ختام فعاليات جائزة الشارقة للإبداع العربي

الإمارات

اختتمت جائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول)، فعاليات الدورة السابعة والعشرين التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمتها إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية.
أقيم حفل الختام في المجلس الأعلى للثقافة في العاصمة المصرية القاهرة، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة الأمين العام للجائزة، وحسين القباحي مدير بيت الشعر في الأقصر، وجمهور كبير من المثقفين والأدباء المصريين والعرب.
وشهد اليوم الختامي استكمال المحور الثاني من الورشة العلمية بعنوان “السرد التفاعلي.. السمات والجماليات”، بمشاركة ياسين معيزو، ومحمد علي حسن من مصر، فيما أقيمت جلسة شعرية، شارك فيها الشعراء: عبيد عباس ويوسف عابد من مصر، ويزن قاسم من سوريا.
وقال عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة بالشارقة في كلمة ختامية، بأن صاحب السمو حاكم الشارقة يولي الشباب العربي عناية خاصة، وذلك عن طريق رعاية إبداعاتهم و نتاجاتهم الأدبية والفنية المتعددة، ويتضح ذلك في العديد من المبادرات الثقافية التي يطلقها سموه بين فترة وأخرى.
وأشار العويس إلى أن جائزة الشارقة للإبداع العربي تأتي ضمن هذه الرعاية الشاملة، حيث أدرك سموه أهميتها عندما وجه بها منذ سبعة وعشرين عاما، ونقل العويس تهنئة صاحب السمو حاكم الشارقة إلى الفائزين بجوائز هذه الدورة متمنيًا لهم المزيد من النجاح والتألق في مساراتهم الأدبية الإبداعية.
وقال محمد القصير في ختام الفعاليات: “إن رؤية الجائزة تتجدّد بتجدد كل دورة تأكيداً على رؤى صاحب السمو حاكم الشارقة في الاهتمام بالشباب العربي المبدع نحو الكتابة وتمكين الكاتب لكي يخطو أولى خطواته بثقة إلى المزيد من العطاء والإنتاج الأدبي والإبداعي”.
وأشار الأمين العام للجائزة إلى أن الدورة السابعة والعشرين تميّزت بحضورها، حيث قدّمت أسماء جديدة للساحة الثقافية العربية، كما ناقشت عنوانا بارزا في سرد الرواية المعاصرة عبر بحوث نالت الكثير من الإشادة من النقّاد والأكاديميين المصريين والعرب.
وقال المشرف العلمي على الورشة د. حسين حمودة في ختام الجلسات: “تملأ هذه الجائزة فراغاً كبيراً في الساحة الثقافية والإبداعية العربية، وقد أصبحت، بعد 27 دورة تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، جائزة عربية مرموقة، حيث تسعى إلى أن تستكشف المبدعين والمبدعات في مجالات إبداعية متعددة ومتنوعة من كافة أنحاء الوطن العربي، إذ تتسق مع رؤى سموّه باتجاه وضع الإبداع العربي والثقافة العربية الموضع اللائق بهما ضمن الثقافات الإنسانية الكبرى، والحقيقة أننا نشهد في كل عام مواهب جديدة في كافة حقول الجائزة، كما أن الورش المصاحبة للجائزة، التي تقام لمناقشة بعض الموضوعات المهمة، تقدّم زاداً آخر من الرؤى والتصورات والحوارات التي تشكّل نوعاً من الاتصال والتواصل يربط بين المبدعين والمبدعات من بلدان الوطن العربي”.
وأضاف حمودة حول الورشة العلمية: “إن بحوث الدورة الحالية انصبت في مجملها على القضية الأساسية المرتبطة بمحور هذا النقاش حول “الفنيات السردية في الرواية المعاصرة”، واتصلت المناقشات بعدد من القضايا المهمة في هذا المجال، وكان لكل باحث وباحثة، ولكل ناقد وناقدة، الاجتهاد الخاص به، وقد وضح هذا في الكتاب الذي صاحب هذه الورشة في القاهرة”.

“السرد التفاعلي”
أشار محمد علي حسن في ورقته البحثية إلى أن الأدب يبقى ابن للمجتمع، وليس أسلوبا يتم الترويج له عبر وسائل التسويق الاجتماعيّ، وإنَّما الأديب في النهايَة شخص يُمارس دوره في ظِلّ اتساع المعرفة وعمق النظريّات العلميّة القادرة على الولوج لبنية الإنسان، مضيفا”وبحكم الحدود اللامتناهية للعلم، نتوقع صورة جديدة للأدب تظل مَحكومة بنمط التطوّر الاجتماعيّ”.
وحاولت ورقة معيزو البحثية أن تتعرض إلى موضوع “السرد التفاعلي”، بعده جنسا أدبيا ترابطيا، مستهلا حديث بالتساؤل عن الكيفية التي يتشكل بها النص السردي التفاعلي، وما هي خصائصه الفنية الجمالية، كما تساءل “هل ينفرد المبدع بمكنة إنتاج العمل السردي التفاعلي، أم إن للمتلقي مساهمة مهمة في عملية الإنتاج، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تتظافر جهود المبدع والمتلقي في خلق سرد تفاعلي؟ وإلى أي حد يمكن عد هذا التفاعل مؤسسا لشعرية جمالية جديدة؟”.
وقال: “يتأسس السرد التفاعلي، على مجموعة من الخصائص الفنية، التي تلتمس تسريد الحكاية السردية وتَخطيبها. وقد كانت هذه المُكنة تَختصّ – في السرد الكتابي – بالكاتب، فهو مُخَلّق العمل الأدبي، وماسك زمام صياغته الإبداعية. الأمر الذي لم يعد متاحا في السرد التفاعلي؛ حيث أصبح لزاما على المبدع /الراقم أن يَصُوغ عمله السردي وفق ما تُتِيحه الخاصيات التقنية والبَرْمَجِيّة، التي تفرض على المبدع ألا يكون حاسما في عملية الإنتاج، الشيء الذي يدفع بهذا الأخير إلى أن يضع في تصوّره القبلي، الذي يسبق الإخراج النهائي للعمل السردي، إمكانات احتمالية لتفاعل المتلقي مع نصّه السّردي التفاعلي، ليصير، في نهاية المطاف، بمثابة مبدع ثان يتولى هو الآخر –جنبا إلى جنب المبدع/ الراقم – مهمة بناء النص السردي التفاعلي. من هنا تنشأ صفه “التفاعلي” التي تقترن بالأدب الترابطي عموما؛ أي تفاعل المبدع والمتلقي في خلق شعرية ذات طابع وسائطي وجمالي”.

“تأملات الذات”
متعددة الأصوات، ومتنوعة المناخات؛ الجلسة الشعرية الختامية، بمشاركة عبيد عباس ويوسف عابد من مصر، ويزن قاسم من سوريا، فيما تولى التقديم الشاعر المصري حسن عامر.
وقرأ عباس من قصيدة بعنوان “اغتراب”، يقول:
على بقعة غير هذى استوى ومن منهل غير هذا ارتوى
وفي لحظة الشوق لمّا عرجنا إلى سدّة الحلم فينا هوى
كأن الذي كان فينا له بأوهامنا فارغ المحتوى
فلا “فاس” تشرب من نبعه وقد مر فيها، لا “نينوى”
وأنشد من قصيدة ثانية، يقول:
صوتي الذي يرتد قبل وصوله للنهر
كي يجد الغريق يدا
لماذا لا يواصل رحلة المعنى؟
نغني نصف أغنية
ونصف حقيقة يغتالنا
بعتابه اليومي،
يسحبنا النشاز، الوالد العصبي، من ألق الغواية
عندما لا يفهم اللحنا.
وقدّم الشاعر السوري يزن قاسم “بطاقة تعريف” يقول فيها:
مثقوبة روحي تسيل صدى لأصوات القُدامى
ها أبلغ العشرين أجمع أحرفي عاما فعاما
كي أكتب البيت الأخير عسى أُخلدني ختاما
أحيا لأمنح اسطري حربا وتمنحني السلاما
أمشي كأن الأرض بيت أبي واحترف الأماما
ومضى يقول في قصيدة ثانية:
تمشين كأنك.. كلك رقة وأناقة وعلى اندلاع الحب ما لي طاق
لا أفهم العشاق، أفهم لهفتي روحي لكل جميلة توّاقة
وإذا مررن سقين حدائقنا ولهن من هذي القصائد باقة
حيث الجمال يشاء أفتح صفحة أخرى وتسرح أحرف رقراقة
قاسٍ، وما أشهاه حيث أقوله فالصمت في حضرة الجمال حماقة.
وقرأ يوسف عابد من قصيدة” الطريق إلى أين”، يقول:
لم يبق عندي فضول غير ما أجد أنا الطريق التي لم يمشها أحد
كل الجهات غدي كل الصفات أنا من قبل ما يتجلى الغيم محتشد
وكل ما لست أهواه أجربه لأن في الأمر شيئا ليس ينعقد
رضيت بالذات ذكرى من ملامحها تلك التي في التفاتي وجهة أبد
ومضى في قصيدة يقول:
لا شيء ينقص نزهة الموتى العائدين من الصدى صمتا
قسما بكل نبوءة صدقت لا “ربما” تغري ولا “حتى”
في كهف موسيقي يرق لهم وترا وإن ضجوا به نحتا

“وحدة عربية”
أكّد مشاركون وفائزون أن الشارقة وحّدت المنطقة العربية على الصعيد الثقافي، وشيّدت جسور الثقافة والمحبة بين الشعوب، وترجمت مساعيها لإحداث حراك ثقافي ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الشعوب العربي.
وأعرب فائزون عن سعادتهم الغامرة بتحقيقهم الفوز في جائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول)، معتبرين الجائزة أم الجوائز، لأنها، كإصدار أول، تفتح الباب للمبدعين ليستمروا وليتحققوا.
ويؤكد د. شريف الجيار (أكاديمي وناقد مصري) أن الشارقة وحّدت المنطقة العربية على الصعيد الثقافي، وشيّدت جسور الثقافة والمحبة بين الشعوب، واستطاعت من خلال الثقافة أن توجد خطاباً ثقافيا عربياً موحداً، معرباً عن شكره للشارقة على ما تقدّمه الجائزة من أصوات جديدة على صعيد مصر والوطن العربي.
ويرى الجيار أن الجائزة تعطي الأمل للشباب العربي لأن هناك من ينظر ويقدّر إبداعهم، بالإضافة إلى خصوصيتها حيث أنها تعطي الفرصة للإصدار الأول وفي هذا أهمية كبيرة للمبدع فهو يسعى دائما إلى من يقرأ سطوره الأولى، ويضيف “أن يحوز شاب في مقتبل العمر جائزة عربية كهذه الجائزة في بداية مشواره، بل وتطبع له، ففي هذا العديد من الرسائل المهمة التي تُقرأ وهي أن المبدع العربي متابع ومقروء”.
ويقول د. محمود الضبع (أكاديمي وناقد مصري): ” لا شك أن كل مثقف عربي يشكر الشارقة على ما ترصده من جوائز إبداعية متنوعة ومتعددة، وصاحب السمو حاكم الشارقة، منحه الله الصحة والعافية، يفكر في الثقافة العربية وبهموم المثقف العربي، ويسعى لاحداث حراك ثقافي ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الشعوب العربي، والشكر الخاص لهذه الجائزة لأنها تقدّم الشباب الصغار والشابات الصغيرات، من أنحاء الوطن العربي، ومن حقول أدبية متنوعة، وكل الأعمال التي تخرج عن الجائزة تستحق بالفعل أن تفوز، وأن يلقى الضوء عليها”.
ويعرب الناقد المصري أحمد أردش (فائز بالمركز الأول في حقل النقد الأدبي) عن سعادته بالفوز، ويقول: “تمنح الجائزة للمبدعين العرب أملا في الغد، وتكون حافزا ودافعا لهم في تقديم المزيد في الأعمال الإبداعية والأدبية”، ويرى الشاعر السوري يزن عيسى (فائز في المركز الثاني في حقل الشعر)أن جائزة الشارقة للإبداع العربي هي مستهل كل التجارب الإبداعية التي تعد بالكثير في المستقبل، ويلفت أن الكثير من الأسماء الشعرية الكبيرة في الوطن العربي كانت محطتهم الأولى في هذه الجائزة، لينطلقوا منها إلى آفاق واسعة.
وتعبر القاصة السورية منال العلي (فائزة بالمركز الثاني في حقل أدب الطفل) عن فرحتها بنيل باكورة أعمالها جائزة عربية كبيرة، وترى الشارقة كمنبر ثقافي مهم لجميع المبدعين، كما تؤكد القاصة السورية سراب غانم (فائزة بالمركز الثاني في حقل القصة القصيرة) أن الجائزة محط أنظار المبدعين العرب لأنها تُعنى بالإصدار صاحب الخصوصية لدى أي كاتب وكاتبة، وتقول ما أجمل أن تفتتح الكاتبة إصداراتها الأولى بجائزة الشارقة للإبداع العربي، التي تعد مدخلا إلى طريق إبداعي متواصل.
ويستعيد الشاعر المصري عبيد عباس (فائز سابق بالجائزة)، لحظة فوزه، وما تحقق له من إنجازات بعدها، يقول: “حصلت على جائزة الشارقة للإبداع العربي أول مرة سنة ٢٠٠٨وكانت أول جائزة أحصل عليها، ما جعلني بعدها، كمبدع يتلمس طريقه ولا يحمل يقينا بإن كان حقيقيا أم لا، أشعر بالثقة والاستمرار في الكتابة لأفوز بعدها، وبفضل هذه الجائزة، فزت بجوائز مصرية وعربية عديدة، حتى أنني أقول لأصدقائي من الشباب لحثهم على المشاركة، بأن هذه الجائزة، جائزة الإبداع العربي، هي أم الجوائز، لأنها، كإصدار أول، تفتح الباب للمبدعين ليستمروا وليتحققوا”.
ويبرز القاص المصري أحمد دياب (فائز سابق) أن الجائزة تمثل منبرًا مهمًا لتشجيع الشباب العربي على التميز والإبداع في مجالات متعددة، فهي تعزز الابتكار وتدعم المواهب الشابة في العالم العربي، مما يسهم في تطوير المجتمع وتعزيز الهوية الثقافية، مؤكدا أن الجائزة توفر منصة للشباب لعرض أعمالهم وأفكارهم والحصول على الاعتراف والتقدير الدولي. بفضل دعمها المستمر، كما تلهم الجائزة الشباب لتحقيق طموحاتهم وتحقيق إسهاماتهم في تطوير المجتمعات العربية.


تعليقات الموقع