اتجاهات مستقبلية
النموذج المتفرد في الذكاء الاصطناعي
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
تتفرد الإمارات في مقدمة الدول العربية في الاهتمام والمساهمة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ما جعل دولًا أخرى في المنطقة تتسابق للحاق بركب التكنولوجيا المتقدمة، ويتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات في 2030، إذ ترمي الإمارات إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتحقيق ريادتها في تقدم نموذج يعزز التنمية المستدامة.
وبينما يتقدم الذكاء الاصطناعي سريعًا، يبدو أننا نحتاج إلى معايير لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي بما لا يضر، ومن أجل ذلك، أطلقت “مجموعة السبع” خلال قمة هيروشيما في اليابان “عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي”، للعمل من أجل ذكاء اصطناعي “آمن وتحييد المخاطر المحتملة الناتجة عن التطوير.
الإمارات، الدولة الوحيدة العربية وفي منطقة الشرق الأوسط، التي انضمت إلى مجموعة “هيروشيما للذكاء الاصطناعي”، بجانب الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكندا وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، ليصبح العدد 49 دولة تمتاز بالتقدم على الساحة العالمية في هذا المجال، إذ إنها تحدد المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتضع القواعد وتطورها لتفادي العالم أزمات يمكن تجنبها ويمكن التقاعس عنها لتنفجر في وجوه الجميع ويحصل ما لم يحمد عقباه.
وبالنظر إلى مخاطر الذكاء الاصطناعي فإنها عديدة؛ من التضليل المعلوماتي، وخرق حقوق الملكية الفكرية والبيانات الشخصية، والاختراقات السيبرانية، إلى المخاطر الأمنية والعسكرية، خاصة إذا استغلت من فاعلين غير الدول أو ميليشيات إرهابية في تطوير واستخدام أسلحة مدمرة، وبالرغم من ذلك قد يكون احترام مبادئ وقواعد “هيروشيما” ليس إلزاميًا للجميع، لكنه يمكن أن يكون محفزًا للدول والشركات في الحد من المخاطر والاستفادة من القدرات الهائلة والمتطورة للذكاء الاصطناعي.
لا ينبغي رؤية الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن أي مجال حياتي في الوقت الحالي والمستقبلي، إذ إنه قادر على المعاونة في تقديم التحليلات والتنبؤات، مما يعطي الإنسان المساحة للتخطيط الاستباقي، وفهم اتجاهات السوق وسلوك المستهلك والمؤشرات الاقتصادية، ولإدراك دولة الإمارات بأهمية الذكاء الاصطناعي، عقدت شراكات دولية مع شركات التكنولوجية العالمية لخلق بيئةٍ مواتية لتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي وتقليل المخاطر، وبالفعل يُدمج الذكاء الاصطناعي في الإمارات في قطاعات متعددة، خاصةً الصحة والتعليم وخدمات الحكومة.
إن قدرات الذكاء الاصطناعي للاقتصاد هائلة اعتمادًا على تحليل البيانات، خاصة في زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة العمليات وتحسين اتّخاذ القرارات، ولذا تراهن الإمارات على الذكاء الاصطناعي وتسعى إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا لتحقيق أهدافها التنموية، بعقد شراكات مع جامعة “أكسفورد” بهدف تدريب المسؤولين الحكوميين على التعامل مع التكنولوجيا المُستقبلية، وكذلك تأسيس شركة “إم جي إكس” التكنولوجية الجديدة، للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وشراكة “G42″القابضة الإماراتية مع شركة “مايكروسوفت”، لاستثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار، لإدخال أحدث تقنيات مايكروسوفت الخاصة بالذكاء الاصطناعي إلى دولة الإمارات ودول العالم.
وبفضل الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تنتقل الإمارات من دولة مستوردة للذكاء الاصطناعي إلى دولة منتجة، لكن أمام الدولة والعالم تحديات تتعلق بالجانب الأخلاقي في استخدامات الذكاء الاصطناعي، مما يتطلب وضع إطار أخلاقي واضح لتنظيم استخدام هذه التكنولوجيا، وهو ما تعمل عليه “عملية هيروشيما”، وإن كانت مبادئ إرشادية عامة، فهي مقدمة تحتاج إلى عمل أكبر بشراكة الإمارات لضمان تطور المعايير التحقق من الالتزام بها حول العالم.
إن اختيار الإمارات للانضمام إلى “عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي” يعد تقديرًا إيجابيًا لاستثمار الإمارات في التكنولوجيا المتقدمة، في إطار التنوع الاقتصادي، والمكانة الإقليمية والدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، بفضل القيادة الرشيدة، الساعية إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات واستثمار الذكاء الاصطناعي بالقطاعات الحيوية، لتعظيم اقتصاد البلاد والتنمية المستدامة ومواكبة التقدم العالمي ليس كمستهلك فقط، بل كشريك في الإنتاج.