أبوظبي- باريس محور الكبار

الإفتتاحية

أبوظبي- باريس محور الكبار

تأتي القمة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس جمهورية فرنسا الصديقة، في مدينة “فونتين بلو” الفرنسية، في محطة متجددة من المباحثات الدورية والتعاون ضمن مسيرة 50 عاماً من العلاقات التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، وباتت نموذجاً للثقة والتعاون بين الكبار والفاعلين على المستوى الدولي والإنساني والعمل البناء والمثمر بحيث قطعت أشواطاً هامة بما يجسد الإرادة السياسية لقيادتي البلدين وما باتت عليه من شراكة استراتيجية شاملة تُلهم جميع القوى العالمية لما يجب أن يكون عليه التنسيق والتكاتف المشترك وما يمثله من تعزيز لمساعي السلام والاستقرار والتنمية والمستند إلى ثقافة ورؤى راسخة وتطابق المواقف، فضلاً عن كون الثقافة من أقوى وجوه التعاون بهدف إغناء مواطن الإبداع البشري، ولاشك أن احتضان أبوظبي لصروح عالمية مثل جامعة السوربون ومتحف “اللوفر” وغير ذلك، يعكس مدى الثقة بكل ما يرتقي بالإنسان، كما كان للتعاون المشترك لحماية الإرث الإنساني في مناطق النزاعات دور كبير في مبادرة غير مسبوقة تعكس قوة التوافق الذي يتم العمل من خلاله، بالإضافة إلى علاقات اقتصادية متنامية وإقامة عشرات آلاف الفرنسيين في الدولة ومئات الشركات وغير ذلك دليل على ما تحظى به الشراكة من اهتمام وعناية برؤى قيادتي الدولتين لتلبية طموحات تتناسب وما يتطلع إليه الشعبين الصديقين.
فرنسا تعتبر تعزيز الشراكة بمختلف أشكالها مع الإمارات من ثوابت سياستها الخارجية، لما تشكله دولة الإمارات من ثقل استراتيجي في المنطقة والعالم، وتؤمن بالكثير من الإنجازات التي تم تحقيقها في قطاعات كثيرة من خلال التعاون، والتي تقدم تفرداً من خلال كون الدولتين تجنحان للسلام وتشددان على محاربة الإرهاب وحل النزاعات بالطرق السلمية وتغليب القانون الدولي، وغير ذلك مما يقدم نموذجاً حضارياَ متقدماً يعزز التفاهمات التي تحتاجها الساحة الدولية برمتها، وفي الكثير من المحطات كان للتعامل الإماراتي الفرنسي الدور الأكبر في مواجهة تحديات بالغة الخطورة.
وكما قدمت الشراكة والعلاقات استثناء في الاستراتيجيات التي تحرص عليها القيادتين، وانطلاقاً من روابط نصف قرن من التعاون، فإن الغد المشرق في صدارة الاهتمامات، ولا شك أن رؤية كل من أبوظبي وباريس للمستقبل المنشود بمثابة رابط هام واستراتيجي لنجاح منظومة التعاون الخليجية والعربية مع القارة الأوروبية وأحد جسور التلاقي الحضاري المثمر بين الشرق والغرب والتوجه يداً بيد نحو بوابات الغد عبر التعاون في مجالات أساسية مثل الطاقة النظيفة والمتنوعة وعلوم التكنولوجيا والفضاء، وهو يعكس الرؤية البعيدة التي تشرع الوصول إلى مستقبل مشرق يتم تكثيف كل جهد مشترك ليتوافق مع الأهداف التي يتم العمل عليها.

 


تعليقات الموقع