المتوقع أن تستمر تركيا في التضييق على الأنشطة "الإخوانية" على أراضيها بشكل ملفت، خصوصًا التي تتعلق بالتحريض الإعلامي

انعكاسات تطور العلاقات “المصرية-التركية” على جماعة الإخوان

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

انعكاسات تطور العلاقات “المصرية-التركية” على جماعة الإخوان

 

 

 

 

 

شهدت الفترة الماضية تطورًا ملفتًا ومتسارعًا في العلاقات “المصرية-التركية”، توِّج مؤخرًا بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي، واتفاقهما على أن يزور الرئيس المصري تركيا في شهر إبريل المقبل، وذلك بعد سنوات من القطيعة، حيث يبدو أن كلا البلدين قد قرر تنحية خلافاتهما، خصوصًا ما يتعلق منها بجماعة الإخوان على الأراضي التركية، وتعزيز العلاقات والبحث عن الملفات التي تحقق أقصى استفادة ممكنة للبلدين، سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي أو حتى العسكري. وهو ما قد يمثل ضربة قوية لجماعة الإخوان الإرهابية التي كانت تراهن على استمرار الخلافات والصراعات “التركية-المصرية”، لتعزيز وتكريس وجودها على الأراضي التركية التي تعتبرها الجماعة أهم الملاذات الآمنة بالنسبة لها، وذلك نظرًا لأن التقارب يعني توجُّه الحكومة التركية لتقويض تهديدات الجماعة تجاه الدولة المصرية.

ويبدو أن تداعيات التقارب “المصري-التركي” قد ألقت بظلالها سريعا على جماعة “الإخوان” في تركيا، وذلك بعدما كشفت تقارير عن قيام السلطات التركية بسحب الجنسية من “محمود حسين” القائم بعمل المرشد لجماعة “الإخوان” والمقيم في إسطنبول وإبطال جواز سفره الشخصي، وذلك عقب زيارة الرئيس أردوغان إلى مصر، وهو ما يمثل ضربة قوية للجماعة التي كانت تعدُّ تركيا أهم المعاقل الآمنة بالنسبة لها، وجعل العديد من قادتها يلجؤون إليها ويستقرون بها، كما أن العديد من القنوات الفضائية التابعة أو الموالية للجماعة كانت تنطلق من تركيا.

جاء قرار السلطات التركية بسحب جنسيتها من محمود حسين في وقت تشير فيه بعض التقارير إلى أن عددًا من قيادات جماعة الإخوان قد بدأت فعليًّا في مغادرة الأراضي التركية بمجرد الإعلان عن نية الرئيس أردوغان زيارة مصر، من بينهم عناصر إعلامية وعناصر من حركة “حسم” وبعض العناصر الأكاديمية التي كانت تعمل في الجامعات التركية، وذلك ما يعني أن تلك العناصر والقيادات أصبحت تدرك أن تركيا لم تعد الواحة الآمنة بالنسبة لهم، وهو ما سيدفعهم إلى تكثيف جهودهم للبحث عن ملاذات بديلة، مع ما يكتنف ذلك من صعوبة بالغة في هذه المرحلة، نظرًا لأن العديد من الدول بات يرفض وجود عناصر الجماعة على أراضيه لما يسببونه من توتُّر في العلاقات مع الدول الخارجية.

من جهة أخرى فإن الخطوات التي اتخذتها السلطات التركية ضدَّ العناصر الإخوانية خلال الأشهر الماضية، مثل حملات المداهمة ضد العناصر المقيمة في البلاد، واحتجاز العشرات ممّن لا يحملون هويات أو إقامات أو جنسيات، وذلك بعد الإعلان عن إعادة العلاقات بين مصر وتركيا وفتح السفارات بينهما، ومن المحتمل أن تتزايد وتيرة تلك الخطوات خلال الفترة القادمة، وهو ما سيجعل تلك العناصر والقيادات تتحسس خطواتها وتحركاتها على الأراضي التركية خلال الفترة القادمة وبالتالي تقليل أنشطتها إلى حد كبير، تجنُّبًا لاستفزاز السلطات التركية، خصوصًا أن العديد منهم متورطون في قضايا إرهابية وصدرت بحقهم أحكام قضائية.

أخيرًا، من المتوقع أن تستمر تركيا في التضييق على الأنشطة الإخوانية على أراضيها بشكل ملفت، خصوصًا التي تتعلق بالتحريض الإعلامي، سواء ضدَّ مصر أو الدول الأخرى المعادية للجماعة، في ظل حرص أنقرة على الوصول بالعلاقات مع مصر إلى المستوى الاستراتيجي والتطبيع الكامل وإزالة كل العوائق التي تحول دون تحقيق هذا الهدف. وهو ما قد يسهم في تفاقم حالة التصدع التنظيمي لبنيان الجماعة، الذي دبّت فيه الشروخ دون أن يوجد من هو قادر على ترميمه.

 

 


تعليقات الموقع