“سياحة الانتقام” والاتجاه الى “السفر المستدام”

فعاليات
6874-etisalat-postpaid-acquisition-promo-2024-728x90-ar

b2878ed7-e723-4c3f-8973-40d1b5493124.jpeg

الدكتور شون لوخري ، أستاذ مساعد في كلية إدنبرة لإدارة الأعمال وخبير فى السياحة بجامعة هيريوت وات بدبي

على الرغم من أنه قد يبدو غريب المزج بين مصطلح ذو دلالات سلبية مثل “الانتقام” و “السياحة” ، فقد اكتسب مصطلح “سياحة الانتقام” شعبية في قطاع السياحة. ظهرت سياحة الانتقام في عام 2021 عندما بدأ العالم في التعافى بعد الوباء وتخفيف قيود Covid-19. فبعد فترة طويلة من القيود المفروضة على السفر ، قرر الناس تعويض الوقت الضائع بسبب الوباء والقيام بالسفر والسياحة. كان هذا الاتجاه واضحًا بشكل خاص منذ إعادة فتح الحدود المحلية والدولية ، حيث شهدت حجوزات السفر ارتفاعًا كبيرًا. أيضًا ، أصبح المسافرين أقل قلقًا بشأن ارتفاع أسعار السفر من حيث تذاكر السفر والإقامة سعياً وراء “سياحة الانتقام”. وقد ساهم ذلك في زيادة نسب السياحة وتغيير سلوكيات المسافرين ، حيث يبحث الناس عن تجارب جديدة ومثيرة بعد فترة طويلة من فرص السفر المحدودة. على سبيل المثال ، استفادت دول مثل إيطاليا والبرتغال وتايلاند والهند من السياحة الانتقامية في تحفيز النمو في قطاعات السياحة المحلية والدولية.
في حين أن استئناف السفر والسياحة أمر بالغ الأهمية لانتعاش الصناعة ، إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الإفراط في استخدام الموارد ، لا سيما في الوجهات السياحية الشهيرة. يمكن أن يسبب هذا ضغطا على البنية التحتية المحلية وبالتالى يسهم في الأضرار البيئية ، مثل التلوث وإزالة الغابات. علاوة على ذلك ، يمكن أن يؤدي الارتفاع المفاجئ في عدد السياح إلى اضطراب الثقافات والتقاليد المحلية ، مما يؤدي إلى فقدان الأصالة والتراث. يمكن أن يؤدي الضغط على الموارد إلى تفاقم التحديات القائمة في المناطق التي تكون فيها الموارد شحيحة. أبلغت أماكن مثل هاواي وماتشو بيتشو بالفعل عن اكتظاظها ، مما تسبب في قلق أصحاب المصلحة المحليين. لذلك ، من الأهمية ان يتم تطبيق ممارسات السياحة المستدامة التي تحقق التوازن بين مطالب السياح ورفاهية المجتمعات المحلية والحفاظ على البيئة. هذا يضمن أن السياحة يمكن أن تستمر في دفع النمو الاقتصادي والتنمية مع حماية الموارد الطبيعية والثقافية لوجهات السفر.
أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة مرونة ونموًا في السنوات القليلة الماضية. وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي ، بلغ عدد الزوار الدوليين الذين يقصدون دبي للزيارة 14.36 مليونًا في عام 2022 ، مما يشير إلى نمو سنوي بنسبة 97 في المائة من 7.28 مليون سائح تم تسجيلهم. ففي عام 2021 يبدو أن الرغبة في السفر والاستكشاف قد زادت ، مع رغبة العديد من الأفراد في اكتشاف وجهات وأنشطة جديدة. كانت دبي وأبو ظبي من أفضل الوجهات التي شهدت زيادة في السياحة ، حيث يسعى المزيد من الناس لزيارة الإمارات للتعويض عن فرص السفر الضائعة بسبب الوباء. إن نجاح الإمارات في إدارة الوباء والسيطرة عليه وإعادة فتح حدودها جعلها وجهة جذابة للسفر على الصعيدين المحلي والدولي. علاوة على ذلك ، فإن تطوير مناطق جذب جديدة مثل متحف المستقبل و Deep Dive Dubai قد ساهم أيضًا في نمو السفر إلى المدينة. كما تهدف الإمارات إلى الاستفادة من السياحة من خلال عودة المسافرين من الصين. مع سماح الصين الآن للمجموعات المنظمة بالسفر إلى الإمارات العربية المتحدة ، وخطط طيران الإمارات والاتحاد للطيران لزيادة رحلاتهم بين الإمارات والصين ، فإن هذا يوفر للإمارات العربية المتحدة فرصة لجذب هذا السوق المربح السابق.
السفر المستدام:
يمكن أن يكون للتدفق المستمر للسياح بعد اتجاهات السياحة الانتقامية آثار ضارة على كل من المجتمعات المحلية والبيئات المحيطة بها إذا لم تتم إدارتها بشكل فعال. مع تطور تحديات السياحة ، تتغير عادات المسافرين ، وتزيد التحديات الاجتماعية والاقتصادية ، وتظهر تقنيات جديدة. تتطور السياحة المستدامة حاليًا بسرعة وهي حل قابل للتطبيق لمعالجة هذه المشكلة. بالإضافة إلى ذلك ، فإن تغير المناخ يقود إلى اتباع نهج جديد للسياحة المستدامة. فهو لا يوفر مزايا للمجتمعات المضيفة فحسب ، بل إنه يعزز أيضًا تجربة السفر الشاملة للزوار. أدت الأحداث العالمية الأخيرة إلى زيادة الوعي بأزمة المناخ المتصاعدة ، مما أدى إلى زيادة التركيز على الممارسات الصديقة للبيئة ، بما في ذلك تلك المتعلقة بالسفر والسياحة. يوفر هذا فرصة لشركات السفر لإنشاء خيارات أكثر استدامة لخدماتها وعروضها. يجب أن تستمر الفنادق والمنتجعات في تبنى ممارسات السياحة المستدامة مثل تطبيق استراتيجيات الحد من النفايات ، واستخدام الطاقة المتجددة ، وغيرها من المبادرات الخضراء للحد من انبعاثات الكربون. يمكنهم أيضًا استخدام المنتجات الذكية لتشجيع المسافرين المهتمين بالبيئة على التفكير في منتجات أو عروض إضافية مماثلة ، وبالتالي زيادة زياراتهم ومشاركتهم ومشترياتهم. علاوة على ذلك ، يمكن أن يساهم دعم الشركات المحلية في الاقتصاد المحلي مع تقليل الأثر البيئي للسياحة. يمكن تحفيز السياح للمشاركة في الأنشطة المجتمعية ، واستخدام وسائل النقل العام ، وشراء المنتجات المنتجة محليًا.
يلعب التعليم أيضًا دورًا مهمًا في مساعدة المتخصصين في صناعة السفر والقوى العاملة المستقبلية على تطوير وتعزيز ممارسات السياحة المستدامة مع التعامل بكفاءة مع الاتجاهات مثل السياحة الانتقامية. تشير التقديرات إلى أن سوق السفر والسياحة في الإمارات العربية المتحدة سيدعم 770 ألف وظيفة بحلول عام 2027. ويمكن للجامعات إعداد مهنيين طموحين لمواجهة التحديات القادمة لتقليل التأثير السلبي لاتجاهات مثل السياحة الانتقامية على البيئة والمجتمعات المحلية. يمكن للمهنيين العاملين في قطاع السياحة ضمان بقاء الصناعة كدافع للنمو الاقتصادي والتنمية في المنطقة من خلال تجهيزهم بالمعرفة والمهارات المناسبة.


تعليقات الموقع