الأمن الغذائي أولوية استراتيجية لجميع الدول، ولا شك أن ما يشهده العالم من أزمات متداخلة سواء أكانت طبيعية أم جراء صراعات وخلافات وحروب وفي غياب الأساليب الحديثة والمتقدمة فإن هناك تهديد حقيقي ينذر مناطق عدة حول العالم بشبح مجاعات تعكس حجم التحدي وأهمية الأنماط التي تعتمد الابتكار لتأمين الاحتياجات المتزايدة وتجنيب الكثير من المجتمعات التداعيات التي يمكن أن تنجم عن شُح الغذاء الكافي المرتبط بشكل وثيق بالزراعة جراء الطلب المتزايد واستهلاك الموارد، والإمارات برؤية قيادتها الرشيدة سباقة دائماً لاستشعار واستشراف حجم التحديات والاستعداد لها بفكر استباقي ينتهج الإبداع والأساليب العلمية العصرية، وهو ما تم تأكيده خلال محاضرة نظمها مجلس محمد بن زايد وشهدها سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بعنوان “التكنولوجيا الزراعية ومستقبل الغذاء”، وأوضحه ستيوارت أودا خبير الزراعة الحضرية والرئيس التنفيذي لشركة “أليسكا لايف”، مبيناً أن “الإمارات قادرة على تسريع هذا التحول عبر بناء أنظمة بيئية نابضة بالحياة، مشيراً إلى أن الدولة مؤهلة للتحول إلى مركز إقليمي للابتكار الزراعي بالنظر إلى خطواتها في هذا الصدد”.
“المحاضرة” بينت قدرة التكنولوجيا الزراعية في التعامل مع تحدي الغذاء العالمي، إذ أنها سوف تكون قادرة على إطعام 10 مليارات إنسان بشكل أكثر استدامة وتأمين احتياجاتهم بحلول العام 2050، في تأكيد تام لأهمية “القطاع” المتنامي مع وصول “حجم المبيعات السنوية لقطاع التكنولوجيا الزراعية العالمية لأكثر من 20 تريليون دولار”، بالإضافة إلى أهمية “التكنولوجيا” في توفير النفقات واستدامة الموارد خاصة أن “الزراعة تستنزف كميات هائلة من موارد العالم المحدودة 50٪ من الأراضي الصالحة للسكن و70٪ من المياه العذبة ويتسبب الإنتاج الزراعي بـ 25٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري”.. وهي أرقام تبين الحاجة للأنماط الجديدة التي تنتهج أساليب مغايرة تماماً لما عرفته البشرية عبر تاريخها.
اللجوء إلى خيارات حديثة غير الأنماط التقليدية في الزراعة يدعم القدرة على تأمين واستدامة الموارد اللازمة لتأمين الغذاء، خاصة أن الزمن يؤكد أن الابتكار والاستدامة من أهم مقومات تطور الشعوب وتأمين احتياجاتها ومواجهة تحدياتها وحفظ مواردها، وهو ما تعمل عليه دولة الإمارات من خلال الجهود الكبرى وتبني أصحاب الأفكار الطموحة والتي يمكن أن تثمر حلولاً إبداعية تكون على حجم التحدي الذي يمثله “الاكتفاء الغذائي” لجميع المجتمعات، فالعالم يحتاج إلى تبني الأطروحات البناءة واعتماد أنماط تنتهج الابتكار والتكنولوجيا الحديثة والتوجهات العصرية والأساليب الأكثر تطوراً علمياً لضمان تأمين الاحتياجات الغذائية للجميع.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.