اتجاهات مستقبلية
الصناعة تقود عصر الذكاء الاصطناعي
عندما أطلقت دولة الإمارات استراتيجيتها الصناعية “عملية 300 مليار” عام 2021، كان هدفها الأول ترسيخ مكانتها كمركز صناعي وابتكاري عالمي بحلول عام 2031. غير أن ما تحقق، على مدى الأعوام الأربعة الماضية، يؤكد أن الإنجاز التصنيعي الإماراتي ومستهدفات الخطط الصناعية سيتحققان قبل هذا التاريخ؛ ما يمثل إنجازًا جديدًا يضاف لسجل الإنجازات الإماراتية في عصر الذكاء الاصطناعي.
ولعل هذا الإنجاز الاستثنائي للصناعة الإماراتية يرجع إلى أن الحكومة الإماراتية بذلت جهودها المتميزة والمستمرة على ثلاثة مسارات متوازية؛ إذ عززت من دور القطاع الخاص الوطني في عملية التصنيع، وفي توطين الوظائف للكوادر الوطنية، عبر تقديم دعم تمويلي وتنظيمي مستمر للشركات الإماراتية الصغيرة والمتوسطة؛ كما قدمت الحوافز التنافسية للاستثمارات الأجنبية الابتكارية، حتى صار الاقتصاد الإماراتي الوجهة الأولى إقليميًّا في استقطاب هذه النوعية من الاستثمارات بقيمة وصلت في عام 2024 وحده إلى نحو 52.3 مليار درهم إماراتي.
وبالإضافة للتحفيز المستمر للاستثمار المحلي والأجنبي في قطاع التصنيع، أفسحت الجهود الحكومية المجال للتصنيع المتقدم في بيئة الأعمال الإماراتية المزدهرة؛ سواء عبر تدشين منصات وطنية واعدة وإطلاق مبادرات رائدة، أو من خلال عقد معارض ومؤتمرات وفعاليات صناعية ترسخ قدراتها في التصنيع الابتكاري، وريادة عصر الذكاء الاصطناعي. وكان من أبرز هذه الفعاليات النسخة الرابعة من معرض “اصنع في الإمارات”، الذي عُقد في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في الفترة من 19 إلى 22 مايو 2025.
فعلى مدى أيامه الأربعة، أطلقت دولة الإمارات مبادرات رائدة لدعم التصنيع والتنويع الاقتصادي، وبرامج نوعية لترسيخ القدرات الوطنية في الذكاء الاصطناعي، وفي التصنيع المستدام. فلقد تم إعلان خطة لدعم التصنيع وتعزيز التنويع الاقتصادي بقيمة تناهز 11 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، كما أطلقت الدولة منصة بقيمة مليار درهم لتعزيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة. وفي السياق نفسه، الداعم للتصنيع، وقّعت شركة أدنوك اتفاقيات تصنيع بقيمة 6 مليارات درهم، ومنحت عقودًا بقيمة 17.9 مليار دولار لـ 400 شركة محلية في النصف الأول من 2025 لتعزيز القدرات الصناعية الإماراتية.
ويمكن القول إن نسخة هذا العام من معرض “اصنع في الإمارات” اكتسبت أهمية استثنائية، وتنعقد عليها آمال تنموية عريضة؛ لكون الذكاء الاصطناعي حاز الاهتمام الأول من جميع المشاركين والعارضين من رواد القطاع الصناعي، عالميًّا ومحليًّا. كما أنها تأتي بالتزامن مع تدشين دولة الإمارات استثمارات استراتيجية في قطاع الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات بالمشاركة بين كبريات الشركات الإماراتية والأمريكية، وعلى رأسها مجموعة G42 الإماراتية.
ومن بين نحو 700 عارض، وبجناح تفاعلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، حرص مركز “تريندز” للبحوث والاستشارات على المشاركة الفاعلة في نسخة هذا العام من هذا الحدث الصناعي الأهم في دولة الإمارات. ومن خلال بحوثه وإصداراته في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، التي أتاحها في جناحه في معرض “اصنع في الإمارات”، وعبر تفاعله مع المبتكرين والمستثمرين، وصنّاع السياسات وقادة الصناعة، رسّخ مركز “تريندز” دوره كمركز فكر داعِمٍ للنهضة الصناعية الوطنية، ومُعزِّزٍ للوعي بأهمية الابتكار في تشكيل مستقبل الصناعة الإماراتية؛ لكي تقود عن جدارة عصر الذكاء الاصطناعي.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.