تحت عنوان "عالم ما بعد كوفيد 19.. من التوجهات الاقتصادية الجديدة إلى الفوارق البائدة"

“تريندز” ينشر دراسة لنائب رئيس وزراء بلغاريا السابق تستشرف سيناريوهات التعافي

الإقتصادية الرئيسية

 

أبوظبي – الوطن:
صدرت عن مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” دراسة جديدة تحت عنوان “عالم ما بعد كوفيد19.. من التوجهات الاقتصادية الجديدة إلى الفوارق البائدة”، أعدها الدكتور سيميون دجانكوف، نائب رئيس وزراء بلغاريا ووزير المالية من 2009 إلى 2013، وزميل أول لدى معهد بيترسون للاقتصاد الدولي بالولايات المتحدة الأمريكية، توقع خلالها تنامي الدور الذي ستضطلع به الحكومات خلال العقود القادمة، كأحد التداعيات الناجمة عن جائحة كورونا “كوفيد19”. وتذهب الدراسة إلى أن هذه الجائحة ستدفع الحكومات في المستقبل إلى زيادة الإنفاق الحكومي ليس فقط على إجراءات الرعاية الصحية ودعم الأسر والشركات المتضررة، بل أيضاً على سياسات الطاقة الخضراء والرقمنة والتعليم والبحث والتطوير في حقلي الطب والتكنولوجيا.
وتوضح الدراسة أن إجراءات التعافي من جائحة كوفيد19 تختلف من دولة لأخرى، فقد أجبرت الجائحة دول مجموعة السبع (G7) على اتخاذ خطوات جذرية مبكرة لدعم اقتصاداتها ركزت على الاحتفاظ بالوظائف، وطبقت برامج ضمانات القروض للشركات. كما أطلقت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا جولة ثالثة من خطط التعافي من الأزمة، في الوقت الذي قامت فيه كندا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة بتمديد العمل بالعديد من الإجراءات التي اعتمدتها مسبقاً؛ ويتعلق الأمر هنا بخطط الحفاظ على الوظائف، ومنها من أطلق مرحلة ثانية من مبادرات التعافي. وفي الولايات المتحدة كشف الرئيس جو بايدن عن خطة حوافز مالية بقيمة 1.9 تريليون دولار، أي ما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتعد مخصصات الدعم المباشر في ميزانية الولايات المتحدة للعام 2021 أعلى بكثير (يصل حجم المساعدات إلى 13% من الناتج المحلي) من الإجراءات والمخصصات المطبقة في الاقتصادات الأوروبية المتقدمة.
وتشير الدراسة إلى أن الوضع يختلف في الدول النامية، والتي تتحمل أعباء ثقيلة بسبب عجز الميزانية، ولا تستطيع الاستدانة مسبقاً لتمويل برامج تعافٍ مماثلة، وهي غالباً تفتقر إلى القدرة على تطبيق هذه البرامج. وبدلاً من ذلك، هناك دول كثيرة تتبع نموذج البرازيل وروسيا والهند والصين (دول بريكس BRICs) وتدعم قطاع البيع بالتجزئة بدلاً من الأعمال التجارية ودعم الدخل. وتمر الدول الأربعة المذكورة في مراحل مختلفة من التعافي من جائحة كوفيد-19، وتعد الصين هي الدولة الوحيدة من مجموعة الدول العشرين الكبرى (G20) التي سجل اقتصادها نمواً عام 2020. وحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن معدل تعافي (نمو) اقتصاد الهند سيصل إلى 6%، وروسيا 4.1% في عام 2021. أما البرازيل فلن تسجل أي نمو، ومن المتوقع أن ينكمش اقتصادها وسيظل راكداً في عام 2021. وفي مجال تطوير خطط التعافي، فإن الصين والهند وروسيا أقرب إلى فرنسا وألمانيا وإيطاليا بين الاقتصادات السبع الكبرى (G7)، مع إعطاء أولويات واضحة للتعافي الاقتصادي في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19، بينما البرازيل تشبه الولايات المتحدة، مع طرح عدة مبادرات منفصلة، ولكنها لم تُتوج بخطة تعافٍ وانتعاش حتى الآن.
وتوضح الدراسة أن مقاربة دول بريكس (BRICs)للتعافي تعتمد إلى حد كبير على تحفيز الاستثمار من خلال مشروعات ضخمة للبنية التحتية، لكن هذا القطاع لا يمكن أن يعوّض التراجع في فواتير السياحة أو الهبوط في الصناعات التصديرية. وكأمثلة على مشروعات البنية التحتية، يمكن الإشارة إلى نموذج الصين التي تبني سكة حديدية بطول 4 آلاف كلم بين عامي 2020-2021، ونصف هذه السكة مخصص للقطارات الفائقة السرعة؛ وروسيا التي أعلنت برنامجاً لتحديث السكة الحديدية التي تمر عبر صربيا، وإنشاء أكثر من عشرة مطارات في سيبيريا، وثلاثة موانئ على البحر الأسود بحلول عام 2024. كما تعتمد خطتا البرازيل والهند – إلى جانب ما سبق – في تمويل مشروعات البنية التحتية على اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة وتوليد عوائد إضافية من خصخصة شركات مملوكة للدولة. كما تبنّت مجموعة دول بريكس إجراءات لتعزيز الطلب مع التركيز على دعم الدخل للفقراء؛ والسبب في هذا بسيط ومرده إلى اعتبار أن معظم الموظفين المكتبيين قد احتفظوا بوظائفهم من خلال العمل عن بعد خلال الجائحة.
وتخلص الدراسة إلى أن جائحة كوفيد-19 أوجدت بعض الفرص أمام الحكومات والأشخاص كما كانت الحال في أعقاب الكساد الكبير في نهاية العشرينيات من القرن الماضي، لكن يتعين على الحكومات مساعدة العمال والشركات للانتقال إلى الاندماج في الاقتصاد الجديد من خلال برامج التعافي المستدامة والحقيقية.

 


تعليقات الموقع