ديبي نهج سياسة الانفتاح على جميع دول العالم وكان عضواً فعالاً في الاتحاد الأفريقي

تشاد وتبعات مصرع الرئيس

الرئيسية مقالات
جبريل العبيدي: كاتب عربي

تشاد وتبعات مصرع الرئيس

 

 

لعل مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي متأثراً بجراحه في الصفوف الأمامية للقتال في معارك مع المتمردين، سيضع البلاد أمام مفترق طرق، خاصة في ظل ازدياد نفوذ المتمردين الذين لا يرغبون في استقرار البلاد، وهي التي كانت تنعم باستقرار نسبي في محيطها الأفريقي خاصة أنه تعد معبراً مهماً للهجرة غير القانونية، إضافة إلى أنها تتميز بوجود جبال وتضاريس تمكن الجماعات الإرهابية من الاختباء فيها بعد مقتل رجل تشاد القوي.
“رئيس الجمهورية إدريس ديبي إيتنو لفظ أنفاسه الأخيرة مدافعاً عن وحدة وسلامة الأراضي في ساحة المعركة”.. هذا كان بيان الجيش التشادي عقب مقتل الرئيس التشادي في القتال الذي اندلع بالقرب من نوكو في كانم، وهي منطقة تقع في وسط غرب البلاد، عشية إعلان فوزه بولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية.
المارشال إدريس ديبي، أو الزعيم الوطني، كما وصفه ونعاه الكثير من الرؤساء ، وكما يحب مؤيدوه تسميته، يحسب له كما يقول أنصاره أنه أول من سمح بالنظام الديمقراطي كبديل للديكتاتورية، وقام بإلغاء البوليس السياسي، وسمح بإنشاء وتأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية، وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، ومنح الإعلام الحرية الكاملة، حيث توجد عشرات الصحف والإذاعات الخاصة، وبسط الحريات السياسية بصفة عامة، وعقد المؤتمر الوطني، وأنشأ دستوراً دائماً للبلاد تم استفتاء الشعب عليه، ونظم انتخابات رئاسية وبرلمانية.
الزعيم إدريس ديبي نهج سياسة الانفتاح على جميع دول العالم، وكان عضواً فعالاً في الاتحاد الأفريقي، بل كان أيضاً مساهماً في جميع محاولات السلام والاستقرار في ليبيا، ولم يحسب عليه أنه كان طرفاً في تأجيج الصراع داخل ليبيا، ولم يشارك في سياسات المحاور والاحتراب داخل أفريقيا وخارجها، وكان سداً منيعاً ضد الجماعات الإرهابية العابرة للحدود، خصوصاً التي كانت تستوطن الحدود الليبية – التشادية، بل إنه حارب تنظيم «داعش» الإرهابي وفروعه المختلفة ومنها “بوكو حرام”.
الرئيس التشادي كان مشاركاً بفاعلية في المنظومة الدولية لتحقيق الأمن والسلم، ومنها الوساطة في قضية دارفور وأفريقيا الوسطى وبوروندي والكونغو.
ولد الزعيم التشادي إدريس ديبي في عام 1952 بمدينة بفادة شرق تشاد، وهو ابن أحد الرعاة من جماعة الزغاوة التشادية، وكان قد قاد حركة تحرر في بلاده تمكنت من الإطاحة بحكم حسين هبري، ثم أعلن الانتخابات الرئاسية في البلاد والتي لعل فوزه الأخير فيها كان حاسماً حيث حصل على نحو 80 في المائة من الأصوات من دون أدنى اتهامات بالتزوير في ظل معارضة منقسمة ومشتتة تمكن على أثرها بالفوز بلا منازع، الأمر الذي لم يَرُق للمعارضة والمتمردين ما جعلهم يشعلونها حرباً.
الفوز الأخير للرئيس التشادي الذي لم يمكنه الموت حتى من الفرحة به، أكد على وجود شعبية للرئيس بين شعبه، بعد ثلاثة عقود من الحكم كان معارضوه يصفونه بالديكتاتور، إلا أن ذهاب إدريس ديبي إلى الصفوف الأمامية للقتال ومقتله بعد جراح أصيب بها تؤكد أن للرجل شجاعة لا يمكن إنكارها حتى من قِبل معارضيه.
وبعد مقتل الرئيس التشادي، ورغم التطمينات التي أطلقها الجيش وتولي نجله محمد رئاسة المجلس العسكري، فإن حالة القلق لا تزال مصاحبة للمشهد التشادي خصوصاً في ظل تمدد «داعش» في أفريقياً وتحركات الجماعات والميليشيات المسلحة بين مثلث تشاد ليبيا السودان، ما سيعكس اضطراباً أو زعزعة استقرار على دول الجوار، خصوصاً أن ليبيا مثلاً لا تزال تتماثل للشفاء من حروب طاحنة والسودان انقسم إلى دولتين. ورغم محاولات لملمة أجنحة المعارضة المسلحة فإن البنادق لا تزال معبأة بالرصاص، وقد يعزف الرصاص سيمفونية الموت في أي لحظة فراغ سياسي أو عسكري يلتمسه.” الشرق الأوسط”

 

 


تعليقات الموقع