اتجاهات مستقبلية  

الرئيسية مقالات
 اتجاهات مستقبلية  

 

 

اتجاهات مستقبلية

التمكين آلية لمواجهة العنف ضد المرأة

 

 

داوم العنف بكل أشكاله على تهديد استقرار المجتمعات، سواء بشكله الإرهابي أو الجنائي أو حتى المجتمعي، فكل عنف هو انتهاك لكرامة الإنسان، وسلوك مدمّر للفرد والأسرة والمجتمع، وحماية المرأة والفئات الضعيفة في المجتمع من أسمى معايير تماسك وقوة المجتمعات، فالعنف ضد المرأة يمثل عالميًّا واحدًا من أوسع انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا، ومع التطور الرقمي تطورت وسائل العنف ضد المرأة عبر المنصات الإلكترونية، وبات تهديدًا سريع التنامي، يبرز على الوسائل الرقمية والواقعية.

ويمثل اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (25 نوفمبر)، محاولة دولية مهمة ودعوة لإنهاء العنف ضد المرأة بمشاركة المجتمع بكل مكوناته، عبر تنفيذ الحكومات للتشريعات القانونية القادرة على الحد من الإفلات من العقاب بقوانين تجرّم العنف، وضمان شركات التكنولوجيا لسلامة المنصات وإزالة المحتوى الضار، واضطلاع كل فرد في المجتمع بدورٍ في تمكين المتضررات، والوقاية من العنف.

وتُستَخدم الأدوات الرقمية على نحو متزايد في الملاحقة والمضايقات وإساءة المعاملة، بما في ذلك مشاركة الصور الخاصة، والتنمّر الإلكتروني والتصيد والتهديدات عبر الإنترنت، ونشر خطاب الكراهية والمعلومات الخاصة والمضللة على منصات التواصل الاجتماعي، والملاحقة أو المراقبة عبر الإنترنت لمتابعة أنشطة الشخص، والاستدراج عبر الإنترنت والاستغلال الجنسي، وانتحال الهوية والصيد الاحتيالي، وغالبًا ما تنتقل هذه الأفعال من العالم الافتراضي إلى عنف في الواقع، مثل الإكراه والعنف الجسدي، وقد يصل العنف إلى القتل القائم على النوع الاجتماعي.

وأي فعل عنيف يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، بدنيًّا كان أو نفسيًّا أو جنسيًّا، هو غير مقبول، ويجب أن يجرّم حول العالم، إذ حرّمت الأديان والمواثيق الأخلاقية والقيمية تعنيف المرأة والاعتداء عليها، لكن لا تزال الظاهرة تتفشى، ربما لعدم القدرة على دعم ثقافة قبول الآخر واحترامه ومعرفة الحقوق والواجبات المتبادلة، وأحيانًا لأسباب اقتصادية واجتماعية، وضعف التعليم، واضطراب البنية الأسرية، لكن كل هذا لا يبرر ضعف التشريعات، فحين يُترك الطرف الأضعف بلا حماية يتعزّز مناخ العنف.

إن انحراف فهم بعض الناس للقيم المجتمعية والمعايير الدينية والأخلاقية لا يغفر له الجرم ضد المرأة، والتنديد أو العتاب العابر غير كافٍ، وإنما ينبغي أن يكون هناك مشروع معرفي وتربوي متكامل، يُعيد تشكيل الوعي الديني والاجتماعي على أسس من الوئام والاحترام الإنساني والحوار، للقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، وتمكينها في ركائز السياسات العامة، بما يؤدي إلى تقليص هشاشة وضعها الاجتماعي.

لقد حدد العالم يومًا لحث الدول والمجتمعات في كل بقاع المعمورة إلى معالجة ظاهرة عالمية، خاصة في الدول غير المستقرة أمنيًّا وسياسيًّا، وقد يركز بعضهم على العنف ضد المرأة في الإيذاء البدني أو الجسدي فقط، لكن علينا ألا نعتبر أن الحرمان من التعليم والعمل والمشاركة السياسية، ومختلف أشكال التمييز في المجتمع هو عنف ضدّها، ولذا بدأت دول عدة في المنطقة تطور تشريعاتها لمناهضة العنف ضد المرأة.

إن المرأة شريك في مسيرة التنمية المستدامة الشاملة في دولة الإمارات، وقد حظيت بالدعم من القيادة الرشيدة منذ تأسيس الدولة، واليوم تحقق التوازن، وأصبحت المرأة موجودة في كل الوظائف في القطاعات الحكومية والخاصة، ووصلت إلى أعلى المناصب في مواقع اتخاذ القرار، وتتصدر الإمارات العالم في التحاق المرأة بالتعليم العالي، وقد طورت الدولة قانون العقوبات لمكافحة الظاهرة، وضمنت المساواة بين الجنسين كركن رئيسي من رؤية الإمارات، وكذلك تمكينها في جميع المجالات إيمانًا من الدولة بأن تمكين المرأة أمر أساسي للمجتمع، وقد أثبتت المرأة الإماراتية بأنها قادرة على أداء دور فاعل في دعم تنمية الدولة وتطورها.

ويمكننا القول إن يوم 25 نوفمبر، أضحى يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي تكريمًا لناشطات من جمهورية الدومينيكان قُتلن بوحشية في عام 1960، وباتت ذكراهم يومًا لحث العالم على التعاون في القضاء على العنف ضد المرأة، ونحن في 2025، علينا إزاحة العوائق أمام المرأة لتمكينها، وتشارك المجتمع الدولي أكثر في محاربة العنف، خاصة العابر للحدود عبر الفضاءات الرقمية، من خلال شبكات تعاونية دولية تضع معايير للمراجعة والتدقيق في المحتوى الإلكتروني، وعدم السماح باستمرار العنف ليصل إلى جريمة جديدة على أرض الواقع.


اترك تعليقاً