عقد من الأزمات في الجسد العربي
منذ قرابة 11 عاماً، شهد عدد من الدول العربية أحداثاً جسيمة، بعضها تمكنت من تجاوزها والانطلاق نحو تحسين الواقع وتعزيز استراتيجيات الاستعداد للمستقبل وتدارك التدخلات الخارجية التي تسبب كل أنواع البلاء وتهدد مؤسسات الدولة وحتى بنيتها وتركيبتها، ورأينا خلال العقد المنصرم كيف جرت محاولات خطيرة لتعويم جماعات راديكالية بغية إيصالها إلى سدة الحكم في تلك الدول وبالتالي تكون السيطرة على قرارها ممكنة، وخلال ذلك كانت الكثير من المليشيات الإرهابية تعبر الحدود ضمن ذلك المخطط، فنشبت الحروب وعمت المآسي المحزنة التي طالت الملايين من أبناء دول عدة، واليوم بعضها تدارك المخاطر، وقسم آخر بينت أزماته المستفحلة أن الأمل الوحيد الممكن خاصة في ظل التضارب بالمواقف الدولية والخلافات، يتمثل بإنجاز حل سياسي يكون قابلاً لتحقيق توافق بين جميع الأطراف المعنية في تلك الدول بما يُوجد أرضية يمكن البناء عليها وبالتالي وضع حد للمعاناة المستفحلة والانهيارات الاجتماعية والاقتصادية التي تنعكس على مستوى المعيشة التي باتت مرعبة فيها مع انتشار الفقر والأمراض وغيرها، وهذه المساعي يجب أن تتم بعيداً عن لغة الشعارات التي يحترفها البعض ولا تتميز إلا بكونها بعيدة كل البعد عن الواقعية المطلوبة في التعاطي السياسي الواجب مع الأحداث والحرائق التي لم يعد ممكناً تقبل استمرارها، خاصة أن تجار الأزمات ومن يقبلون الارتهان هم العثرة الأكبر نحو الاجتماع على حوار بناء وقابل للحياة، ويدركون أن أي حل يجعل الهدف مصلحة تلك الدول وشعوبها معناه وضع حد لمتاجرتهم بالأزمات والمآسي.
البيت العربي هو الوحيد الذي يمكن أن يحتضن جميع الدول التي تعيش شعوبها الألم، لأن سلامة كل دولة عربية فيه سلامة الجسد العربي برمته.. ذلك الجسد الذي أُثخن بالجراح، فإخماد النيران فيه الاستقرار، كما أن ضياع جيل كامل عاش ويلات الحروب في غياب التعليم والصحة والتنمية بجميع وجوهها تهديد حقيقي لمستقبل تلك الدول ذاتها، وبالتالي فإن ما يمكن البناء عليه اليوم ليكون خارطة طريق للإنقاذ يتمثل بالاحتكام إلى العقل ولغة الحوار والعمل على تحصين تلك الدول ضمن توجه عربي تام، وعبر آليات واضحة وراسخة ولا تحتمل أي تفسيرات متناقضة، لأن إقصاء أو إبعاد لدولة عن حاضنتها سوف يجعلها عرضة للمخاطر والتدخلات الخارجية، التي تجد بالأحداث فرصة كبيرة لتحقيق أطماعها ومراميها وتنفيذ أجنداتها ومخططاتها، في حين سيكون العمل العربي كفيلاً بتقديم الحصانة اللازمة وحل الأزمات ضمن البيت العربي الواجب.
أكثر من 10 سنوات على الأحداث في بعض الدول باتت أكثر من كافية في ظل ما يشهده العالم من متغيرات وتحديات تتزايد تباعاً، واليوم فإن كل بلد يعاني مع تعثر الآمال بالحل أصبح كمن يفتقد المناعة لمواجهة الأزمات.. وبالتالي فتسريع التوافقات لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة والبناء عليها بات أمراً واجباً ضمن مساعي عربية – عربية تضمن التحرك الجدي والفعال بهدف الإنقاذ اللازم للدول التي لا تزال تئن تحت وطأة المآسي.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.