في الوقت الذي يكثف فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حملاته لتدمير بقايا معاقل تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق, تواجه إدارة الرئيس الأمريكي ترامب تحدياً ضخماً يتمثل في اتخاذ قرار حيال الخطوات المزمع تقريرها في المستقبل فضلاً عن ما يتبع ذلك من تساؤلات خاصة بهذا التحدي منها على سبيل المثال لا الحصر : هل ترغب الولايات المتحدة في الإبقاء على جزء من قواتها في سوريا للحفاظ على أمن واستقرار البلاد بعد هزيمة العناصر الإرهابية المتطرفة, أم أنها تفضل حزم العدة والعتاد وإجلاء كافة قواتها من هناك؟ ، خاصة أنها أعلنت أكثر من مرة أنها ستبقي قواتها إلى أن يتم انسحاب القوات الإيرانية ومليشياتها الإرهابية من سوريا.
كل هذا يأتي في وقت يكثر فيه الكلام عن سيطرة روسيا على أغلب المناطق، ورغبة الأخيرة ايضاً في غخراج القوات الإيرانية ومليشياتها من كامل سوريا.
لكن في حقيقة الأمر تبدو الازمة السورية ضخمة وبشكل مخيف مع وجود مللايين المجرين، وعدم معرفة مصير إدلب، وذلك مثلها مثل تلك التي واجهها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في العراق عام 2011م فضلاً عن أن المخاطر والمنافع تتشابه أيضاً . لكن الرئيس الأمريكي الحالي – مثله مثل سابقيه على الحكم – عبر عن شكه في كافة الحروب الأمريكية الدائمة في منطقة الشرق الأوسط, لكنه في الوقت ذاته على دراية تامة بأن سحب القوات من منطقة شرق الفرات قد يخلق فراغ من شأنه أن يثير العديد من الحروب والمذابح العرقية الحروب الإقليمية بالوكالة، وموجة جديدة من العنف المتطرف.
ويبدو أن المسؤولين العسكريين وغيرهم من المدنيين ممن كانوا على مقربة من الاستراتيجيات والسياسات الأمريكية في سوريا على قناعة بأن الولايات المتحدة يلزم وأن تحافظ على الوجود المتبقي لقواتها، وربما عن مالا يقل عن 1000 جندي من قوات العمليات الخاصة التي يمكن أن تستمر في تقديم التدريب والمشورة – وأيضا، كبح جماح وتقييد الميليشيات الكردية السورية التي لطالما كانت شريك رئيسي للولايات المتحدة خلال المواجهات مع تنظيم “داعش” الإرهابي. إلا أن هذا التحالف مع الأكراد لا يزال مثير للجدل، داخل سوريا وخارجها.
فالخريطة السياسية لسوريا، في الوقت الراهن، تبدو وكأنها متداخلة ضمن بعضها البعض خاصة بعد أن سيطرت عليها جهات مختلفة وغيرها من الجماعات المتنافسة والمنتاحرة فيما بينهما وشركائهم فيما تسيطر الولايات المتحدة وشركاؤها الأكراد على منطقة شرق نهر الفرات و يفرض النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين سيطرتهم على مركز البلاد وهي البقعة الأضخم في الوقت الذي تفرض فيه القوات التي تدعمها تركيا سيطرتها على الشريط الواقع على طول الحدود الشمالية حيث ساهم “الاتفاق المبرم بين الأردن وروسيا في تهدئة حدة النزاع في منطقة الجنوب الغربي.
ويتوقع عدد قليل من المحللين أنه من الممكن إعادة توحيد سوريا , لذا وفيما يخص المستقبل القريب, من المزمع أن تنقسم الدولة لهذه المناطق ذات النفوذ في انتظار التحول السياسي المعهود التي من شانها وأن تسمح في إعادة إرساء الشرعية والسلطة للحكومة المركزية الجديدة في دمشق.
فقطعت الولايات المتحدة من هذا اللغز هي المنطقة الشرقية من نهر الفرات. وقد سيطرت عليها الميليشيات الكردية السورية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب هذه المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية، ومن المتوقع أن تسيطر على عاصمة تنظيم داعش الإرهابي في الرقة خلال ستة أيام.
فهذا الاستعداد الجديد للعمل بالتعاون مع الأكراد يعيد إلى الإذهان الفكرة التي ررددها وشدد عليها رياض حجاب، رئيس تحالف المعارضة السورية المعروفة باسم لجنة المفاوضات العليا خلال مقابلة أجريت معه مؤخراً بقوله أن مؤيديه يرغبون في “محاربة تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية، جنبا إلى جنب مع قوات الدفاع الذاتى، طالما أنهم يحاروبون بشكل مستقل على جبهات منفصلة”.
ويزعم حجاب أن حوالي 5000 فرد من أفراد المعارضة السورية السنية عهلى استعداد للإنضمام إلى قوات التحالف الأمريكية والقوات الكردية في معركة تحرير مدينة دير الزور ويبدو أن جماعات المعارضة السنية يبدو وأنهم يفضلون التحالف مع الاكراد أكثر من التحالف مع نظام الأسد.
لكن التساؤلات التي تلوح في الأفق هي: ما هي الخطوة القادمة؟ تتوقف الإجابة على هذا السؤال بطريقة ما على ما اذا كان المستشارين العسكريين في الولايات المتحدة لا يزالون متمركزون بالمنطقة الشرقية السورية , وفي حال بقائهم , بحسب أحد المسئولين في الولايات المتحدة من شأنهم أن يقفوا في وجه استقلال القوات الأكراد, يمنعون الأتراك من التدخل, فضلاً عن تشجيع أفراد المعارضة السورية السنية للتعاون مع الجميع. ” فمستقبل سوريا – بحسب حجاب – يلزم وأن تكون الولايات المتحدة شريكاً أساسياً في تحديده.