نمو هائل في قطاع الاتصالات عبر الأقمار الصناعية بهدف تمكين المجتمعات النائية

داريا بويكو، مديرة قنوات التوزيع في مجموعة “آي إي سي تيليكوم”
يخدم الاتصال قضية اجتماعية كبيرة ويمهد الطريق قدر الإمكان نحو تحقيق الرخاء المتبادل. وفقاً لنتائج بحث أجرته شركة “Meltwater” مؤخراً، تتوفر إمكانية الوصول إلى الإنترنت لأكثر من 5 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم حالياً، وهو ما يمثل حوالي 64% من سكان العالم. ومن جهتها، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرة وطنية تهدف إلى توفير الاتصال اللاسلكي للجميع عبر شبكة WiFi الإمارات لتمكين الأفراد من الوصول إلى شبكة الإنترنت عالية السرعة في أكثر من 400 نقطة اتصال عامة على مستوى الدولة. ومع ذلك، يتواجد معظم غير القادرين على الوصول إلى الإنترنت البالغ عددهم 2.85 مليار شخص في جنوب وشرق آسيا وأفريقيا، وهي مناطق تعتمد بشكل كبير على الدعم والمساعدات الإنسانية.
يعيش ما يقرب من 45% من سكان القارة الأفريقية في مناطق تبعد أكثر من 10 كيلومترات من أي بنية تحتية لشبكة الألياف الضوئية. في مثل تلك الظروف الجغرافية، توفر الاتصالات عبر الأقمار الصناعية (ساتكوم) تجربة اتصال موثوقة تكمل الشبكات الأرضية وشبكات الإنترنت الواقعة تحت قاع البحر. حالياً، لا غنى عن خدمات الأقمار الصناعية في المناطق الريفية والنائية، حيث تعتمد 30% من الأسر عليها. علاوة على ذلك، يعتمد 20% من الأسر في جميع أنحاء أفريقيا على خدمات الأقمار الصناعية للاتصال بالهاتف والإنترنت.
وفقاً للتقرير السنوي لصناعة الفضاء الأفريقية لعام 2019، تصل عوائد الأقمار الصناعية في أفريقيا إلى 6.5 مليار دولار أمريكي سنوياً. وإلى جانب قدرتها على سدّ فجوة الاتصال، توفر الاتصالات عبر الأقمار الصناعية فرصاً مواتية للتحول الرقمي وبالتالي تعزيز مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كيف تخلق الأقمار الصناعية الفرص للناس
تُعتبر فرص التعلم الإلكتروني، والطب الإلكتروني، وتوفير الأمن الغذائي من المجالات الحاسمة لتوسيع نطاق الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في أفريقيا.
يساهم الاتصال عبر الأقمار الصناعية بتعزيز فرص التعليم في المجتمعات الواقعة في المناطق النائية. بدءاً من توفير الوصول إلى المكتبات الرقمية إلى تمكينهم من التواصل مع المعلمين عبر مكالمات الفيديو، أصبح بإمكان الطلاب الآن الوصول إلى التعليم الأساسي عبر حلول ساتكوم. تعتبر مؤسسة “ميموسي هوب” (Memusi Hope) مثالاً بارزاً لذلك. بالشراكة مع مدرسة مورينغا، مجموعة آي إي سي تيليكوم، كينيك ليميتيد (KENIC Limited)، هواوي تيكنولوجيز، وسانتوز أوكوتا (Santos Okotta)، قدّمت المؤسسة برنامج “Entaisere é Kenya”، وهو برنامج تعليمي لتزويد الفتيات الصغيرات بمهارات تطوير البرمجيات وتعزيز فرصهنّ بالحصول على وظيفة بعد ذلك. تم تنفيذ هذه المبادرة لصالح مجتمع الماساي في دائرة كاجيادو المركزية في كينيا المعروفة بانخفاض معدلات معرفة القراءة والكتابة حيث يتم تسجيل أقل من 20% من الفتيات في المدارس بينما يلتحق عدد أقل من ذلك بالمدارس الثانوية. في شهر نوفمبر 2022، تخرجت 21 طالبة من البرنامج وحصلن على فرصة لتغيير مسار حياتهن.
أما في قطاع الرعاية الصحية، فتساهم حلول الاتصال عبر الأقمار الصناعية بتمكين الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات الرعاية الصحية الخاصة من توسيع برامجها الطبية لتشمل المجتمعات النائية، مما يشكّل فرصة مثالية لمنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، التي يتواجد فيها 2% من أطباء العالم فقط رغم أنها تضم 13% من سكان العالم. هناك مجال كبير لموازنة هذه النسبة في الخدمات الرقمية، سواء عن طريق تزويد الفرق الميدانية بمعدات التطبيب عن بعد، أو إتاحة الوصول إلى الاستشارات في الوقت الحقيقي، أو إنشاء مراكز صحية وعيادات نائية في العديد من المناطق.
تستخدم الحكومات اتصالات الأقمار الصناعية لرصد مستوى المحاصيل وإنجاز التحليلات التنبؤية، مما يساعد على تعزيز المحاصيل الزراعية في المناطق التي تعاني من الجفاف لفترات طويلة ومن الكثير من التحديات الجيوسياسية. بالإضافة إلى احتمال تضاعف عدد سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا بحلول عام 2050، ناهيك عن عدم قدرة 85% من السكان الحاليين على تحمل تكاليف نظام غذائي متوازن، فإن انعدام الأمن الغذائي يشكل مسألة بالغة الأهمية. وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، هناك ارتفاع بنسبة 60% في انعدام الأمن الغذائي الحاد في شرق أفريقيا، وارتفاع بنسبة 40% تقريباً في غرب أفريقيا، مما يعني أن نقص الغذاء يعرض حياة الناس لمخاطر كبيرة.
تعد البعثات المتنقلة المتخصصة بالعمليات الإنسانية والبرامج المعنية بتنفيذ المبادرات الحكومية مشهداً مألوفاً في أفريقيا، مما يستلزم اتباع نهج متعدد القنوات لتوفير خدمات الاتصال. في مثل تلك البيئة، تصبح الأنظمة الهجينة التي تعمل عبر عدة شبكات كبيرة بمثابة آلية مرغوبة فهي تتيح التحول السلس من النظام العالمي للاتصالات المتنقلة (GSM) إلى الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في المناطق محدودة التغطية أو المناطق التي لا تتوفر فيها التغطية، وتعمل بمثابة العمود الفقري لتحقيق الكفاءة التشغيلية للمهمات المتنقلة التي تخدم المناطق النائية. تجمع حلول إدارة الشبكات بين عدد من الشبكات تحت مظلة واحدة، وتوجه حركة الاتصالات تلقائياً عبر الروابط الأكثر فعالية من حيث التكلفة، وبالتالي لا تضمن الاتصال المستمر فحسب، بل توفر التكاليف أيضاً.
تعتبر استمرارية الأعمال أولوية رئيسية لقطاع الاتصالات عبر الأقمار الصناعية. إلى جانب الاتصالات، تُعتبر القدرة على تشغيل وإنجاز العمليات الرقمية بغض النظر عن مكان حدوثها أمراً بالغ الأهمية. توفر محطات خدمة الأقمار الصناعية المتنقلة (MSS) تغطية للمهام المتنقلة على النطاق L (حتى 700 كيلوبت في الثانية)، ولكنها ليست قادرة على دعم التطبيقات المصممة لشبكات النظام العالمي للاتصالات المتنقلة. يقدم موفرو حلول ساتكوم حلولاً بديلة وفعالة من خلال التطبيقات المحسنة الموجهة إلى بيئات النطاق الترددي المنخفض، بدءاً من مؤتمرات الفيديو للتعليم الإلكتروني إلى تقديم الخدمات العامة ومراقبة الدوائر التلفزيونية المغلقة عن بعد والتطبيب عن بعد. وفقاً لمجموعة “آي إي سي تيليكوم”، الشركة الرائدة عالمياً في خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، يمكن تقديم جميع هذه الخدمات بسرعة أقل من 90 كيلوبت في الثانية.
مستقبل الاتصال في أفريقيا
مع زيادة استخدام أنظمة الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض (LEO)، سيتغير مشهد الاتصالات في أفريقيا بشكل كبير. تصل قيمة سوق الاتصالات في القارة الأفريقية إلى 7.3 مليار دولار، مما يشير إلى أن منظومة الأقمار الصناعية في أفريقيا تتجه لا محالة نحو زيادة إمكانات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية الخاصة بها، ومن المتوقع أن تطلق أفريقيا ما لا يقل عن 110 قمر صناعي بحلول عام 2024. اعتباراً من عام 2022، قامت 13 دولة أفريقية بتصنيع 48 قمر صناعي.
تبلغ قيمة اقتصاد الفضاء في أفريقيا 19.49 مليار دولار، ويوظف قوة عاملة تزيد عن 19,000 شخص. يقود القطاع الحكومي فرص نمو هائلة في هذا المجال، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 16.16% بحلول عام 2026. وعليه، فإن معدل ازدهار اقتصاد الفضاء الأفريقي يتجاوز بحد ذاته نمو الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا. علاوة على ذلك، يتواءم مسار اقتصاد الفضاء في القارة الأفريقية بشكل كبير مع أهداف التنمية المستدامة ويزدهر في بيئة تستضيف أكثر من 400 مركز تكنولوجي اكتسب عدد منها اعترافاً دولياً.
وأخيراً وليس آخراً، يعمل مقدمو خدمات ساتكوم، وعلى رأسهم مجموعة “آي إي سي تيليكوم”، على توسيع وجودهم بشكل مطرد في أفريقيا. شهدت شبكات التوزيع نمواً كبيراً في جميع أنحاء القارة، مما أدى إلى إرساء قواعد راسخة لعلاقات مثمرة مع مقدمي خدمات الاتصال في القارة. اليوم، يعمل مهندسو الشبكات ومتخصصو تكنولوجيا المعلومات وفرق الدعم المتنوعة تحت سقف واحد لتعزيز الابتكار والتحول الرقمي في أفريقيا وفي جميع أنحاء العالم.