الإمارات لديها سمعة كبيرة في الالتزام بالتعهدات التي تخدم الإنسانية واستقرار المجتمعات الدولية

المناخ.. والالتزام الإماراتي الدولي

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي: كاتب إماراتي

المناخ.. والالتزام الإماراتي الدولي

 

 

 

لا يكمن سر احترام المجتمع الدولي والدول الكبرى لدولة الإمارات في مدى التزامها بما تتعهد عليه أمام المجتمع الدولي فقط، وإنما كذلك أنها تقوم بتنفيذ تعهداتها وفق أفضل المواصفات والمعايير العالمية بالشكل الذي رسخ نهجها كنموذج ينبغي الاقتداء به من باقي دول العالم، وربما أفضل مثال في وقتنا الحاضر البرامج التنموية في كافة المجالات التي باتت تحفز المجتمعات الأخرى عربية وغيرها في محاولة استنساخها.
مناسبة هذا الكلام، ما جاء في كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، خلال قمة القادة التي عقدت عن بعد، قبل يومين، حول المناخ والتي استضافتها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أكد سموه التزام دولة الإمارات بتحويل تحديات التغير المناخي إلى فرص مستقبلية للجيل القادم وفي هذه النقطة تحديداً فإن دولة الإمارات لديها الكثير من الخبرات في تحويل التحديات إلى فرص متاحة وأقرب مثال ما نعيشه خلال أزمة “كورونا” حيث شهدت الدولة افتتاح الكثير من المشاريع الكبرى آخرها محطة براكة للطاقة النووية السلمية، وقبلها الإعلان عن الوصول إلى كوكب المريخ كممثل عربي، وغيرها من المشاريع، ويحدث هذا في وقت كل دول العالم تقريباً تشتكي من الآثار السلبية الناتجة عن أزمة جائحة “كورونا”.
كما أكد سموه استعداد دولة الإمارات للعمل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتحقيق نقلة نوعية في الاستجابة العالمية للتغير المناخي، وفي هذا النقطة تحديداً فإن المجتمع الدولي يدرك مدى التزام دولة الإمارات بما تتعهد به وما تعد به لذلك لديها حصيلة و مخزون كبيرين من احترم وتقدير المنظمات الدولية والدول الأخرى، فهي لا تقوم بتنفيذ تعهداتها من باب تأدية واجب فقط، أو هي موجة عابرة تتلاشى بالسرعة التي تم القيام بها، وإنما تضع أسساً للعمل كي يستمر للمستقبل وفي الوقت نفسه تزرع ثقافة يمكن الاستفادة منها ونقلها إلى الدول الأخرى كتجربة ناجحة، فعلى سبيل المثال فإنها عملت منذ (15) عاماً تقريباً في مجال الطاقة النظيفة وشاركت مع (70) دولة حول العالم في العمل بالمجال الجديد خاصة في العالم الثالث، واليوم تعتبر دولة الإمارات “محفزاً” لدول المنطقة للدخول في هذا المجال وهو أمر يحسب لرؤية قيادتها الرشيدة التي دفعت الآخرين إلى التحول والتغير.
الإمارات لديها سمعة كبيرة في الالتزام بالتعهدات التي تخدم الإنسانية واستقرار المجتمعات الدولية، كما أن سجلها في التجاوب مع المبادرات العالمية فيه الكثير من قصص النجاح وآخرها تلك الشهادة التي أبداها قبل أقل من شهر ممثل الرئيس الأمريكي جون كيري الذي زار الدولة واطلع على تجربة الإمارات نحو التحول إلى الطاقة النظيفة.
هذا كله يفسر لنا الأسباب التي تقف وراء السمعة العالمية الإماراتية كدولة تحترم التزاماتها، فالعبرة ليست في أن تكون دولة ذات الصوت الإعلامي العالي أو لديها قدرة على التنظير ووضع الخطط وإنما فيما يطبق على الأرض.
إن مشكلة العمل الدولي الجماعي، ومشكلة العمل على مستوى المنظمات الإقليمية، دون استثناء، أن الدول الأعضاء لا تلزم نفسها بما تتعهد به. فمنظمة الأمم المتحدة دائمة الشكوى في عدم التزام الدول بما تعهدت به، كما أن تراجع دور المنظمات الإقليمية من حيث أنها لا تعطي أهمية للمشكلات التي تحدث بين أعضاءها بما تستحقها.. وإذا ما حدث وعالجت المشكلة فيكون من باب “براءة الذمة” وليس من باب خلق استراتيجية عمل تصلح لحل التحديات الحالية والمستقبلية لذا نجد ظاهرة تراكم الأزمات وبالتالي تعقدها.
علينا ألا نستغرب كثيراً لحالة الانبهار والاعجاب بمسيرة دولة الإمارات لأنها لم تدخل أصلاً في حالة التنصل من تعهداتها أو عدم الإيفاء بالتزاماتها الدولية فالمسألة قيم إنسانية وسياسية الكثيرون لا يدركون معناها.


تعليقات الموقع