قدَر الإسلام السياسي هو زواله، وذلك بعد انكشافه وفقدانه الحاضنة المجتمعية والفكرية التي كانت لديه قبل ما يسمى بالربيع العربي

قائم جديد بأعمال مرشد “الإخوان”.. ماذا بعد؟

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

 

اتجاهات مستقبلية

قائم جديد بأعمال مرشد “الإخوان”.. ماذا بعد؟

 

 

 

 

أعلنت جبهة لندن هذا الشهر انتخاب صلاح عبد الحق قائمًا بأعمال المرشد العام محمد بديع، خلفًا لإبراهيم منير الذي توفي نهاية العام الماضي. وبهذا يصبح عبد الحق القائم الثالث بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان بعد رحيل كلٍّ من محمود عزت وإبراهيم منير، منذ القبض على المرشد العام للجماعة الإرهابية محمد بديع في أعقاب ثورة المصريين على حكم “الإخوان” الإرهابيين عام 2013.

ووفق ما أعلنت الجبهة فإن عبد الحق سيتولى إعادة تعريف الجماعة الإرهابية، وتعزيز مكانتها، وجمع شملها، وإدارة ملف المسجونين وأسرهم، وتمكين الشباب في إدارة الجماعة الإرهابية المرحلة المقبلة. وأكدت الجبهة أيضًا أن اختيار عبد الحق جاء بناء على خلفيته التنظيمية وانتمائه للقيادات التاريخية التي لم تتورط في العمل السياسي بشكل مباشر، وأيضًا بناءً على تركُّز نشاطه على الجوانب “التربوية والتنظيمية” وعدم تورطه في الخلاف الذي شهدته الجماعة خلال السنوات الماضية.

من جانبها رفضت جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين الاعتراف بانتخاب عبد الحق قائد جبهة لندن قائمًا بعمل المرشد. وأعلنت جبهة إسطنبول أن ما ذكر عن انتخاب صلاح عبد الحق قائمًا بأعمال المرشد العام كذب ومحاولة متجددة لاستحداث كيانات موازية لمؤسسات الجماعة الإرهابية. كما ترفض قطاعات مؤثرة من شباب الجماعة اختيار عبد الحق لكبر سنه، فضلًا عن انتمائه للمدرسة التقليدية التي لم تعد تناسب مستحدثات الواقع الصعب الذي تعيشه الجماعة.

وفي تصريحاته الأولى بعد اختياره قائمًا بأعمال مرشد الإخوان، جدد عبد الحق التأكيد على ما صرح به سلفه بترك الصراع على السلطة، موضحًا أن لكل وقت أولوياته. كما لوحظ غياب السياسة في تصريحاته، حيث قال إن الأولوية الآن هي لترتيب الجماعة الإرهابية من الداخل، وحل الإشكالات التي تضربها.

وعلى الرغم من ذلك، فإن من المتوقع أن انتخاب عبد الحق لن يهدّئ من وتيرة الانشقاقات والانقسامات والصراع داخل الجماعة على المدى القصير. والأمر مرهون، على المديين المتوسط والطويل، برؤية عبد الحق لآليات التعاطي مع الأزمات الراهنة التي تعيشها الجماعة، وبمدى قدرته على تحقيق تفاهمات مع الجبهات الأخرى المناوئة لجبهة لندن.

فهل لعبد الحق رؤية واقعية لكيفية التعاطي مع الأزمات الصعبة الراهنة التي تعيشها الجماعة الإرهابية ، ومن أهمها انصراف الناس عنها، خصوصًا الشباب، وذهابهم إلى مساحات تدينية أخرى بعيدة عن مشروع “الإخوان” الإرهابي (الذي يخلط بين الديني والسياسي)؟

وهل من الممكن أن ينجح عبد الحق في تحقيق تفاهمات مع الجبهات الأخرى المناوئة لجبهة لندن التي يقودها، وذلك بالرغم من ارتباط صراع الجماعة الإرهابية برغبة أطراف الصراع في السيطرة على الجماعة الضالة والاستحواذ على قيادتها واختلاف الرؤى حيال مستقبل العمل التنظيمي للجماعة؟

وبالرغم من تأكيد عبد الحق أن الجماعة الإرهابية استطاعت عبور التحديات التاريخية التي واجهتها، فإنه من المتوقع أن تكون الإجابة عن الأسئلة السابقة بالنفي، حيث إن قدَر الإسلام السياسي هو زواله، وذلك بعد انكشافه وفقدانه الحاضنة المجتمعية والفكرية التي كانت لديه قبل ما يسمى بالربيع العربي، الذي أحرق في أتونه كل أوراق الجماعة الإرهابية.


تعليقات الموقع