اتجاهات مستقبلية
أهمية الحفاظ على سلامة ممرات الملاحة البحرية العالمية
كشفت أزمة السفينة “إيفرجيفن” التي جنحت في قناة السويس وتسببت في تعطيل حركة النقل الدولية في هذا الممر الملاحي المهم عن أهمية الحفاظ على سلامة ممرات الملاحة العالمية، وضرورة التعاون لتجنيبها أي حادث من شأنه أن يتسبب في إغلاقها أو عرقلة حركة الملاحة فيها، لما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على حركة التجارة الدولية.
يشكل إغلاق أي من ممرات الملاحة العالمية لا سيما في هذه المرحلة التي ما زال العالم يواجه فيها التداعيات السلبية لجائحة كورونا خطراً كبيراً ومباشراً على حركة التجارة الدولية، خاصة في ما يتعلق بسلاسل التوريد التي عانت خلال العام الماضي، وما زالت تعاني بسبب سياسات الإغلاق الاقتصادي وما ترتب عليها من تعطيل لحركة الملاحة بشكل ملحوظ.
وتتضح هذه المخاطر أكثر بالنظر للأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه الممرات على مستوى التجارة الدولية وحركتها وأثرها على الاقتصاد العالمي، فحسب تقرير نشرته مؤخراً وكالة “بلومبيرج” الأمريكية وتناقلته العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية، يتدفق عبر البحار إجمالي 70% من حجم التجارة الدولية، من بينها ثلثي تجارة النفط الخام العالمية و80% من منتجات البترول الأخرى.
وتبدو هذه المخاطر ماثلة للعيان، بالنظر إلى الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على إغلاق قناة السويس لأيام قلائل، حيث قدرت تقارير اقتصادية دولية، الخسائر الناجمة عن تعطل حركة الملاحة في القناة بما يتراوح بين 6 و10 مليارات دولار أسبوعياً، في ظل تكدس مئات السفن التي تنتظر عبور القناة ما أثر على سلاسل التوريد العالمية، وتأخر تسليم البضائع العالمية في توقيتها المحدد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع لا سيما الاستراتيجية منها مثل النفط. وتشير هذه الأرقام والخسائر التي تسببت فيها أزمة عرضية طارئة إلى أمر في غاية الأهمية يتعلق بضرورة حماية سلامة الممرات البحرية من أي تهديد محتمل يمكن أن يتسبب في أزمات قد تؤدي إلى إغلاقها بشكل يضر بالاقتصاد العالمي.
وتبرز هنا أيضا بصورة خاصة التهديدات التي تتعرض لها حركة الملاحة البحرية في بعض الممرات المهمة في الشرق الأوسط، ولا سيما مضيق هرمز ومضيق باب المندب؛ فعلى سبيل المثال، فإن تهديد إيران المستمر بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه نحو 40% من تجارة النفط في العالم، باعتباره ورقة ضغط في مفاوضاتها مع القوى الدولية ، قد يؤدي إلى تداعيات “كارثية” للاقتصاد والتجارة العالميين. وكذلك الحال بالنسبة للتهديدات التي تشكلها جماعة الحوثي، المدعومة إيرانياً، للملاحة البحرية في مضيق باب المندب.
إن ضمان سلامة ممرات الملاحة العالمية وإبقائها مفتوحة دائماً وعدم تعرضها لأي تهديدات، ليس مسؤولية دولة واحدة أو اثنتين أو حتى مجموعة دول، وإنما هي مسؤولية المجتمع الدولي، وذلك بالنظر إلى ارتباط أمن هذه الممرات بالمصالح الوطنية لمختلف دول العالم. ويصبح التضامن الدولي لضمان سلامة تلك الممرات، في ظل ما يشهده العالم من مخاطر وتهديدات وأزمات متعددة الأبعاد، أمراً ضرورياً ولا غنى عنه.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.