائمة على مدار الساعة، بدءا من اللحظة التي يستيقظ فيها من نومه، إلى اللحظة التي يخلد فيها إلى النوم مرة أخرى. وهو الأمر الذي يتطلب منا التأمل وإعادة التفكير في مفهوم الإعلام، وما هي الحدود الفاصلة بين مفهوم “الإعلام” ومفهوم “المحتوى” الذي يستخدم الآن على نطاق واسع.
لم تعد وظيفة الإعلام مقتصرة على ذلك الوظيفية التقليدية في “إعلام” و “تعليم” الأفراد، بل امتد دورها منذ الحرب العالمية الثانية إلى أدوار ترفيهية أيضا وأصبحت تحتوي على مضامين ثقافية وأخرى تجارية. هذا النموذج هيمن على كافة وسائل الإعلام وتأسست عليه أيضا وسائل الإعلام الجديدة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو النموذج الذي يعرف باسم اقتصاد الانتباه (Attention Economy).
رفع الوعي
على الرغم من الضخامة الهائلة في المحتوى بأنماطه المختلفة، لم تتحقق التوقعات بشأن مستوى المعرفة لدى الجماهير التي تتعرض بكثافة لهذه المضامين والرسائل المختلفة، بل العكس هو الذي حدث، حيث ارتفع مستوى الجهل (بالمعنى المعرفي)، حيث أصبحت المعرفة أكثر سطحية حتى وأن ظهرت متعددة، فقد يعلم الفرد عن الكثير من القضايا الان ولكنه يعرف القليل عن كل قضية، بينما كان يعرف العالم في الماضي عدد أقل من القضايا ولكن بمعرفة أعمق بكثير.
على الجانب الآخر أظهر ذلك النمط عدد من الظواهر التي تم الإشارة لها أيضا في الإصدارة الأخيرة لمركز المستقبل حول مستقبل الإعلام أهمها البلقنة السيبرانية، والذي يعني ببساطة تقسيم الجمهور المتواجد على الفضاء الإلكتروني إلى مجموعات مفصول بينها.
يرتبط بذلك المفهوم ظاهرة أخرى تعرف باسم غرف الصدى، Echo champers، حيث تلعب الخوارزميات دورا محوريا في تحديد مضمون المحتوى الذي يتعرض له الأفراد، حيث تظهر أمام كل فرد مضامين مختلفة تتوافق مع خصائص كل فرد واهتماماته والأقرب إلى قناعاته وأفكاره. فبينما يبدو أن الفضاء السيبراني يتيح للجماهير المعلومات بحرية شديدة ويسمح لهم بالاختيار، إلا انه في واقع الأمر تفرض الخوارزميات على الجمهور المحتوى.
الذكاء الاصطناعي
كما تمت الإشارة سابقا، عادة ما تكون التكنولوجيا هي قاطرة التغيير والتطوير في المجال الإعلامي بدءا من اختراع آلة الطباعة انتهاء بالتطورات التكنولوجية الحالية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. لن نبلغ إذا اعتبرنا أن الذكاء الاصطناعي في طريقه لإحداث ثورة في عالم الإعلام وصناعة المحتوى، فعلى خلاف التطورات السابقة التي كان “الإنسان” هو من يصنع المحتوى بصورة أو بأخرى، وترتبط التكنولوجيا بالوسيط والطريقة التي يعرض من خلالها ذلك المحتوى سواء مكتوبة سمعية أو بصرية أو غيرها، غير أن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن “مصدرا” للمحتوى، فاصبح هو من يصيغ المحتوى ويرسله لتكنولوجيا وسيطة لعرضه على الجمهور. وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. فما هي القيم التي يتضمنها المحتوى المصنوع من قبل الذكاء الاصطناعي، أي تحيزات يحملها أي وجهة نظر يدافع عنها وينشرها. فأصبح الذكاء الاصطناعي هو المرجع الذي يشكل اتجاهات الأفراد ومعارفهم بالعالم المحيط حولهم.
مستقبل التكنولوجيا
على الرغم من هذا التطور الهائل في الذكاء الاصطناعي، لازالت التكنولوجيا في بدايتها فالتوقعات المستقبلية بشأن حدود تطوير الذكاء الاصطناعي في المراحل القادمة تبدو صعبة التخيل علينا بمعايير عصرنا الحالي، فالاستثمار في الذكاء الاصطناعي متزامنا مع الاستثمار في التكنولوجيا البيولوجية وزرع الشرائح في الجسم أو في العقول كما هو مخطط في المستقبل يضع البشرية في خطورة احتكار العقول من جانب الشركات القائمة على هذه الصناعة وعلى رأسها شركة إيلون ماسك، الذي تعمل شركته على مد العالم مستقبلا بانترنت الفضاء وتصنع الشرائح لتعزيز قدرات الانسان، فكيف سيتم التحكم بالبشرية في هذا السياق.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.