حوار – مريم خير:
يشير مصطلح “أمراض المفاصل” إلى مجموعة من الحالات التي تؤثر على المفاصل والأنسجة المحيطة بها، وتسبب الألم والتورم و تيبس وفقدان الحركة في المفاصل. وتشمل هذه الحالات التهاب المفاصل الروماتويدي، والتهاب المفاصل الصدفي، داء النقرس، وداء الذئبة الحمراء. وبشكل عام، تعتبر أمراض المفاصل والروماتيزم مشكلة صحية شائعة ومؤلمة تؤثر على عدد كبير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. وتختلف أسباب هذه الحالات وأعراضها وطرق علاجها، وقد يتطلب الأمر عادة العلاج الطبي والتمارين الرياضية، وتغيير نمط الحياة، والأدوية المسكنة للألم، والعلاج الوقائي.
لنتعرف أكثر عن أمراض المفاصل والروماتيزم قمنا بزيارة مستشفى مركز كليمنصو الطبي بدبي، حيث يتمتع المستشفى بخدمات طبية متميزة تثق في جودتها وكفاءة كوادرها شريحة كبيرة من المراجعين، كما التقينا بالدكتور زيد الراوي استشاري أمراض الروماتيزم، أحد أبرز الكوادر الطبية في مستشفى مركز كليمانصو الطبي وأكثرها خبرة وممارسة في هذا التخصص، ليطلعنا أكثر عن طبيعة أمراض المفاصل والروماتيزم وعن أسبابها وطرق علاجها.
الدكتور زيد الراوي، هو استشاري أمراض الروماتيزم حاصل على البورد السويدي مع خبرة تزيد عن 19 عاماً، حيث أكمل تدريبه في المؤسسات السويدية الأكثر شهرة بما في ذلك مستشفى جامعة لوند ومستشفى بليكينج، ومارس طب الروماتيزم في كل من السويد والإمارات العربية المتحدة. خلال ممارسته في السويد، اكتسب خبرة ممتازة في علاج أمراض الروماتزم المفاصل لدى البالغين، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب المفاصل الفقاري (مثل التهاب الفقار اللاصق والتهاب المفاصل المرتبط بمرض التهاب الأمعاء)، والتهاب المفاصل الصدفي وداء النقرس وأمراض الروماتيزم الأخرى. وهو أيضا خبير في علاج أمراض النسيج الضام المناعي الذاتي مثل الذئبة الحمامية الجهازية، ومتلازمة شوجرين، وتصلب الجلد، والتهاب العضلات، والتهاب الجلد والعضلات، والتهاب الأوعية الدموية. للدكتور زيد الراوي خبرة واسعة في استخدام الادويه البيولوجية في علاج امراض الروماتزم والمفاصل، ولديه اهتمام خاص بالوقاية من هشاشة العظام وعلاجها، كما أن لديه خبره في جهاز الالتراساوند (الموجات فوق الصوتية) كأداة فعالة في تشخيص وعلاج الأمراض الروماتيزمية. بالإضافة إلى ذلك، فهو من ذوي الخبرة في الحقن المفصلي بمساعده الالتراساوند. وشغل أيضا منصب استشاري أمراض الروماتيزم الجوي في طيران الإمارات، ويشارك في بحوث طبيه ، ويقوم بتدريس وتدريب طلاب الطب والأطباء المقيمين.
ما هي أكثر أمراض الروماتيزم والمفاصل شيوعاً والتي تصادفها في ممارستك الطبية ؟
نجد أكثر أمراض الروماتيزم والمفاصل شيوعاً هي التهاب المفاصل الرثوي، وأمراض النقرس المسمى “داء الملوك”، والتهاب المفاصل الصدفي، والاتهاب الحرقفي الذي يصيب الظهر، ونجد أيضا بصورة أقل شيوعا بعض الأمراض النادرة كحمى البحر المتوسط، وداء بهجت، وداء الذئبة الحمراء. لكن يبقى التهاب المفاصل الرثياني من أكثر الأمراض التي نصادفها في ممارستنا اليومية.
كيف يمكننا تفادي مشاكل المفاصل والروماتيزم من البداية؟
أمراض المفاصل والروماتيزم لها علاقة بشقين أساسيين، الشق الأول منه متعلق بالوراثة، فإن وجد للعائلة تاريخ مع المرض فقد يتوارث المرض تلقائيا، أما الشق الثاني فهو ما يسمى بالمحفزات الخطرة التي تؤثر على المريض سلباً ونذكر منها: التدخين، والوزن الزائد مثلاً. ونرى أيضا أن أكثر فئة عرضة للإصابة بهذه الأمراض هي فئة النساء أكثر من الرجال بنسبة رجل واحد مقابل ثلاث نساء. ومن هنا ننصح من له تاريخ توارث عائلي للمرض أن يبتعد عن عوامل تحفيز المرض المذكورة.
ما هي آخر التطورات في مجال علاج الروماتيزم؟
الأدوية البيولوجية ولله الحمد، ساهمت في حصول الكثير من المرضى على حياة طبيعية، بيد أن العلاجات القديمة التي استخدمت سابقا مثل”Methotrexate” كان لها نتائج إيجابية على 30% من المرضى فقط، لكن مع اعتماد الأدوية البيولوجية ارتفعت نسبة المرضى المتعافين الذين يمكنهم ممارسة حياة طبيعية كالعودة للعمل، والمشاركة في الحياة الاجتماعية.
كيف يمكن للتغذية ونمط الحياة أن تؤثر على صحة المفاصل وحالة الروماتيزم؟
يعتبر العلاج جزءاً مهماً من رحلة التعافي ولا غنى عنه، وتعتبر التغدية عاملاً مساعداً على العلاج نسبة إلى دراسات وبحوث علمية عديدة، فأوميغا 3 مثلاً مفيد في علاج التهاب المفاصل الرثوي، كذلك تبينت نجاعة حمية البحر الأبيض المتوسط في المساعدة على العلاج في بحوث علمية شتى وتشمل هذه الحمية أكل الأسماك والمأكولات البحرية، والبروتينات الخالية من الدهون بدلاً من اللحوم الحمراء، إضافة إلى الخضروات، وزيت الزيتون.
ومن بين الأغدية التي يجب تجنبها: الأغذية المصنعة والوجبات السريعة والمشروبات الغازية. ولابد أن نأخذ بعين الاعتبار هنا نقطة مهمة والتي تتمثل في أن الإخلال بتوازن نسبة البكتيريا المعوية يؤدي إلى تفاعل سلبي ومباشر مع جهاز المناعة ويسبب مشاكل إضافية، حيث وجد الباحثون أن بعض أمراض التهاب المفاصل يمكن أن تتزامن مع مرض التهاب الأمعاء، فلا شك أن هناك ترابطاً وثيقاً بين جهاز المناعة وبكتيريا الأمعاء والتغذية.
ما هي النصائح التي تقدمها للأشخاص الذين يعانون من آلام المفاصل المزمنة؟
لابد للمريض أن يراجع الطبيب المختص دورياً، وأن يلتزم بالعلاج قدر الإمكان، وتعتبر الرياضة أو العلاج الطبيعي أيضا عاملاً مساعداً على التعافي، حيث تعتبر قوة المفاصل من قوة العضلات.
يجب كذلك ترك التدخين نهائيا، واتباع حمية غذائية سليمة، والابتعاد عن التوثر والانفعالات.
أين تكمن أهمية الكشف المبكر والتدخل الطبي في تقدم الأمراض المرتبطة بالروماتيزم والمفاصل؟
نجد تحديا كبيرا إذا ما تحدثنا عن المرض الأكثر شيوعا وهو التهاب المفاصل الرثوي، التحدي يتمثل في الوصول الى حالة سبات في اسرع وقت. حيث ان المرض يحتاج لمدة ستة أشهر منذ بدايته لكي يتسبب في تشوهات مستديمه في المفاصل، حيث أنه إذا ضل نشطاً يؤدي لا قدر الله إلى تشوهات أو تآكلات في المفصل وهي للأسف تشوهات لا يمكن علاجها مع تقدم المرض، فمن المهم جداً أن يستشير المريض طبيباً مختصاً في حالة ملاحظته أعراضاً للمرض.
ما هي أكثر الصعوبات التي تواجهها في معالجة الحالات المتعلقة بالروماتيزم والمفاصل؟
الحالات الأكثر تحديا نوعا ما هي الحالات النادرة كالذئبة الحمراء التي يمكن أن تصيب الكلى أو الرئتين، والتي تستوجب تنويم المريض في المستشفى، وقد تستوجب أيضا غسيلا للكلى في بعض الحالات. كما أن التهاب العضلات أيضا يمكن أن يندرج في قائمة الأمراض الأكثر صعوبة في العلاج.
كيف للعوامل جينية أن تؤثر في الإصابة بأمراض الروماتيزم والمفاصل؟
للعوامل الجينية تأثير أيضاً حيث أن وجود المرض في تاريخ العائلة الطبي يمكن أن يهيأ لقابلية توارثه، فإذا ما أصيبت الأم مثلا بمرض الروماتيزم ننصحها أثناء علاجها، بالتحدث لأفراد أسرتها ونصحهم بالابتعاد عن محفزات المرض كالتدخين كما ذكرنا سابقاً أو الوزن الزائد.
نلاحظ كذلك أن مرض الروماتيزم يمكن أن يصيب من ليس لهم تاريخ طبي وراثي، نتيجة التهاب فيروسي أو بكتيري، أو في حالات أخرى يظهر المرض بسبب ما يسمى “المايكرو تروما” التي يمكن أن تنتج عن حملنا مثلا لكيس بطرف من أطراف الأصابع فيكون هنا سببا لبداية المرض.
هل للعلاجات الطبيعية مثل العلاج بالأعشاب أو العلاج الطبيعي فضل في تعافي مرضى الروماتيزم والمفاصل؟
كل ما نسعى إليه هنا هو أن نستند على علاجات قائمة على أبحاث علمية وطبية، حيث أن لكل مريض طبيعة فيسيولوجية وتفاعل خاص مع العلاجات تختلف عن غيره من المرضى وإن كانوا يتشاركون نفس المرض، وأنا هنا بصفتي طبيبا استشاريا أستمع لتجارب المرضى مع هذه العلاجات، التي يفضل بعض المرضى إدخالها في النظام العلاجي بما أنهم لاحظوا تحسنا على إثر استخدامها، أنا أمانع العلاجات بالأعشاب في حال تبث تأثيرها السلبي الواضح على العلاج الأساسي الذي تم وصفه للمريض بعد الاطلاع على تحاليل النتائج المخبرية. بينما سجل تحسن ملحوظ عند الحالات التي اتبعت حمية غذائية ترتكز على عدم تناول اللحوم الحمراء.
ما هي رسالتك للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المفاصل والروماتيزم؟
رسالتي للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المفاصل والروماتيزم تتمثل في تغيير نمط تفكيرهم بالمرض، وتبني مبدأ أن هم من يمكنهم التحكم بالمرض وليس العكس. إضافة إلى هذا أنصحهم بعدم الخوف من الاعتماد على الدواء في العلاج، فبالعكس الدواء أتبث نجاعته وساهم بنسبة كبيرة في تحسن حالات عديدة عادت إلى حياتها الطبيعية وممارساتها اليومية، بعد المداومة على استخدامه.