وتستحوذ الصين على ضِعف ما تنتجه بقية دول العالم من الطاقة المستدامة، وتبني منشآت لتوفير 180 غيغاواط من الطاقة الشمسية و159 غيغاواط من طاقة الرياح

الطاقة المستدامة في حوزة الصين

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

اتجاهات مستقبلية

الطاقة المستدامة في حوزة الصين

 

 

 

 

 

تخطو الصين إلى الأمام في مجالات متعددة، ولكن الريادة واضحة في جانب إنتاج الطاقة المستدامة، والهدف هو السعي إلى مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة والنظيفة، ببناء المزيد من المنشآت لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، لتثبيت أو خفض انبعاثاتها بحلول 2030، لتنتقل إلى مرحلة تحقق من خلالها الحياد الكربوني في 2060.

وتستحوذ الصين على ضِعف ما تنتجه بقية دول العالم من الطاقة المستدامة، وتبني منشآت لتوفير 180 غيغاواط من الطاقة الشمسية و159 غيغاواط من طاقة الرياح، إذ تركز بكين على أهداف طموحة للتحول في مزيج الطاقة إلى زيادة مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ولذا تضخ استثمارات ضخمة في مشروعات الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الطاقة المستدامة أدّت إلى خفض تكاليف الإنتاج عن غيرها من الدول، في ظل نمو مطرد للطلب المحلي على الطاقة، في مجتمع يتخطى عدد سكانه مليار و400 ألف نسمة؛ ما يمثل حافزًا لزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، ولاسيّما مع قدرات متقدمة في تصنيع مكونات الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح.

وتمضي الصين في القيام بدور القائد في تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة على المستوى العالمي، في إطار جهودها نحو مسار التنمية المستدامة، والآن الصين هي القوة التي لا يمكن الاستغناء عنها لقيادة نمو الطاقة النظيفة في العالم، فمجموع إنتاجها بلغ 339 غيغاواط، أي 64% من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، لتليها الولايات المتحدة بإنتاج 40 غيغاواط، وهنا نلاحظ الفارق الكبير جدًّا بين ما وصلت إليه بكين من قدرات وبين الدولة الأكبر اقتصادًا في العالم؛ الولايات المتحدة.

إن الاستباق الصيني في بناء مشروعات الطاقة المتجددة يعني إدراكًا للتحولات الطاقية لجعل كوكبنا أكثر قدرة على التكيف مع التغير المناخي، وعلى المستوى الاقتصادي، توفير بدائل في المناطق النائية والمراكز الاقتصادية بالدولة، ومن الممكن أن يتوازن هذا العام المزيج الطاقي للصين مع تجاوز طاقة الرياح والطاقة الشمسية الطاقةَ الناتجة عن احتراق الفحم، وربّما هذا الأمر جعل بكين تتوقف، في 2024، عن إصدار تصاريح لمشروعات الصلب المعتمدة على الفحم.

وربّما كانت الحرب في أوكرانيا 2022، واضطراب الإمدادات وأسعار الطاقة دافعًا لتسريع مشروعات الطاقة المتجددة في الصين وغيرها من البلدان، لكنها ليست السبب الرئيس، وإنما التزام البلد الصناعي الكبير في تقليل الانبعاثات، واليوم بكل ثقة نجد الصين على الطريق منفردًا في مقدمة العالم، وبنهاية 2024، سترتفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 40% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة في البلاد.

وبدأت الصين خطتها للوصول لذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل 2030، عام 2021، أي ليس منذ زمن بعيد، لكن الخطوات كانت سريعة ومنظمة وفق أسس تعاونية مع المجتمع الدولي للدفع باتجاه التحول، وتوسيع الاستثمارات في الطاقة النظيفة، وجذب خبراء الطاقة النظيفة للعمل في الصين، وسمح العمل مع الدول الأعضاء في “مبادرة الحزام والطريق” بنقل الخبرات الهندسية والبناء وشراء المعدات اللازمة في شبكة واسعة من مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة حول العالم.

وتمنّي النفسَ الصينُ بالبقاء على قمة الطاقة المتجددة في العالم، وتخصص من أجل ذلك نحو 6 تريليونات دولار خلال العقدين المقبلين، مع التوقعات بارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، وإلى عام 2060، ستضخ الدولة العملاقة استثمارات داخلية في مصادر الطاقة النظيفة قدرها 21.8 تريليون دولار.

والصين أكبر منتج للهيدروجين الأخضر، وقوة صاعدة في مجال الطاقة النووية السلمية، وتُسهم في تحفيز الابتكار التكنولوجي وخفض تكاليف الطاقة النظيفة والمتجددة، لقيادة الكوكب في الحياد الكربوني وتحول الطاقة، ووضع القواعد العالمية الحاكمة لتحول الطاقة بما يتناسب مع المصالح والانتقال العادل والآمن في العالم، وبما يحقق مكاسب اقتصادية واستثمارية، وهنا يُنتظر أن تؤدي الصين دورًا محوريًّا في مساعدة الدول النامية في الجوانب التقنية والتمويلية لزيادة مساهمة الطاقة الشمسية والرياح في مزيج الطاقة.


تعليقات الموقع