المتتبع لمسار العلاقات الإماراتية - الهندية يدرك أنها باتت تشكل النموذج الأمثل للشراكات الاستراتيجية القائمة بين الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي

الإمارات والهند..نموذج فريد للتعاون

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي : كاتب إماراتي

الإمارات والهند..نموذج فريد للتعاون

 

 

 

 

 

 

أنهى، مؤخراً، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارته السابعة إلى دولة الإمارات خلال أقل من عقد وهي الزيارة الحادية عشر في مجمل الزيارات بين قائدي البلدين حيث زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” جمهورية الهند أربع مرات، وهي أحد المؤشرات المهمة لقياس ومعرفة مستوى العلاقة التي وصل إليها البلدان، هذا بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الموضوعية مثل: الاتفاقيات التعاونية ونوعيتها.

بداية الهند، قدمت نفسها بشكل مختلف للعالم في عهد رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي الذي وصل إلى الحكم في عام 2014 ويُنتظر أن ينجح في الانتخابات المزمع إجراءها في إبريل القادم كنتيجة للنجاحات التي قدمها لبلاده على المستوى العالمي منها أن الهند تحتل المركز الخامس كقوة اقتصادية. وفي هذا التقديم الجديد بدت (الهند) أنها دولة تبحث عن صداقات وشراكات عالمية في المجالات المختلفة فعملت على الانفتاح في كل المجالات بما فيها المجال الثقافي، حيث تم افتتاح خلال الزيارة الأخيرة في العاصمة أبوظبي أكبر معبد هندوسي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يتماهى والاستراتيجية الإماراتية في التعايش ومحاربة التطرف الديني من خلال الاتفاقية التاريخية “الأخوة الإنسانية” التي نتج عنها منصة تجمع بين الأديان السماوية الثلاث وهي: الإسلام واليهودية والمسيحية “البيت الإبراهيمي”.

وبدأت الانطلاقة الهندية الجديدة من خلال تقوية علاقاتها مع الجوار الجغرافي لها وهي دولة مجلس التعاون الخليجي التي تربطهما علاقات تاريخية وثيقة وتعاون في مختلف الجوانب الحضارية والإنسانية ولكن التحولات الدولية التي ارتبطت بوصول شخصية سياسية هندية لديها طموح في إبراز دولتها دفع لأن ينتبه إلى الدور المقبل لدول مجلس التعاون الخليجي في النظام الدولي وفي القلب من هذه الكتلة الخليجية كانت دولة الإمارات العربية المتحدة التي برزت كقوة إقليمية مؤثرة في العديد من الملفات الاستراتيجية والإنسانية فكانت النتيجة تلك الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعتها الدولتان في مايو من عام 2022 ومنذ ذلك التاريخ نشهد المزيد من التنسيق المشترك.

إن المتتبع لمسار هذه العلاقات يدرك أنها باتت تشكل النموذج الأمثل للشراكات الاستراتيجية القائمة بين الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث شاركت الهند كضيف شرف في القمة العالمية للحكومات التي تقعد في إمارة دبي مرتين. المرة الأولى فبراير 2018، والمرة الثانية في فبراير 2024، ما يعكس تميز العلاقات والمكانة التي تحظى بها الهند ضمن أولويات السياسة الخارجية الإماراتية. في مقابل ذلك يبدو واضحاً، أن الهند تطورت علاقات مع دولة الإمارات ليس فقط من منطلق شريك استراتيجي لها، وإنما أيضاً من منطلق أن الإمارات نقطة ارتكاز بارزة لانخراط الهند في منطقة الخليج، حيث يدرك كل طرف أهمية الطرف الآخر إقليمياً ودولياً، فالإمارات باتت لاعب فاعل على الصعيد الاقليمي، في حين يتسارع صعود الهنود كقوة دولية.

هذه العلاقات تلقى قوة دفع نوعية كبيرة من خلال الصداقة المتينة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث تلعب هذه الصداقة دوراً كبيراً في تطوير الشراكة الشاملة بين البلدين على المستويين الاستراتيجي والاقتصادي، حيث توافر الزيارات المتبادلة نطاقات مهمة لمناقشة الملفات والموضوعات التي تهم البلدين الصديقين فخلال أقل من عقد من وصول مودي إلى السلطة حدثت (11) زيارة لقائدي البلدين وهذا مؤشر مهم في إبرار الأهمية الاستراتيجية التي توليها قيادة البلدين لهذه العلاقة.

على كل، الإمارات وعلاقتها بالهند تُجسد نموذجًا فريدًا في بناء مجتمعات يقتدى بها في العديد من المجالات واحدة منها محاربة الإرهاب والتطرف وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق الاستقرار والأمن الدوليين. فمن غير أنهما (الإمارات والهند) تتبنيان مواقف مشتركة في مواجهة الإرهاب ومصادره فإنها أيضاً يشكلان تجربتين متطابقتين في التعايش والتعددية الثقافية، فالإمارات تضم أكثر من 200 جنسية يعيشون على أراضيها في أمن وسلام ويعتنقون ديانات ومذاهب مختلة، فيما تحتضن الهند مئات الملايين من مختلف الديانات والأعراق.

 

 

 


تعليقات الموقع