في اليوم الأول لمؤتمر "تريندز" حول التعليم والابتكار

خبراء دوليون يستعرضون مواءمة التعليم مع الأهداف المنشودة ودور تكنولوجيات التعليم

الرئيسية منوعات
"تريندز" يوزع 5 آلاف كتاب من إصداراته على مكتبات الجامعات والمؤسسات الأكاديمية

 

 

 

أبوظبي – الوطن:

 

بدأت مساء الأربعاء فعاليات المؤتمر الأول لمركز تريندز للبحوث والاستشارات للتعليم تحت شعار “وضع رؤية لمستقبل التعليم: محركات التغيير والابتكار”، ويستمر يومين بمشاركة أكثر من 20 خبيرًا وأكاديميًا متخصصًا من عدة دول، وذلك ضمن الاحتفاء باليوم العالمي للتعليم.

وأكد الدكتور محمد عبد الله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، في كلمة افتتح بها أعمال المؤتمر

الأهمية الكبيرة، التي يحظى بها التعليم، في كافة الدول التي تسعى لتحقيق التنمية والريادة، وقال إن التعليم يعتبر الأساس المتين، لانطلاق عمليات التنمية الشاملة، وتحقيق الرفاهية، وما يتبعها من تقدم وتطور، وارتقاء مكانة مرموقة، بين مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة، فبالتعليم تنهض الأمم وتتطور المجتمعات.

وأضاف أنه في ظل محورية دور التعليم وأهميته، لا تدخر دول العالم وسْعًا، ولا تألو جهدًا، من أجل تطوير منظوماتها التعليمية، خاصة في ظل التغيرات والتحولات الهائلة، التي شهدها العالم خلال العقود القليلة الماضية، ولايزال يشهدها، وبالتحديد ما يتعلق منها، بالثورة التكنولوجية والمعرفية المتسارعة التي يشهدها، والتحولات الحادثة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطبيقاته المتعددة.

وأشار الدكتور العلي إلى أن هذه التحولات، تتيح العديد من الفرص، التي تساعد في تطوير التعليم، بمختلف مكوناته، ولكنها تفرض في المقابل تحديات كبيرة، من أجل التطوير المستمر لعملية التعليم والتعلم، بما يساعد في تخريج أجيال قادرة، ليس فقط على مواكبة هذه الثورة التكنولوجية والمعرفية، والتغيرات التي فرضتها في سوق العمل، وإنما قادرة على المنافسة وتطوير المهارات والقدرات، التي تحتاجها الدول والمجتمعات، لتحقيق التفوق والريادة، في عصر الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.

وأوضح أهمية الاطلاع على أفضل الممارسات الدولية، في مجال تطوير التعليم، والوقوف عند بعض التجارب الناجحة من أجل الاستفادة منها، إضافة إلى معرفة آراء الطلاب أنفسهم، المستهدفين بجهود تطوير العملية التعليمية، باعتبارهم الأساس في أي تحرك جاد لتحقيق الإصلاح المنشود في مجال التعليم، لافتًا إلى تنظيم تريندز عددًا من المناظرات العلمية، بين مجموعات من طلاب عدد من الجامعات المرموقة، داخل مقر تريندز، للاستماع إلى آرائهم ومشاركة رؤاهم في مستقبل التعليم. وكانت بالفعل تجربة مثمرة ورائعة، وغنية بالأفكار المبتكرة والمهمة.

وقال الرئيس التنفيذي لتريندز إنه إيمانًا من المركز بأهمية التعليم وضرورة تطوير المنظومة التعليمية، جاءت فكرة تنظيم هذا المؤتمر، معلنًا عن مبادرة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات بتوزيع 5000 كتاب من إصداراته المتنوعة على مكتبات الجامعات والمؤسسات الأكاديمية المختلفة، تأكيداً منه على دعمه لنشر المعرفة ودعم المؤسسات التعليمية بالإصدارات الوازنة والموضوعية التي تعزز الوعي العلمي والمعرفي للطلاب والباحثين الشباب.

عقب ذلك تم عرض فيديو لمبادرة مناظرات طلابية نظمها تريندز تمهيدًا للمؤتمر، ناقش خلالها طلاب جامعيون من جامعات مرموقة تطرقت إلى التعليم وضرورة التركيز على مناهج التفكير النقدي والبحثي التي تنمي قدرات المتعلمين وتفتح لهم طرق الابتكار والإبداع، كما تم استعراض آفاق التعليم وطموحات الشباب بمشاركة جامعات ذات سمعة دولية وقيمة معرفية، وأكد المتحاورون ضرورة التركيز على التفكير الإبداعي ومواكبة التعليم للعصر ومتطلباته، وأن يعمل على تحسين فرص الشباب في الحصول على وظائف لائقة والتمتع بحياة أفضل.

وبعد ذلك جاءت فقرة “ملاحظات الباحث المستقبلي” قدمتها الطالبة نوف محمد الفضلي، وأعربت في بدايتها عن شكرها لمركز تريندز على إتاحته الفرصة للطلبة الجامعيين لمناقشة بعضهم بعضًا حول الأمور التعليمية، مشيرة إلى أن المناظرات تفيد في القدرة على التفكير النقدي والعفوية في إجاباتهم، بما يعزز التفكير الإبداعي ومهارات حل المشكلات. كما أنها تساعد في ربط الكلمات بالأفكار لتشكيل مفاهيم صحيحة أثناء المناقشة، إضافة إلى اكتساب الخبرة.

 

وقد استُهلت أعمال المؤتمر بالجلسة الأولى تحت عنوان ” تطوير المعرفة ومقتضيات العصر العالمي: مواءمة التعليم مع الأهداف المنشودة في القرن الحادي والعشرين”، وقال مدير الجلسة الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز دراسات المستقبل بجامعة دبي، إنها ستتطرق إلى مخرجات التعليم المطلوبة، ومستقبل التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتأثيرها في مسار العملية التعليمية، وتوظيف التعليم البيئي لخدمة الأهداف العالمية في مجال التغير المناخي. وأكد أهمية المرونة في أنظمة التعلم ومواكبة التطورات التكنولوجية والتركيز على التعليم الإبداعي.

وذكرت مهرة المطيوعي، مدير المركز الإقليمي للتخطيط التربوي، أن التعليم يشكل محور التنمية المستدامة والتطور، مشيرة إلى أن الاهتمام العالمي بالتعليم ينبع من أنه المحرك لتقدم العالَم، وهو قاطرة المستقبل، مؤكدة ضرورة أن تكون المدارس حاضنة للإبداع والابتكار، وقالت إن توجهات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التعليمية تؤكد على الإبداع واستشراف المستقبل وتوفير نظام تعليمي بجودة عالية قادر على التكيف مع المستقبل ويسعى للريادة، وكذلك الشراكة المجتمعية.

وأشارت إلى أهمية وجود نظام تعليمي متكامل دافع للبحث العلمي والابتكار، وممكّن للقدرات البشرية ومتكامل وقادر على المنافسة في سوق المهارات التي تقود للمستقبل، ويرقى إلى مستوى الأنظمة التعليمية والأداء القوي والمتوائم مع العصر.

وقالت المطيوعي إن القمة العالمية للتعليم التي انعقدت مؤخرًا أكدت مجددًا محورية التعليم وجودته، وقدمت مبادرات تعيد له أولوياته، خاصة بعد جائحة كورونا.

وأضافت أن الدراسات تؤكد على الاهتمام بوجود معلمين مؤهلين، ومخرجات تعليم تركز على المهارات بكافة أنواعها وداعمة لها، وإحداث تغيير في المنظومة التعليمية تواكب العصر وتتماشى معه، موضحة أن ذلك يمكن من خلال عدة أمور، هي: نظم تقييم جديدة، وتكنولوجيا متطورة، وتمكين الموارد البشرية وفق منهجيات جديدة تعزز التوجه نحو المهارات وتتميز بالمرونة والتكيف مع المتغيرات، إضافة إلى التركيز على التعلم الذاتي ومهارات التفاعل واحترام الآخر.

وذكرت مدير المركز الإقليمي للتخطيط التربوي، أهمية الاستخدام المناسب لتكنولوجيا التعليم واستثمار التطورات الحاصلة فيه لدعم العملية التعليمية بحيث تكون شاملة للجميع وأكثر متعة، مشيرة إلى أهمية المنصات المتاحة وضرورة الاستفادة منها لدعم الكادر البشري المتمثل في المعلم والإدارة، مؤكدة أن المعلم هو القلب النابض للتعليم. وطالبت المطيوعي بضرورة الاستمرار في التأهيل والتدريب ومواكبة كل جديد والتخطيط وفق معايير جديدة ورؤية تركز على جودة التعليم بمرونة ونظرة بعيدة.

بدوره أكد البروفيسور دانيال كيرك، مدير التطوير الأكاديمي، بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أهمية أن يلائم التعليم وشكله الفهم الاجتماعي لغرض التعليم في المستقبل، موضحًا أن التعليم سيأخذ دورًا أكبر في تشكيل المجتمع وسيكون دور التكنولوجيا في طليعة هذا النموذج الجديد.

وذكر أنه لا يمكن التقليل من الدور الذي ستلعبه التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في مستقبل التعلّم. موضحًا أن تقنيات مثل chatGPT أصبحت أداة تعليمية يجب أن يدرك التعليم أهميتها، لافتًا إلى أن فيروس كورونا (COVID-19) أتاح لقطاع التعليم فرصة لمرة واحدة في القرن للتوقف وإعادة التفكير في الطريقة التي يعمل بها التعليم، مشددًا على أهمية عدم العودة إلى الماضي، بل يجب إعادة التفكير في قطاع التعليم وإعادة ضبطه.

من جانبها قالت الدكتورة فاطمة العنوتي، الأستاذ المشارك بقسم العلوم الطبيعية والصحة العامة، بجامعة زايد، إن تحقق الاستدامة البيئية يتم من خلال الشراكة وتوحيد الجهود بين جميع القطاعات بما في ذلك الصناعة والمؤسسات الأكاديمية والمشرّعين، مشيرة إلى أن تثقيف وإشراك الشباب في المراحل المبكرة يعد من الأمور الأساسية لمعالجة القضايا البيئية.

وقالت العنوتي إنه يمكن أن يوفر التعليم العالي منصات لتحفيز الأجيال الجديدة على تبني المرونة البيئية والاستدامة من خلال المناهج الأكاديمية والمسؤولية الاجتماعية والبحث، مشيدة بتبني مركز تريندز للبحوث والاستشارات للشباب تحت شعار “الاستثمار في الشباب استثمار في المستقبل”، مؤكدة أن الشباب هم المحرك للتعليم ومستقبله، كما شددت على موضوع المرونة في مناهج التعليم المستمر، إضافة إلى التفاعل، وتطرقت إلى عدة تجارب وبرامج تعليمية، قام بها طلبة الجامعة، وما توصلوا إليه من خلاصات واكتساب خبرات محفزة.

وعقب استراحة قصيرة بدأت الجلسة الثانية تحت عنوان “دور تكنولوجيات التعليم في تعزيز التعلم: النُّهُج التحويلية والاستشرافية” وأشارت مدير الجلسة الدكتورة ابتسام المزروعي، مدير وحدة الذكاء الاصطناعي عبر المراكز بمعهد الابتكار التكنولوجي إلى أن الجلسة تتمحور حول التعليم والابتكار التقني.. حدود التأثير والتأثر، والتحول الرقمي في التعليم، ضمن أجندة الحكومات الرقمية، وتكنولوجيات التعليم ودورها في تطوير العملية التعليمية. وقالت إن منصات الذكاء الاصطناعي مثل Chat GBT أدت إلى تغيير جذري في كيفية تقييم الأساتذة للطلاب، مشيرة إلى أنه يجب أن يتعلم الطلاب كيفية استخدام هذه المهارات؛ ما قد يؤدي إلى تعليم أفضل يركز على الابتكار والتفكير النقدي.

وذكر الدكتور عبدالله الكوافي أبو نعمة، رئيس، وكيل وأستاذ الحوسبة والتعلم الآلي والتحليلات كلية أبوظبي للإدارة، أن الذكاء الاصطناعي بات جزءًا مهمًا في الأنظمة التعليمية، مشيرًا إلى أن بعض التقنيات الرائعة أثرت في التدريس والتعلم لسنوات عديدة. وتطرق إلى برنامج (شات جي بي تي) (ChatGPT) القائم على الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنه يعد روبوت المحادثة والمساعدة الرقمية، وأول مثال على استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم. وقال إن روبوتات المحادثة تمتلك القدرة على فهم الكلام (معالجة اللغة الطبيعية) واستخدام نماذج التعلم الآلي لمطابقة نية السؤال للإجابة والتوصية بإجراء محدد.

كما تطرق إلى التعلم التكيفي، الذي يغير ويكيف وتيرة المتعلم ومستوى ترتيب التعلم بناءً على الخوارزمية وإسقاط التعلم وكيف يستجيب الطلاب للمواد المختلفة التي تقدمها الخوارزمية.

وتوقف عند وضع العلامات والتعليقات بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وهو الوقت الذي يمكن أن تنظر فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي في الاختبارات والواجبات وتصحيحها وتقديم ملاحظات قيمة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي بات يؤثر في التعليم بشكل عميق، كما أن الاستثمار فيه يتزايد يومًا بعد يوم. وتطرق أبو نعمة إلى ما يقدمه الذكاء الاصطناعي للتعليم من خلال المحتوى والمحادثة والتعليم التعاوني، مطالبًا بتبني التطورات التكنولوجية لكي تصبح جزءًا من النظام التعليمي، وأنه لا مناص من متابعة التطورات ومواكبة الركب. وأعرب عن اعتقاده بأهمية الحوار الدائم حول التطورات التكنولوجية الجديدة ومدى ملاءمتها للنظم التعليمية.

وتحدث الدكتور ألكسندر يوساد، رئيس السياسات بوحدة الحكومة الرقمية بمعهد توني بلير، عن التغيير العالمي بالمملكة المتحدة، فقال إن أزمة التعليم كانت مدفوعة بالتوتر بين أهداف ثلاثة هي: الجودة العالية، والنطاق الوطني، والتكلفة المستدامة، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا من شأنها المساهمة الفعالة في حل هذه المعضلة الثلاثية.

وأوضح أن برنامج Edtech ليس منتجًا تجاريًا أو منتجًا استهلاكيًا بل هو عنصر أساسي، وأنه لتحقيق تأثير على نطاق واسع لا بد لنا من مواءمة الحوافز بين المعلمين والحكومة من ناحية، ومقدمي الخدمة والمستثمرين من الناحية الأخرى. وذكر بوساد أن التكنولوجيا ستكون تحويلية عندما يتم استخدامها بشكل جيد عبر النظام بأكمله. كما أن إيجاد الظروف “الدنيا القابلة للحياة” التي يحدث فيها ذلك هو عمل صانعي السياسات.

عقب ذلك درات مناقشات بين المشاركين والحضور تركزت حول ما جاء في أعمال الجلسة الأولى، حيث أكدت على أهمية تنمية المهارات، والتركيز على التعليم الإبداعي، واستخدام التكنولوجيا المتطورة .

هذا، وتُختتم أعمال المؤتمر، اليوم الخميس، بجلستي عمل، إضافة إلى جلسة ختامية تُعلَن فيها توصيات خبراء المؤتمر.


تعليقات الموقع