إدارة أمريكية جديدة
“كمدينة مشعة على تلة”، وصف رونالد ريغان الرئيس الأمريكي السابق لولايتين “1981-1989” الديمقراطية الأمريكية، والتي كان يرى فيها القدرة على تجاوز أي أزمة، وهذا صحيح بالنسبة للديمقراطية الأكبر في العالم، ومهما قيل عن أحداث يوم الأربعاء الماضي غير المسبوقة منذ العام 1812، فإن ذلك لا يعني أي تأثير على آلية الحكم في الولايات المتحدة وإن أعطت الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الجديد جو بايدن الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب مما يعني منحه تفويضاً لتمرير السياسات التي يراها دون صعوبة أو تعقيد خاصة في القرارات التي تحتاج إلى تصويت في المجلسين.
العالم نظر بتعجب إلى أحداث الأربعاء الماضي عندما اقتحم الآلاف مبنى الكابيتول في العاصمة الأمريكية لأنه رأى منظراً لم يعتد عليه سابقاً، ولكنه يدرك تماماً أن الديمقراطية الأمريكية أكبر من أن تتأثر بمشاهد غريبة استمرت لساعات وسوف تصبح من الماضي خلال فترة قصيرة، لا بل إن الكثير من القيادات الأمريكية في الحزب الجمهوري قد سارعت للتبرؤ والإدانة والاستنكار لما رأوه كما تابع العالم، وهذا يعني أن الفوضى مرفوضة ولا يمكن أن يكون لها أي وجود في بلد يحكمه القانون كالولايات المتحدة وآلية منضبطة في كل ما يخص السلطات وقراراتها ذات الصلة، وأنه لا يمكن مخالفة الأغلبية في صناديق الاقتراع مهما كانت بسيطة، علماً أنها إن كانت كذلك في التصويت المباشر لكنها تختلف بالنسبة لأصوات المجمع الانتخابي والتي اكتسحها بايدن بفارق كبير بلغ 306 مقابل 232 لمنافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب والذي تنتهي ولايته خلال أيام.
لا ينكر أحد أن الولاية الرئاسية لترامب قد كانت جديدة في الكثير من مفاصلها وحتى مثيرة للجدل، لكنها بالمجمل شهدت عدد من الإنجازات التي يجب البناء عليها.. وفي الوقت ذاته فإن العلاقات التي تقوم بين الولايات المتحدة والكثير من دول العالم تستند إلى تحالف تاريخي بغض النظر عن شخصية أو حزب الرئيس الأمريكي، أو الإدارة الحاكمة، وهذا ما تؤكده مسيرة عقود طويلة من العلاقات التي تحرص عليها جميع الأطراف وتركز على الموقف الأمريكي الذي يمكن أن يكون الفاعل الأكبر تجاه التعامل مع مختلف الأزمات والملفات الثقيلة حول العالم.
الصورة في الولايات المتحدة هي أن هناك إدارة جديدة وسيد جديد قادم للبيت الأبيض، سوف يكون مسؤولاً عن الملفات الهامة والضاغطة التي سيعمل عليها سواء أكانت على المستوى الداخلي أو الخارجي، وفي العالم يدرك الجميع أن بلداً كالولايات المتحدة أكبر بكثير من أن يتأثر بردة فعل غاضبة قام بها عدد من الذين اعتقدوا أنهم يمكن أن يكونوا فوق الوقائع والقانون أو الحقائق التاريخية لبلادهم، والاهتمام اليوم سيكون متجهاً إلى ما بعد الـ20 من الشهر الجاري موعد انتقال السلطة الذي سيكون سلمياً ودون أي من السيناريوهات التي تحدثت عنها عدد من وسائل الإعلام العالمية وخاصة من ناحية إعلان الرئيس ترامب بانتقال سلمي للسلطة سوف يتم بشكل طبيعي.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.