تونس تستعيد بوصلة الأمان

الإفتتاحية

تونس تستعيد بوصلة الأمان

حتى ساعات قليلة خلت، كانت أوضاع تونس الشقيقة توحي بانهيار متسارع على الصعد كافة وخاصة الصحي منها مع تفشي وباء “كوفيد19” والشلل الرسمي الناجم عن الصراع للهيمنة على السلطة ودائماً حركة “النهضة” الإخوانية رأس الحربة السام فيه، وفي مواكبة غليان شعبي شبيه بألسنة لهب تطل في غابة جافة تنذر بحرائق يمكن أن تأتي على كل شيء، كان لابد من قرارات تاريخية تكون على حجم التحديات والمخاطر المحدقة وتضع حداً لانفجار لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يسببه لتونس، وتكون بمثابة وسيلة لإنقاذها من أزمتها المتسارعة والتهاوي غير المسبوق الذي تمر به، وهو ما دفع الرئيس التونسي قيس سعيد لإصدار عدة قرارات في مرحلة مفصلية من تاريخ بلاده مستنداً إلى سلطته الدستورية وفق المادة “80”، حيث أمر بتجميد عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، وسرعان ما تأكد أن تلك القرارات قد أثلجت قلوب الشعب التونسي والذي خلال أقل من 24 ساعة بعد أن كانت الساحات تغص بالغاضبين، عادوا ليعبروا عن دعمهم لقرارات الرئيس التونسي بأفراح واحتفالات ملأت الشوارع والميادين في أغلب المدن، لأن الشعب الذي عانى كثيراً يدرك مكمن وسبب الأزمات الحياتية المدوية التي يعيشها، وما التعبير عن الفرح الشعبي في تونس إلا دليلاً على أن القرارات التي ينتظرها المجتمع التونسي هي ما يراه بوصلة للأمان في الوقت الصعب، وقد كان الرئيس التونسي محقاً تماماً عندما وصف وضع بلاده بالقول: “نمرّ بأدقّ اللحظات في تاريخ تونس.. بل بأخطر اللحظات”.
منذ ما سمي بـ”الربيع العربي”، كانت تونس الأقل تأثراً بالأحداث، لكنها ابتُليت بجماعة “الإخوان” الإرهابية في فترة لاحقة كغيرها، وهو الداء الذي لا حل يجدي معه نفعاً إلا البتر، واليوم فالتأييد الكبير من داخل تونس وخارجها للقرارات التاريخية على أشده، ووحدها الأقلام السامة والمرتزقة ومن يروجون لشائعات تخالف حركة التاريخ يقفون مع الطرف الخاسر ويحاولون تصوير القرارات الدستورية الشرعية لرئيس تونس كعادتهم بأنها “انقلابية”!.. هكذا هم المهزومون في كل محطة يدركون أنهم مثل أي جسم غريب لا مكان له، فكيف إذا كان المستهدف حياة شعوب ومسيرتها وحاضرها ومستقبل أجيالها.. ومع الخلاص من جماعة “الإخوان” الإرهابية فإن التاريخ يقول كلمته وصوت الشعوب هو الأقوى والعدالة هي من ينتصر.
تونس تستعيد وجهتها الصحيحة بقوة، واليوم فإن تكاتف شعبها وجيشها الذي بدا واضحاً منذ اللحظات الأولى لقرارات الرئيس التونسي الشرعية سوف يكون صمام الأمان في مواجهة كل دعاة الفتنة ومن يعتقدون أنهم يمكن أن يقفوا في وجه سلامة بلد عربي واستعادة عافيته.

 


تعليقات الموقع