أبوظبي – الوطن:
أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة باللغة الإنجليزية تحت عنوان “الصراع في جنوب القوقاز وانعكاساته على إيران، تسلط الضوء على موقف إيران من أزمة ناغورنو كاراباخ من ثلاث وجهات نظر: الجغرافيا السياسية، والعِرق، والأمن.
وذكرت الدراسة التي أعدها د. محمد سلامي الباحث المشارك بالمعهد الدولي للتحليل الاستراتيجي العالمي (IIGSA) أن الصراع في جنوب القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا بدأ حول مناطق ناغورنو كاراباخ بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ومازال مستمراً حتى اليوم.
وأوضحت أن هذا النزاع لم يؤثر فقط في العلاقات السياسية والجيوسياسية للبلدين، ولكنه أثر أيضاً على جيرانهما. مشيرة الى أن واحدة من هؤلاء الجيران هي إيران، التي تشعر بقلق بالغ إزاء انعدام الأمن على الحدود والجيوسياسي والوضع خارج حدودها الشمالية الغربية، خاصة وأن أقلية كبيرة من الناطقين باللغة التركية تعيش في هذه المناطق وتعاطفت مع أذربيجان خلال الحرب.
وبينت الدراسة أن سياسة إيران في هذا الصراع كانت بين سياستين “متناقضتين” تسيران بالتزامن، حيث دعمت طهران أذربيجان رسميًا منذ بداية حرب كاراباخ الأولى في 1991-1994 حتى الآن، لكنها في الوقت نفسه حاولت إقامة علاقات استراتيجية مع أرمينيا في شكل “سياسة حسن الجوار” من أجل التخفيف من الأضرار الناجمة عن الصراع، وموازنة تصرفات أذربيجان الإقليمية التي تعتبرها إيران مخالفة لمصالحها الوطنية.
وذكرت الدراسة أن إيران تريد إظهار مسؤوليتها الدولية أمام الأمم المتحدة، التي أصدر مجلس الأمن التابع لها قرارات تعترف بسيادة أذربيجان على الأراضي المحتلة. بل إن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي قال: “يجب تحرير جميع الأراضي التي تحتلها أرمينيا وإعادتها إلى أذربيجان”.
لكن الدراسة قالت إن إيران ترى تصرفات أذربيجان الإقليمية في العقود الأخيرة تتجه ضد مصالحها الوطنية وأمنها، مؤكدة وجود خلافات بين طهران وباكو حول العديد من القضايا التي زادت منها وسائل الإعلام الخاصة بكل منهما في الدعاية لمحاولة جذب انتباه الشيعة الأذريين من إيران، والأقليات الإيرانية الناطقة باللغة التركية من أذربيجان.
وتوقفت الدراسة عند علاقة باكو بإسرائيل، مشيرة إلى أنها تثير قلق إيران، التي تتهم إسرائيل بإقامة موطئ قدم لها في أذربيجان.
وأوضحت الدراسة أن باكو تتمتع أيضًا بعلاقة وثيقة مع تركيا، ولكن إيران تتأثر سلبيًا بهذا التعاون، خاصة أنها لم تعد قادرة على إرسال شاحنات الترانزيت بحرية عبر هذه المنطقة. ولتحقيق التوازن مع القوة الصاعدة لأذربيجان؛ حاولت طهران إقامة علاقات استراتيجية مع أرمينيا دون الإضرار بحق يريفان بالسيطرة على أراضي كاراباخ.
وخلصت الدراسة إلى أن إيران تأخرت عن الانخراط في منطقة القوقاز؛ لأنها أعطت أولوية أكبر للعلاقات مع الدول العربية والشرق الأوسط، وتشعر النخب الإيرانية بالقلق من التنازل عن نفوذها في المنطقة لصالح تركيا وأذربيجان وروسيا بسبب هذا الإهمال. وقالت إنه في أعقاب حرب كاراباخ الثانية، تواجه إيران الآن تحديات مثل تغيير الحدود، والاضطرابات العرقية، ووجود جهات فاعلة جديدة في الشمال الغربي من حدودها.