مجلس الأمن إلى الإدانة الصريحة لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية

نحو تحرك دولي جاد وفاعل لمواجهة عرقلة الميليشيات للمساعدات الإنسانية

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

نحو تحرك دولي جاد وفاعل لمواجهة عرقلة الميليشيات للمساعدات الإنسانية

 

 

تمثل الميليشيات والجماعات المسلحة مصدر تهديد متعدد الأوجه للأمن الإنساني؛ فهي تُضعف سلطة الدولة وقدرتها على بسط سيادتها الوطنية، وتخلق من ثم حالة من الفوضى الأمنية التي تجعل الجميع فيها يشعر بالخوف على أمنه وحياته. كما تُوجد حالة من غياب حكم القانون تقوم خلالها هذه الميليشيات بارتكاب جرائم مروعة ضد الإنسانية في حق المدنيين.
وبرزت مؤخراً من هذه التهديدات ظاهرة تنامى معها عدد هذه الميليشيات وخطورتها في منطقة الشرق الأوسط بعد الاضطرابات التي شهدتها المنطقة في إطار ما يعرف بالربيع العربي حيث أنها قامت بنهب المساعدات الإنسانية المقدمة لبعض الشعوب والمجتمعات التي ترزح تحت وطأة الصراعات الأهلية، أو بعرقلة وصولها للفئات المستهدفة ما يفاقم من خطورة الأوضاع الإنسانية الصعبة لهذه المجتمعات.
وتصنف هذا الأعمال في خانة جرائم الحرب كما تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني؛ فتعمد تجويع المدنيين كأسلوب حرب يهدف إلى حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، سواءً من خلال نهب هذه المواد أو تعمّد عرقلة إمدادات الإغاثة والمساعدات على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف، يعد جريمة حرب ينبغي معاقبة الجهة التي تقف وراءها استناداً إلى القانون الدولي الإنساني.
وتأتي من هنا أهمية البيان الخطي الذي قدمته دولة الإمارات خلال المناقشة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن حول الصراع والأمن الغذائي قبل أيام، والذي دعت فيه مجلس الأمن إلى الإدانة الصريحة لعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية من قبل الجماعات المسلحة، ومطالبتها بالاحترام الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
ويشار إلى أن هذه الميليشيات والجماعات المسلحة لا يقتصر خطرها على عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في مناطق الأزمات والصراعات؛ بل إنها تستخدمها، في أحيان كثيرة، كورقة ضغط للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية، فضلاً عن أنها تتجه إلى مصادرة هذه المساعدات لحساب عناصرها ومؤيديها، ضاربة عرض الحائط بالمواثيق والقوانين الإنسانية.
والنموذج الواضح على هذا ميليشيات الحوثي التي اعترفت في العديد من المناسبات بتلاعب مسؤوليها بالمساعدات الإنسانية ونهبها، وذلك بعد تهديد المنظمات الدولية العاملة في اليمن بخفض مساعداتها في المناطق التي تسيطر عليها؛ ومع استمرار العديد من الصراعات المسلحة في المنطقة، وتراجع فرص حلها سياسياً، يظل العمل الإنساني والإغاثي طوق النجاة للملايين من المهجرين والنازحين والمشردين.
كما أن العمل الإنساني والإغاثي يظل بمثابة سفينة الإنقاذ من براثن الموت الذي يتربص بهؤلاء ليل نهار، لهذا فإن هناك ضرورة لتحرك المجتمع الدولي، بمنظماته الأممية والدولية والحقوقية، لضمان تأمين وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء، وعدم تركهم فريسة لجماعات مسلحة وميليشيات طائفية تُتَاجِر بمعاناتهم وتصادر حقهم في الحياة والبقاء.
وقد تكون الخطوة الأولى في هذا التحرك متمثلة في رفض فكرة وجود هذه الميليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة من الأساس، ورفض التعامل معها بأي شكل من الأشكال السياسية، لأن مجرد التعامل مع مثل هذه الميليشيات يشجعها، ويشجع غيرها، على الخروج على سلطة الدولة الوطنية وتهديد الأمن الإنساني للدول والمجتمعات.


تعليقات الموقع