أطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع على متظاهرين أمس في الخرطوم حسبما ذكر شهود عيان، حتى بعد تأكيد الرئيس عمر البشير أن مطالب المحتجين “مشروعة”.
ويشهد السودان تظاهرات يومية على خلفية أزمة اقتصادية خانقة. وبدأت الاحتجاجات في 19 ديسمبر بعد قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف قبل أن تتصاعد وتمتد إلى كل أنحاء البلاد.
وواصل المحتجون تظاهراتهم التي يرددون خلالها “حرية سلام عدالة” على الرغم من إعلان حالة الطوارئ في فبراير. لكن التجمعات اقتصرت في الأسابيع الأخيرة على الخرطوم وأم درمان.
وذكر شهود عيان أن المحتجين تظاهروا في عدد من مناطق الخرطوم وأم درمان بما في ذلك في حيي بوري وجبرة حيث أطلقت عليهم شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع.
وقال أحد الشهود إن المحتجين رددوا شعارات مناهضة للحكومة ودعوا السكان إلى الانضمام إليهم.
وذكرت الشرطة أنها فرقت “تجمهرات غير مشروعة” في “مناطق متفرقة من ولاية الخرطوم”. وتحدثت عن “إصابات وسط المواطنين ورجال الشرطة” و”إلقاء القبض على عدد من مثيري الشغب”.
من جهته، صرح الناطق باسم الشرطة اللواء هاشم عبد الرحيم، أن عددا من رجال الشرطة والمواطنين جرحوا.
وقال إنه “تم إلقاء القبض على عدد من مثيري الشغب” بتهمة “إثارة الشغب وتهديد السلامة العامة”.
وكان الرئيس السوداني قال خلال الأسبوع الجاري في أول خطاب له أمام البرلمان منذ إعلانه حال الطوارئ في 22 فبراير الفائت إنّ “الأزمة الاقتصادية أثرت على قطاعات واسعة من شعبنا”.
وأضاف أنّ هذه الأزمة “جعلت من بعضهم يخرج الى الشارع لتحقيق مطالب مشروعة ولكن بعض هذه التجمعات لم تتبع الإجراءات القانونية كما أن بعضها نحى نحو تخريب الممتلكات”.
ويحمّل المحتجون نظام البشير مسؤولية سوء الإدارة الاقتصادية للبلاد التي تشهد ارتفاعاً حاداً لأسعار المواد الغذائية وتضخّماً يناهز 70% سنوياً، ونقصاً كبيراً في العملات الأجنبية.
وبحسب حصيلة رسمية قتل 31 شخصا منذ 19 ديسمبر 2018. لكن منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن حصيلة قتلى الاحتجاجات بلغت 51 شخصا.
ودعا منظمو التظاهرات إلى تجمعات مليونية اليوم السبت.
وبدأت التجمّعات احتجاجا على رفع سعر الخبز في مدينة عطبرة، وسرعان ما تحوّلت إلى حركة احتجاجية ضد نظام الرئيس عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ انقلاب عام 1989.
فيما حض زعيم حزب الأمّة السوداني المعارض الصادق المهدي أمس الرئيس عمر البشير على رفع حالة الطوارئ والاستقالة، داعيا إلى تظاهرات حاشدة السبت ضد حكمه المستمر منذ 30 عاما.
ودعا المهدي، الذي كان رئيسا للوزراء، البشير إلى حل جميع المؤسسات الدستورية وتشكيل مجلس مكوّن من 25 عضوا لإدارة البلاد.
ونقل بيان أصدره حزبه عنه قوله خلال صلاة الجمعة “غدا السادس من أبريل ستكون هناك مشاركة كبيرة أدعو الجميع لتلبية نداء وطنهم”.
وأضاف “أدعو الرئيس البشير الي الاستقالة وحل المؤسسات التنفيذية والدستورية وتكوين تأسيس من 25 شخصية يتولى شؤون البلاد”.
وقال أمام حشود من المصلين في مسجد في مدينة أم درمان إن على البشير أن يلغي حالة الطوارئ التي أعلنها في فبراير في مسعى لوضع حد للتظاهرات التي هزّت البلاد منذ ديسمبر.
وأفاد شهود أنه عقب الصلاة، خرج المصلون في تظاهرة صغيرة خارج المسجد لكن الشرطة سارعت إلى تفريقهم بالغاز المسيل للدموع.
وتسلّم البشير السلطة عبر انقلاب عام 1989 أطاح بحكومة المهدي آنذاك.
وقضى المهدي عدة فترات في المنفى لكنه عاد إلى السودان في ديسمبر تزامنا مع اندلاع التظاهرات.
ويتّهم المتظاهرون حكومة البشير بسوء إدارة اقتصاد البلاد. وتفاقم الغضب على مدى سنوات في السودان جراء ارتفاع أسعار الغذاء والنقص في الوقود والنقد الأجنبي.
وبينما تراجعت كثافة التظاهرات خلال الأسابيع الأخيرة، دعا المنظمون مجددا إلى احتجاجات في كافة أنحاء البلاد اليوم السبت.
واختار منظمو التظاهرات تاريخ 6 ابريل للدعوة للتظاهرات لإحياء ذكرى انتفاضة العام 1985 التي أطاحت بنظام الرئيس آنذاك جعفر النميري.
وقاد الحركة الاحتجاجية الحالية في البداية “تجمّع المهنيين السودانيين” لكن المهدي رمى بثقله خلفها في أواخر يناير.
ويشير محللون إلى أن الحركة تحولت إلى أكبر تهديد يواجهه البشير حتى اليوم.
لكن الرئيس بقي على موقفه مصرا على أن التغيير لن يتم إلا عبر صناديق الاقتراع، ففرض حالة الطوارئ وغيرها من الاجراءات الصارمة التي اعتقل على إثرها الكثير من المتظاهرين وقادة من المعارضة والناشطين والصحافيين.ا.ف.ب
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.