مركز “تريندز” الحضور والتأثير

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي:كاتب إماراتي

مركز “تريندز” الحضور والتأثير

مركز “تريندز” حالياً، يُعد واحداً من أنشط المراكز البحثية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب في العالم

 

من وقت لآخر تترسخ مكانة مركز تريندز للبحوث والاستشارات بين مراكز العالم؛ وتتجذر قيمته العلمية بين بيوت الخبرة في دوائر مساعدة صناعة القرار المرموقة والعريقة، ولعل تكريمه في مقر مجلس اللوردات بالبرلمان البريطاني، مؤخراً، من قبل الشبكة العربية العالمية كأفضل مركز بحثي في عام 2024 يعكس تلك المكانة العلمية ويؤكد على دوره في نشر المعرفة التي تشكل الأرضية التي تُبنى عليها المجتمعات الإنسانية في العالم وتخلق رابط تواصلي لتبادل الأفكار والمعرفة.
مركز “تريندز” حالياً، يُعد واحداً من أنشط المراكز البحثية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب في العالم وليس في منطقتنا فقط. حيث تقوم تلك المراكز ومنها “تريندز” بدور تنويري مجتمعي في مجال الأخطار الناتجة من خطابات الكراهية والتطرف مستفيداً في ذلك من خلال التواجد المستمر في العديد من المؤسسات الفكرية والتشريعية؛ فهو يكاد لا يتركمناسبة ثقافية وفكرية دون أن يكون له بصمته فيها لمحصلة السلام والاستقرار العالميين فهذه هي رسالته التي قام من أجلها وهدفه الاستراتيجي، كما أن “تريندز” لا يألو جهداً في سبيل إشراك فريقه البحثي من المواطنين والأجانب في التفاعل مع المجتمعات الإنسانية لإبراز دوره الإنساني في العالم.
إن “لهفة” المؤسسات البحثية والعلمية على التعاون مع “تريندز” وتوقيع الاتفاقات التعاونية والشراكات بجانب أنه يعكس تلك المكانة التي يحتلها المركز، فإنها تبرز في المقابل حالة الثقة المتنامية للمركز في مجالات البحث العلمي وقدرته على التأثير من خلال استخدام المعرفة والثقافة باعتبارها “الأسلحة الناعمة” للمؤسسات العلمية، ويبرز ذلك التأثير في ممارستين أو سلوكين اثنين لمركز “تريندز” هما. الممارسة أو السلوك الأول: التواجد المستمر والفعال في العديد من المؤسسات الفكرية والتشريعية آخرها التواجد في أبرز برلمانين في أوروبا الأول في مجلس الشيوخ الفرنسي وهي الغرفة العليا فيه، وفي مقر البرلمان البريطاني حيث حضر إحدى المناقشات للحكومة البريطانية واستغل ذلك الحضور بالتواصل مع الباحثين العاملين في البرلمان.
الممارسة أو السلوك الثاني:أن مركز “تريندز” بات مشاركاً في تشكيل نهضة فكرية حول مخاطر التنظيمات التي تدعي التدين بغض النظر عن طبيعة العقيدة؛ ولكن لها أهداف أخرى وتتمحور هذه النهضة في التأثير على الاتجاهات الفكرية لتلك التنظيمات من خلال ملاحقتهم فكرياً في أماكن تواجدهم، ومعروف أن أوروبا وخاصة فرنسا وبريطانيا أحد المقرات المهمة لأصحاب هذا الفكر المتطرف، بالإضافة إلى وجود المفكرين الغربيين المتأثرين بهذه التيارات وبمجرد سماعهم عن حضور مركز “تريندز” في تلك الدول أو العواصم تنتابهم حالة هيسترية وقلق. ويمكن قياس حجم القلق والخوف الذي يحدثه المركز بقدر ردة الفعل الإعلامية والحملة ضد نشاطه.
ولهذا علينا ألا نستغرب كثيراً إذا ما وجدنا اسم تريندز حاضراً كلما جاء الحديث عن البحث العلمي عامة والبحث في قضايا مكافحة التطرف والإرهاب أو بمعنى آخر أهمية نشر ثقافة التسامح الإنساني والتعايش الفكري والديني.
فحين يذكر النشاط البحثي يذكر مركز تريندز، وحين تذكر استراتيجيات مكافحة الإرهاب والتطرف يذكر تريندز، فتاريخه رغم قصر عمره الزمني إلا أنه حاضر ومؤثر ومحسوس، فقد انتشر في العديد من بقاع العالم اقتناعاً من القائمين بأن مسألة التأثير في الوعي الإنساني يحتاج التواصل المستمر خاصة في أخطر قضية تقلق دوائر صناعة القرار الدولي وهو التطرف والإرهاب؛ فهناك مكاتب في كندا، وفي جنوب أفريقيا، وفي عدد من دول شرق آسيا. واستكمالاً لاستراتيجية التواجد فهو يتبع التواجد المكاني بغزارة الإنتاج المعرفي وكذلك زخم الفعاليات الفكرية وهي من أدوات التأثير والإقناع فهناك حملة فكرية نشطة للمركز على مستوى الدوائر الفكرية وعلى الفعاليات الثقافية.
الحضور الفاعل في الدوائر الفكرية لا يعكس فقط مرحلة الرغبة في التبادل المعرفي بين جهات ذات الاختصاص العلمي المشترك، وإنما يساهم في ممارسة القوة الناعمة للدولة التي تمثلها من خلال دعم مواقف الحكومات تجاه القضايا التي تتبناها، وهذا تحديداً ما يفعله مركز تريندز الذي يقدم محتوى ثري في تخصصه كما يقدم محتوى ملهم بأفكار ورؤى من منطقة الشرق الأوسط إلى العالم لآليات مكافحة الإرهاب والتطرف التي يعاني منه العالم بأكمله، لذا نجد المراكز البحثية الغربية ترغب إلى الاستماع من مراكز بحثية تمثل الشرق أو جنوب العالم مثل مركز “تريدنز”.


تعليقات الموقع