صناعة النشر في الإمارات
النشر، هي إحدى مراحل صناعة الكتاب، وربما هي المرحلة قبل الأخيرة في وصول محتوى الكتاب (التقليدي أو الإلكتروني) إلى يد المستهلك (القارئ) وبالتالي تعميم الثقافة في المجتمع. وعليه يعتبر النشر واحدة من أهم المراحل المهمة في هذه الصناعة لأنه عملياً يكون نجاح المراحل السابقة للنشر مثل: الكتابة وأسلوب المؤلف والفكرة يحملها الكتاب.
ولا يمكن التطرق إلى الحديث عن فعاليات لها علاقة بصناعة الكتاب والمعارض التي تنظم بشأنها دون التطرق إلى النشر وأهميته والتحدي الذي يواجهه حاله كباقي الصناعات في العالم، ومحاولات أصحاب دور النشر في إيجاد حلول غير تقليدية أو ما تعرف بحلول من (خارج الصندوق) مثل أن ابتداع خدمة التوصيل للمنازل في صورة تقترب من توصيل الوجبات والتي للبعض وجهة نظر فيها مع أنها فكرة عملية ومنطقية وأجدى لأن تكون للكتاب أكثر، والسبب أن هناك حالة من التفاعل الشعبي الإماراتي الملحوظ مع الكتاب الذي يمثل أصل الثقافة.
مناسبة الحديث في هذا الموضوع المهم تصريحات أحد صناع النشر في الدولة الاستاذ محمد بن دخين، العضو في مجلس إدارة جمعية الناشرين الإماراتيين مع إحدى الصحف المحلية قبل يومين أثار خلالها الكثير من النقاط المهمة في مستقبل صناعة الكتاب في دولة الأمارات وهي نقاط في ظني أنها مهمة من ناحيتين. الناحية الأولى قراءة مواكبة الدولة للتغيرات في هذه الصناعة. والناحية الثانية: باعتبارها خارطة طريق لمن يريد الدخول في هذه الصناعة التي لم تعد رفاهية بقدر أنها تجارة أيضاً.
ومع كل ذلك، هناك الكثير من التحديات التي تترصد بالعاملين في مجال النشر وفي كل مرحلة زمنية تختلف عن الأخرى لذا أتوقع أنه في مرحله المقبلة سيحاصر الناشر تساؤلات تبدي مدى المرحلة التي وصلها القارئ الإماراتي من ثقافة اختيار الكتب ومن حيث قدرته على البحث عن الأفضل وليس وفق نظرية (الأكثر مبيعاً) وبالتالي فإنه لن يقبل أن تكون دور النشر بمثابة جسر لنقل الكتاب وإنما سيتطلب الأمر من قرر الدخول إلى هذا المجال أن يساعد القارئ في البحث عما يخدم تفكيره، وأعتقد هذا ليس بعيداً عن صناع النشر في دولة الإمارات في جزء من هذه الشريحة الإماراتية المثقفة.
النشر هو مؤشر مهم في مجال قياس مدى انتشار الثقافة في أي مجتمع، فهو يشجع كل الفاعلين على المشاركة سواءً في التأليف وفي نوع المنتج وحتى التشجيع على القراءة وبالتا يساهم في التقدم الحضاري للمجتمعات بل ويخصبها بالأفكار والمعارف الإنسانية من خلال نقلها من اللغات الأخرى بالترجمة. والجميل أن هذه الصناعة لم تعد مقتصرة على الجانب المؤسسي فقط في دولة الإمارات وإنما بدأت جهود شبابية في الدخول إلى هذا المجال لأنه يجمع الاثنين الجانب الثقافي بالبعد الاقتصادي والأجمل عندما يجتمعان البعدين في شخص واحد فهنا يكتمل الابداع من حيث المنتج والفائدة.
الناشر الإماراتي يستحق التهنئة لخوض هذه المغامرة لأسباب كثيرة، ويستحق الثناء على المستوى الذي يقدمه في معارض الكتب داخل الدولة وخارجها فهو مؤشر آخر في قصة النجاح الإماراتية.