خطوة بالاتجاه الصحيح
في حدث يعكس التزاماً تاريخياً فاعلاً على المستوى الدولي، يأتي اعتماد قادة العالم على هامش أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إعلاناً سياسياً بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها، ليشكل نقلة نوعية على مستوى التنسيق والتعاون الجماعي والتكاتف لصالح البشرية ودعماً لسلامة وصحة جميع شعوبها، كما أنه إضافة إلى المبادرات الفاعلة لمواكبة أي حالات طوارئ عالمية من قبيل عزم الإمارات إطلاق منصة رقمية جديدة للاستجابة للكوارث لدعم الدول المنكوبة وتأمين احتياجاتها وتقديم الدعم اللازم لها بكل ما يمثله ذلك من خطوة ملهمة وإبداعية وخاصة أنها الدولة الأولى في العالم التي تطلق مبادرة من هذا النوع، فضلاً عن كون “الإعلان” يعكس التزاماً أخلاقياً وإنسانياً تأكيداً للمسؤولية المستحقة على عاتق الجميع لضمان حماية المجتمعات واقتصاداتها والتمكن من مواجهة أي تحديات طارئة قد يتعرض لها العالم مجدداً بعد الهزة التي سببتها جائحة “كوفيد19” وما نتج عنها من تداعيات وأزمات ودروس صعبة توجب إيجاد أنماط جديدة من العمل المشترك على امتداد الساحة الدولية يكون محورها تعزيز الاستعدادات، كما أنه يبين تفهم الرؤساء والقادة وصناع القرار لحجم المسؤولية الواجبة وبأن تخطي أي أزمات مستقبلية يبقى رهناً بالتعاون المشترك لأن أغلب التحديات العالمية فوق طاقة أي دولة أو “تكتل دولي” على التعامل معها بمفرده.
“الإعلان” خطوة في الاتجاه الصحيح، ويبقى الرهان فيه على مدى الالتزام والاستراتيجيات التي يمكن من خلالها التعامل بقوة وثقة على أرض الواقع مع أي تهديد صحي يمكن أن يتم التعرض له خاصة أن “كورونا” قد لا يكون التحدي الأخير من نوعه، وعلى مدى العقدين الأخيرين شهد العالم عدداً من الهزات جراء أوبئة عديدة وإن كانت أقل تهديداً لكن نتائجها كانت كفيلة بقرع جرس الإنذار ومع ذلك لم يتنبه العالم لما يجب أخذه بعين الاعتبار حتى كان الزلزال الناجم عن “جائحة كورونا” منذ نهاية العام 2019 وتسبب في حالة من الارتباك على الساحة الدولية لدرجة أن عدداً من الدول المصنفة “عريقة” عانت من الجمود قبل أن تستوعب الصدمة وتبدأ في العمل للتعافي واستعادة الحياة الطبيعية.
الإعلان السياسي التاريخي يمكن أن يكون منطلقاً لالتزام شامل تجاه كافة التحديات، فالبشرية لا تواجه فقط خطر الأوبئة والجوائح بل هناك الكثير من القضايا التي تعتبر مصيرية مثل المناخ والأمن والسلام والغذاء والتنمية والاستدامة وغيرها، وفي حال كان هناك رغبة حقيقية وقناعة تامة بحتمية التعاون تجاه كل استحقاق يتعلق بشكل مباشر بحياة الشعوب ومستقبلها فيمكن عبر التكاتف الدولي إيجاد الحلول وتعميم التجارب الناجحة وتوسيع فرص التعاون المستند إلى روحية العمل الجماعي.. وحينها فإن العالم يضمن أن يكون دائماً على بر الأمان.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.