خصائص موسيقى النوم
على مر التاريخ، استخدم الآباء والأمهات “الهدهدة” لمساعدة الأطفال على النوم، واليوم، مع زيادة إمكانية الوصول إلى الموسيقى المسجلة، أبلغ العديد من الأشخاص أن الاستماع إلى الموسيقى يُعَدُّ أداةً لتحسين النوم، لكن لا يعرف الباحثون سوى القليل جدًّا عن هذه العادة البشرية الشائعة.
هناك بعض الأدلة العلمية التي تشير إلى أن الاستماع إلى الموسيقى قبل النوم يمكن أن يساعد الناس على النوم بشكل أسرع وتحسين نوعية نومهم، فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة لمدة 45 دقيقة قبل النوم أدى إلى زيادة كبيرة في مدة النوم وتقليل الوقت المستغرق للنوم، بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن المشاركين أبلغوا عن جودة نوم أفضل وانخفاض في عدد مرات الاستيقاظ في أثناء الليل.
لكن الباحثين يعتقدون أن بعض أنواع الموسيقى ليست مفيدةً للنوم؛ فالاستماع للموسيقى الصاخبة للغاية أو ذات الإيقاع السريع قد يُصعب الدخول في النوم، لذلك يوصى بأن يختار الناس موسيقى بطيئة وهادئة ودون كلمات للحصول على أفضل النتائج.
في دراسة جديدة نشرتها دورية “بلوس وان” (PLOS ONE)، يتفق الباحثون مع جزء من ذلك الاعتقاد، ويختلفون مع جزءٍ آخر.
استهدف الباحثون التحقق من الخصائص الموسيقية المستخدمة للنوم. والخصائص الموسيقية هي سمات المقطوعة الموسيقية التي يمكن استخدامها لوصفها وتحليلها، وتتضمن بعض ميزات الموسيقى الشائعة اللحن، والتناغم، والإيقاع، والجرس، والشكل.
وتتضمن ميزات الموسيقى أيضًا خصائص أكثر تحديدًا، مثل استخدام بعض تدرُّجات الأوتار، والآلات، والأنماط الإيقاعية، ويمكن استخدام هذه الميزات لتصنيف الأنماط الموسيقية والأنواع والعواطف الموسيقية المختلفة التي تنقلها الموسيقى وفهمها.
تقول “ريبيكا جين سكارات” -الباحثة في قسم الطب السريري بجامعة “آرهوس” الدنماركية، والمؤلفة الرئيسية لتلك الورقة العلمية- في تصريحات لـ”للعلم”: الموسيقى إستراتيجية ذاتية شائعة يستخدمها كثيرٌ من الناس كوسيلة مساعدة عندما يواجهون صعوبةً في النوم، وقد يقرأ البعض كتابًا أو يمارسون الرياضة أو يأخذون حمامًا ساخنًا، في حين يُحب البعض الاستماع للموسيقى.
بالمقارنة مع الموسيقى المنتشرة، تكون الموسيقى المستخدمة للنوم أكثر نعومةً وأبطأ، ويتم عزفها على الآلات الموسيقية ولا تحتوي على كلمات، لكن هذا لا يمنع وجود تبايُن كبير في الموسيقى التي يختار الناس الاستماع إليها للنوم؛ إذ تشمل بعض أنواع الموسيقى المفضلة للدخول في النوم موسيقى البوب، والراب، وموسيقى “الروك آند رول” التي تطورت في الولايات المتحدة أواخر الأربعينيات -وأوائل الخمسينيات- من القرن الماضي، ولا تُعد من أنواع الموسيقى الهادئة؛ إذ تتميز باستخدام القيثارات الكهربائية، والطبول، وغالبًا ما تشتمل على عناصر من أنواع أخرى مثل “موسيقى البلوز” والموسيقى الريفية.
فكيف يُمكن أن تساعد تلك الموسيقى -الصاخبة نوعًا ما- في الدخول إلى النوم؟
تقول “سكارات”: لا يوجد “مقاس واحد يناسب الجميع”؛ فعندما يتعلق الأمر بموسيقى النوم، قد يفضل البعض الخصائص المتوقعة لموسيقى النوم، مثل الإيقاع البطيء والصوت الخفيف، ولكن يبدو أن تفضيلات الموسيقى الفردية لها القدر نفسه من الأهمية عندما يختار الناس الموسيقى لاستخدامها للنوم، وقد يختار البعض الموسيقى السريعة لمساعدتهم على النوم.
لفهم خصائص موسيقى النوم على نحوٍ أفضل، حللت “سكارات” وفريقها أكثر من 225 ألفًا و626 مقطعًا موسيقيًّا من 985 قائمة تشغيل مرتبطة بالنوم على تطبيق الموسيقى الشهير “سبوتيفاي”، واستخدم الفريق واجهة برمجة تطبيقات “سبوتيفاي” لمقارنة ميزات الصوت في مسارات النوم بميزات الصوت للموسيقى من مجموعة بيانات تمثل الموسيقى بشكل عام.
أظهر هذا التحليل أن موسيقى النوم تميل إلى أن تكون أكثر هدوءًا وأبطأ من الموسيقى الأخرى، كما أن المقاطع غالبًا ما تفتقر إلى الكلمات، لكن على الرغم من هذه الاتجاهات، وجد الباحثون تنوعًا كبيرًا في السمات الموسيقية لموسيقى النوم، وحددوا ست فئات فرعية متميزة.
تتوافق ثلاث فئات فرعية مع الخصائص النموذجية المحددة لموسيقى النوم، مثل هدوء المقطع وبطئه، ومع ذلك، كانت الموسيقى في الفئات الفرعية الثلاث الأخرى أعلى صوتًا ولها درجة طاقة أعلى من موسيقى النوم العادية.
ووفقًا لتلك النتائج، يقول الباحثون إن الأغاني الشعبية -مثلها مثل الموسيقى الكلاسيكية- يُمكن أن تُساعد بعض الناس على الاسترخاء والنوم.
تضيف “سكارات”: الموسيقى ليست دائمًا الحل الأمثل للدخول في النوم أو المساعدة على الحصول على جودة نوم أفضل، فإذا كان الأشخاص يعانون من مشكلات النوم المستمرة مثل الأرق، فعليهم طلب المساعدة المتخصصة، وبالنسبة للأرق تحديدًا، فإن علاج الخط الأول هو العلاج السلوكي المعرفي وليس الموسيقى.عن “ساينتافيك أميريكان”