تبادل التجارب حول كيفية تلبية احتياجات المؤسسات من الكوادر الشابة

“منتدى مستقبل المواهب الشبابية في المراكز البحثية” يناقش تحديات تواجه مراكز الفكر في استقطاب الباحثين

 

 

 

أبوظبي – الوطن:
انطلقت، مساء أمس الأول الثلاثاء، أعمال “منتدى مستقبل المواهب الشبابية في المراكز البحثية”، الذي ينظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالشراكة مع برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، ويستمر على مدى يومين في مركز دبي التجاري العالمي.
ويشارك في فعاليات المنتدى 35 من رؤساء مراكز الفكر العالمية والمديرين التنفيذيين والخبراء والمحللين والتنفيذيين، ويناقشون على مدى خمس جلسات التحديات الاستراتيجية والتنفيذية التي تواجهها مراكز الفكر عندما يتعلق الأمر باستقطابها المواهب الشابة والاحتفاظ بها.
واستهل المنتدى أعماله، يوم أمس الأول الثلاثاء، بجلسة رئيسية تناولت التحديات الراهنة التي تواجه المراكز البحثية في استقطاب الباحثين الشباب وتنمية الموارد البشرية، وتبادل المشاركون في الجلسة خبراتهم وتجاربهم في كيفية تلبية احتياجات مؤسساتهم من الكوادر البحثية.
وشارك في الجلسة كل من: معالي زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، والدكتور جيمس ماغان رئيس برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، وتوميكو إيشيكاوا المديرة العامة للمعهد الياباني للشؤون الدولية.
كما شارك في الجلسة الدكتور سمير ساران رئيس مؤسسة المراقبين للبحوث في الهند، وأندرياس كريمر مؤسس ورئيس معهد البيئة الألماني، والدكتور حمد إبراهيم العبدالله المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة – “دراسات”، والدكتور تشارلز باول مدير المعهد الملكي الإسباني “إلكانو”.
وقبيل انطلاق أعمال الجلسة، ألقى الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لـ “تريندز للبحوث والاستشارات” الكلمة الترحيبية للمنتدى، موجهاً خلالها الشكر للمشاركين في المنتدى الذي ينظم على أرض الواقع، في ظل ظروف قاهرة فرضتها جائحة “كوفيد19” على العالم كله، ولكنها ألهمت العالم الكثير من العبر والدروس، ويأتي على رأسها تأكيد أهمية تعزيز التنسيق والتعاون بين مراكز الفكر والبحوث حول العالم في طرح الأفكار والحلول والمقاربات التي تسهم في التصدي للتحديات الحالية والمستقبلية التي تحيط بالعالم.

وأكد العلي أن مراكز الفكر والبحوث تواجه تحديات متنامية في أداء مهامها، سواء على صعيد التحليل الاستراتيجي لكم ضخم من المعلومات والبيانات المتدفقة على مدار الساعة، ومحاولة استشراف المستقبل في بيئة من اللايقين، أو على صعيد بناء واستقطاب الكوادر البحثية المؤهلة والمزودة بالمعارف والقادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في عصر الثورة المعرفية والتكنولوجية، إلى جانب توفير مصادر التمويل التي تساعدها على مواصلة أداء رسالتها في خدمة المجتمعات وتحقيق طموحاتها في التنمية والازدهار والرخاء والسلام.
وذكر أن مركز تريندز للبحوث والاستشارات حرص على التعاون مع برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، لتنظيم هذا المنتدى العالمي، كي يناقش التحديات الاستراتيجية والتنفيذية التي تواجهها مراكز الأبحاث في استقطابها المواهب والاحتفاظ بها، وتقييم الاستراتيجيات الفاعلة التي يمكن أن تساعد مراكز الفكر في تحديد الجيل القادم من الباحثين وقادة الفكر ورعايتهم.
وأوضح الدكتور محمد العلي أن الشباب هم القوة الأهم الدافعة لتحقيق التنمية والازدهار في المجتمعات، ومن ثم بناء الأوطان وتعزيز ريادتها المستقبلية، كما أنهم الفئة التي تملك الإبداع والإمكانات والقدرة على إحداث التغيير الإيجابي.

ولفت الرئيس التنفيذي لـ “تريندز” إلى أن الاستثمار في الشباب يحتاج إلى تنمية مهاراتهم وقدراتهم المعرفية والبحثية، وتعزيز قدراتهم على التفكير النقدي البناء، وزيادة وعيهم واستيعابهم للتطورات المحيطة بهم على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، وإعدادهم ليكونوا خبراء ومتخصصين يُعتمد عليهم في بناء المستقبل.
ونوه العلي إلى أن تمكين الشباب في مجال البحث العلمي وتعزيز قدراتهم ومواهبهم البحثية يشكل توجهاً عالي الأهمية؛ لأن هذا المجال من أكثر المجالات التي تسهم في تعزيز نهضة المجتمعات وازدهارها، مبيناً أن تعزيز دور الشباب في البحث العلمي سيعني دعم دورهم الفاعل في بناء الأوطان وتعزيز ريادتها المستقبلية.
وقال إن مركز تريندز للبحوث والاستشارات يولي قضية تمكين الشباب في مجال البحث العلمي اهتماماً كبيراً عبر العديد من المبادرات المهمة التي تبناها منذ تأسيسه، ومنها: تأسيس مجلس تريندز لشباب البحث العلمي، وإطلاق برنامج أبحاث الشباب؛ ما يؤكد التزام “تريندز” الثابت والراسخ بقضية تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم في مجال البحث العلمي.
بدوره، استهل أعمال الجلسة الرئيسية الدكتور جيمس ماغان، رئيس برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، مثمناً المشاركة النسائية الواسعة في “منتدى مستقبل المواهب الشبابية في المراكز البحثية”، مؤكداً أن العنصر النسائي يلعب دوراً محورياً في تنظيم هذا الحدث العالمي.
وذكر أن جائحة “كوفيد19” غيرت نمط التحديات والصعوبات التي تواجه المراكز البحثية والفكرية حول العالم، كما أثرت بطبعتها في نمط حياة المجتمعات برمتها وغيرت طرق التعاطي مع الأزمات والتحديات.
وأكد الدكتور جيمس ماغان أنه يؤمن بالدور المحوري البنّاء والمهم الذي تلعبه المراكز الفكرية والبحثية، وبرز ذلك جلياً خلال جائحة “كوفيد19” التي جعلت الدول تعيد النظر في أهمية هذه المراكز وقدرتها على مساعدة القادة ودعمهم في صناعة القرارات المعتمدة على أسس وقواعد علمية مدروسة.
وشدد رئيس برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية التابع لمعهد لودر في جامعة بنسلفانيا، على ضرورة أن تعي المراكز البحثية والفكرية ديناميكيات التغيير التي طرأت على العالم، كما يجب أن تكون مرنة في التعامل مع الأزمات والتحديات، خصوصاً أن مختلف المؤسسات العالمية تعرضت لتغيرات جذرية جراء جائحة “كوفيد19”.
من جانبه، هنأ معالي زكي نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، مركز تريندز للبحوث والاستشارات على هذا المنتدى العالمي الكبير الذي يجمع كبرى المراكز البحثية على أرض الإمارات، معتبراً المنتدى فرصة كبرى لتميكن الشباب وتنمية قدراتهم البحثية والفكرية.
وقال نسيبة إن العولمة تتطلب من البشرية جمعاء التداول الحر للأفكار وأصحاب الفكر والمواهب؛ ما يشكل تحدياً كبيراً للدول لكي تحافظ على المواهب الشابة وتكون حاضنة لإبداعاتهم ومواهبهم.
وتابع: “في الإمارات نستثمر في الشباب ونسعى إلى خلق بيئة محفزة لهم، ولدينا سجل حافل بالإنجازات في مسيرة دعم المواهب الشابة، إضافة إلى أن الدولة صاحبة تجربة عالمية رائدة في مجال تمكين الشباب، وتعمل على استثمار أفكارهم وتنمية مواهبهم، حيث جعلت الشباب شريكاً أساسياً واستراتيجياً في رسم السياسات العامة للدولة”.
ولفت معالي زكي نسيبة إلى أن عملية استقطاب المواهب العالمية يتعين أن تتزامن مع تطوير المواهب الإماراتية وتمكينهم وتعزيز قدراتهم بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكاديمية، مطالباً بالتوسع في إنشاء المراكز البحثية لإشراك الشباب فيها والاستفادة من أفكارهم وخيالهم الخصب لتطوير المعرفة المجتمعية.
أما توميكو إيشيكاوا، المديرة العامة للمعهد الياباني للشؤون الدولية، فأوضحت أن الحكومة والمراكز البحثية في اليابان تفتقر إلى سياسة التواصل المفتوح، رغم وجود جهود للتعاون ولكنها تظل بسيطة، كما أن المراكز البحثية في اليابان تفتقر إلى التطوير المهني، وتعاني عدم التقدم والتطور، مقارنة بالمؤسسات الأكاديمية.

وذكرت أن المعاهد والمراكز الفكرية في اليابان تعاني بعض التحديات التي تعمل دولتها على التغلب عليها من خلال تشجيع التعاون والتنسيق بين التخصصات إلى جانب تشجيع الباحثين على التعاون مع خبراء من خارج مؤسساتهم.
وأشارت توميكو إيشيكاوا إلى أن المراكز البحثية تحاول تشجيع الباحثين على المشاركة في الفعاليات الخارجية وتعزيز مهاراتهم والتفاعل مع مراكز بحثية عالمية متنوعة، مبينة أن جائحة “كوفيد19” أجبرت المراكز على ابتكار طرق مرنة للعمل؛ ما فرض على الموظفين اكتساب مهارات أكثر للتأقلم مع العمل عن بُعد.
من جهته، أكد الدكتور سمير ساران، رئيس مؤسسة المراقبين للبحوث في الهند، أن المراكز البحثية والفكرية مطالبة بتقديم عروض داعمة للمواهب الشابة، والتوسع في احتضان مواهبهم ومنحهم الفرص لتحقيق طموحاتهم، مشدداً على ضرورة أن تكون المؤسسات البحثية تقدمية وجاذبة للشباب خلال العقد المقبل، بما يواكب التطورات العالمية
وقال إن جائحة “كوفيد19” علَّمت المؤسسات الفكرية الاهتمام بالموارد البشرية والاعتناء بموظفيها، في نفس الوقت الذي فُرِضَت فيه تحديات جديدة تتطلب تأهيل كوادر من الباحثين الشباب وتأهيلهم وتدريبهم على كيفية مواجهة الأزمات والتغلب على التحديات.

في المقابل، تحدث أندرياس كريمر مؤسس ورئيس معهد البيئة الألماني في الجلسة الأولى ضمن “منتدى مستقبل المواهب الشبابية في المراكز البحثية”، عن طموحات الشباب الألماني الذي يمتلك الرغبة القوية في العمل مع المراكز البحثية، مبيناً أن المراكز الفكرية تبحث بدورها عن أشخاص مستعدين لمواجهة التحديات الآنية والمستقبلية.
وأشار إلى أن الاستثمار في المواهب الشبابية مهم ومحوري لمواجهة المخاطر وتحويل الأزمات إلى فرص، ولكن يجب أن يمتلك هؤلاء الشباب الفضول، وعليهم أن يستطيعوا مواجهة المخاطر، ويتبنّوا وجهات نظر مرنة.
إلى ذلك، قال الدكتور حمد إبراهيم العبدالله، المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة – “دراسات” إن تمكين الشباب يُعد من أكبر التحديات التي تواجه المراكز البحثية حول العالم، مضيفاً أن مركز “دراسات” يتبنى استراتيجيات متنوعة لتمكين الشباب، سواء من خلال التوظيف أو التدريب أو تطوير مهاراتهم وتشجيعهم على طرح الحلول الإبداعية.
ونوه العبدالله بأن المراكز البحثية تواجه تحديات عديدة؛ منها: صعوبة التمويل، وتسارع الأحداث العالمية، والقيود التي تواجهها الدراسات التقدمية، فضلاً عن الافتقار إلى الوعي المجتمعي بأهمية المراكز البحثية.
وذكر الدكتور تشارلز باول مدير المعهد الملكي الإسباني – “إلكانو”، أن المراكز البحثية والفكرية والمؤسسات العالمية بحاجة مستمرة إلى تجديد هرم الأجيال من خلال ضخ دماء جديدة من الشباب الذي يمتلك مهارات وقدرات عديدة؛ مثل الاتصال والتكنولوجيا، إلى جانب تطويع قدراتهم ومهاراتهم لخدمة مجتمعاتهم.
وأبان أنه يجب علينا استغلال الفرص التي منحتنا إياها جائحة “كوفيد19” لإعادة التفكير في سياسات العمل المؤسسي، مضيفاً أنه: “يجب علينا أن نخلق بيئة عمل ودودة وملائمة لاستقطاب المواهب الشابة، وتقديم مهن ذات مغزى لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية”.
واختتم سعادة مقصود كروز مستشار الاتصال الاستراتيجي في وزارة شؤون الرئاسة، أعمال الجلسة الأولى من “منتدى مستقبل المواهب الشبابية في المراكز البحثية”، مؤكداً أن المراكز البحثية قائمة على التفكير وتحتاج إلى القدرة على الارتقاء بالأفكار الإبداعية، ولكن بعض المراكز البحثية تفكر بطريقة القفص الذي يبحث عن العصفور.
وأشار كروز إلى أن المنتدى يسعى لتوليد الأفكار الإبداعية، وترسيخ قيمة التفكير النقدي الجاد، وفتح المجال أمام الإبداعات الشبابية لتنمية قدراتهم البحثية والفكرية، واكتساب مهارات تحليلية، والارتقاء بمستويات تفكيرهم إلى آفاق أعظم وأسمى.


تعليقات الموقع