“كوب28” والفرص السانحة في قضايا المناخ

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات
“كوب28” والفرص السانحة في قضايا المناخ

اتجاهات مستقبلية

“كوب28” والفرص السانحة في قضايا المناخ

 

 

 

يترقّب العالم أجمع فعاليات أعمال قمة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، كوب28، التي اقترب انطلاقها على الأراضي الإماراتية، وسط آمال وتطلّعات معلَّقة على وصول قادة العالم إلى اتفاق مناخي غير مسبوق في القمم السابقة.

وبالرغم من أن الجميع يتوقع “مفاوضات صعبة” في المؤتمر، في ظِلّ التحديات المتمثّلة في التغلّب على الانقسامات المعتادة بين مختلف الأطراف الدولية، فإن الجميع يثِق تمام الثقة بقدرات وإمكانيّات دولة الإمارات على تذليل تلك العقبات، واغتنام الفرص السانحة في التوصل إلى تفاهمات ملزِمة حول سبل مواجهة العمل المناخي، وتفعيل صندوق “الخسائر والأضرار” التي تطالب به الدول النامية، فضلًا عن تلبية الاحتياجات المناخية المناطقية، خصوصًا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وطِبقًا لوجهة نظر منظمات وهيئات دولية عدة، فإن المؤتمر، الذي يشهد مشاركة عالمية غير مسبوقة، يُعدّ فرصة سانحة لمعالجة القضية الشائكة الأخرى المتمثّلة في استخدامات الوقود الأحفوري، وذلك عبْر العمل على تعزيز تكنولوجيا احتجاز الكربون وعزله، حتى يتمكن العالم من تحقيق هدف خفض الانبعاثات إلى أقل من درجتَين مئويتين.

وفي هذا الإطار، يعمل المؤتمر على محاولة الوصول إلى اتفاقيات من أجل مضاعفة قدرات الطاقة المتجدّدة في العالم ثلاث مرات بحلول عام 2030، وزيادة القدرات النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050، وتسريع إنهاء التمويل الخاص لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والحفاظ على مصارف الكربون، وإظهار العلاقة بين مكافحة الفقر والتزامات المناخ والتنوع البيولوجي.

ومن أجل تحقيق تلك الأهداف، شهدت الساحة الدولية في الفترة الأخيرة مزيدًا من أعمال الإعداد والتجهيزات للمشاركة بفاعلية في أعمال المؤتمر من مختلف الدول، وذلك من أجل توحيد الرؤية حول عدد من الملفات، والتي من بينها محاولات فرض ضريبة تصاعدية على الكربون فيما يتعلق بالطيران. ويمكن أن تسهم الضريبة المقترحة في تمويل المبادرات البيئية، مثل عزل المنازل، أو نقاط شحن السيارات الكهربائية، أو تحويل صناعة الهواء. وشهدت الساحة الدولية أيضًا، منذ أيام قليلة، مدّ يد التعاون بين الصين والولايات المتحدة، الدولتين الأكثر إطلاقًا للانبعاثات على مستوى العالم (29% و11% على التوالي)، والاتفاق على إزالة الكربون؛ الأمر الذي يُعدّ مؤشرًا على النجاح المتوقع لكوب28.

وفي الواقع، نجحت دولة الإمارات في المشاركة وإدارة الفعاليات البيئية الدولية كافة خلال العام المنصرم، وعملت على التوصل إلى تفاهمات واسعة بين كل القوى الدولية من أجل العمل معًا، وتوحيد الجهود لتحقيق الهدف الأسمى الذي يتمثل في اقتصار الاحتباس الحراري على هدف اتفاق باريس المتمثل في 1.5 درجة مئوية، والحد من الانبعاثات، والتحول إلى الطاقة المتجدّدة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن دولة الإمارات نجحت، ولأول مرة، في تفعيل مشاركة المؤسسات الدولية كافة؛ الرسمية منها وغير الرسمية، المدنية والدينية، في وضع جدول أعمال كوب28؛ الأمر الذي تكلّل بالإعلان عن مشاركة بابا الكنيسة الكاثوليكية، البابا فرنسيس، في أعمال المؤتمر، وإطلاق رئاسة المؤتمر بالتعاون مع منظمة (الفاو) “إعلان القادة حول النُّظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي”، وتخصيصه لمناقشة تأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة.

وأخيرًا، يمكننا القول إن كوب28 يحمل في طيّاته فرصًا سانحة سوف يعمل العالم، بمساعدة دولة الإمارات، على اغتنامها من أجل الوصول إلى درجة غير مسبوقة في التعاون الدولي لمواجهة التغيرات المناخية.