ربع مليار إنسان بدون أمن غذائي
تحرص دولة الإمارات من خلال ما تقوم به من جهود وشراكات لتغيير الوضع الناجم عن انعدام الأمن الغذائي على المستوى العالمي لكونه من التحديات التي تستوجب أعلى درجات التنسيق من قبل المجتمع الدولي كما أكدت أمام مجلس الأمن في الإحاطة المفتوحة بشأن “المجاعة وانعدام الأمن الغذائي العالمي الناجم عن النزاعات”، انطلاقاً من توجه ثابت بأنه لا يجب أن يعاني أحد من المجاعة، ومبينة ضرورة “صياغة استجابات مبتكرة ومعالجة الدافع المتنامي لتحدي انعدام الأمن الغذائي، وهو التغير المناخي وأهمية منح المتضررين الأولوية في خطط الاستجابات.
ربع مليار إنسان حول العالم يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي خلال العام الماضي بحسب “منسقة الأمم المتحدة للوقاية من المجاعة والاستجابة لها”، وهو رقم مخيف وفق كافة المقاييس خاصة أن عدد الجياع وضحاياه أكبر من هذا الرقم بكثير ويفوق الـ800 مليون إنسان، وبالتالي فإن هذا الخطر يستوجب قرع جرس الإنذار لمواجهة المسببات الرئيسية لهذه المأساة والمتمثلة في الصراعات والنزاعات والحروب وانعدام الأمن، ونتائجها الكارثية التي تنعكس بشكل مباشر على حياة مئات الملايين وبالتحديد في المجتمعات الفقيرة حتى وإن كانت بعيدة عن المناطق التي تشهد تلك الأزمات وخارج نطاقها الجغرافي، فالعلاقة بين الحروب والمجاعات وثيقة الصلة وخير دليل تداعيات الأزمة الأوكرانية على الأمن الغذائي وما أوجدته من تحدٍ مضاعف، وهي من ضمن الكثير من الأسباب المؤدية لأزمات تحتاج إلى وقفة جدية جراء تزايد ارتفاع الضحايا وفقدان الآلاف لحياتهم يومياً بسبب الجوع والذي مع كل أسف يبدو أن الأمم المتحدة لا تزال بعيدة عن تحقيق القضاء عليه في الموعد المحدد في العام 2030 رغم أنها وضعت ذلك ضمن أهدافها الرئيسية إذ أن النزاعات والحروب تنذر بأن الطريق لا يزال أطول بكثير.
حجم الكارثة الناجمة عن الصراعات كبيرة ومتشعبة، فهي توقع الضحايا وتتسبب بالدمار ولا تتوقف آثارها عند ما تتعرض له مصادر إنتاج الغذاء من تعطيل ولا بمستوى التهديد الخطير لسلاسل الإمداد الذي يتسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تصبح فوق قدرة مئات الملايين من البشر الذين يقض مضاجعهم يومياً شبح المجاعة وبات رفيق أيامهم الدائم.. بل تنعكس كذلك على التنمية والإنتاج، وفي الوقت الذي يؤكد العالم فيه أهمية انتهاج سبل حديثة وعصرية لإيجاد بدائل غير تقليدية لإنتاج الغذاء وحماية الموارد فإن النزاعات المسلحة تهدد كل توجه هادف وبنّاء لمحاربة انعدام الأمن الغذائي والمجاعات.
العالم أمام استحقاق أخلاقي وإنساني يتمثل بأهمية وقف الصراعات والتركيز على التنمية ومحاربة الجوع والعمل وفق ما يوجبه القانون الدولي الإنساني لإنقاذ مئات الملايين من انعدام الأمن الغذائي وهذا يبقى رهناً بتحقيق الأمن والسلام وتعزيز التعاون.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.