من وحي قمة المليار متابع

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي:كاتب إماراتي

من وحي قمة المليار متابع

 

تابعت النسخة الثالثة من قمة “المليار متابع” التي عقدت في دبي خلال الفترة من 11- 13 يناير الجاري وهي قمة معنية باقتصاد صناعة المحتوى الإعلامي؛ وذلك من خلال ما يتم نشره من مواد ثرية وغنية في وسائل الإعلام المحلي والعالمي، وإذا ما أردت أن أصف الحدث الإعلامي الأكبر من حيث المشاركين ومن قيمة جائزتها فإنني أستطيع أن أقول: إن فعالياتها تجاوز النقاشات العادية، بل تعدت ما يُطرح من أفكار حول الإعلام الرقمي ومستقبله، وأن القمة غيرت الكثير من المفاهيم التي تعتقد أن منصات الإعلام الاجتماعي ما يزال يبحث عن مكانه بين الإعلام التقليدي.
بدأ من موضوعات قمة”المليار متابع” كجزء من قصة أكبر من كونها عبارة عن أفراد يمتلكون حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي ويقومون بـ”تحرشات فكرية” ضد بعضهم البعض أو إثارة المشاحنات بين الدول أو طرح أفكار لبعض التنظيمات المتطرفة من خلال محتوى قد يتسبب في تدمير المجتمعات مما شوه من صورة هذه المنصات الإعلامية الجديدة، إلى مناقشة قضايا إنسانية تتعدى الحدود الوطنية للدول حيث بدأ يتعاظم حضور الاتجاهات الإنسانية في إلهام الناس لتغيير حياتهم وربما هو الأمر الذي أدى لأن يفوز البريطاني سايمون سكويب.
لكن النقطة المهمة، أنه من الأفكار الإعلامية التي تعدت أهمية المناقشة فيها ولم يعد الحديث حولها يضيف جديداً بقدر ما هو تكرار فكرتين اثنتين هما. الفكرة الأولى: مستقبل الإعلام الرقمي والذي منه منصات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك، وإكس تويتر سابقاً، وانستغرام وغيرها من المنصات فهذا النوع من الإعلام فرض نفسه بقوة وبات هو الأكثر تواجداً وحضوراً من باقي أنواع الإعلام بفضل سهولة استخدامه من قبل المتابعين حيث جعلته الأكثر تفاعلياً واستخداماً من الجمهور.
الفكرة الثانية: الأهمية الاقتصادية لوسائل التواصل الاجتماعي وهو أمر أساسي في تطوير أي عمل أو فكرة، والتي كانت موضوع النسخة الثالثة من قمة “المليار متابع” فبمرور الوقت يزداد الاعتماد على أصحاب المنصات الاجتماعية في عمليات الدعاية والإعلان مدفوعاً بشيئين اثنين هما المحتوى الهادف وعدد المتابعين فالمسألة بالنسبة للكثيرين أصبحت شبه محسومة لصالح هذه المنصات وما هي سوى وقت كي يفرض نفسه على الساحة بأكملها.
من هنا جاء تركيز قمة المليار متابع على صناعة المحتوى باعتباره هو الذي يحدد نوعية رسالة صاحبها وبما أننا في عالم يتعرض للعديد من التحديات الكبيرة فإن المحتوى الذي يخدم الإنسانية أو “أنسنة المحتوى” هو الأكثر أهمية ربما لسببين بالنسبة لي الأول متعلق باهتمامات دولة الإمارات بالقضايا الإنسانية بشكل عام. والسبب الثاني له علاقة بأن سنة القضايا الدولية بعدما سيطر التفكير التجاري على أغلب صناع القرار السياسي في العالم فصار اهتمام المنظمات الدولية منصب على الخطاب الإعلامي المؤثر في النواحي الإنسانية، وربما كان هذا هو المعيار في اختيار الفائز في القمة الأخيرة.
تقتضي المقاربة الإنسانية في الإعلام الجديد وضع حد لبعض صناع المحتوى في إقليمنا الشرق أوسطي خاصة أولئك الذين ينطلقون من أيديولوجيات متطرفة حيث يستغلون المساحة التي تتيحها هذه المنصات ويستغلون تواجد الهواتف في أيدي الناس لبث فكرهم المتطرف والتخريبي.


تعليقات الموقع