أبوظبي – الوطن:

أصدر “تريندز للبحوث والاستشارات” دراسة جديدة بعنوان “انتخابات الرئاسة الإيرانية 2021.. المحددات وفرص المرشحين والتداعيات المحتملة”، وذلك عشية الانتخابات الإيرانية التي ستجرى يوم 18 من الشهر الجاري.
وتتضمن الدراسة التي تعد التاسعة في إطار سلسلة أوراق بحثية رؤية تحليلية لانتخابات الرئاسة الإيرانية المقبلة، من حيث أهم المحددات الحاكمة لها، وخريطة القوى السياسية الإيرانية وفرص المرشحين النهائيين في حسم هذه الانتخابات. كما تتناول التداعيات المحتملة للانتخابات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وتشمل الدراسة أربعة محاور رئيسية: يركز المحور الأول على آليات انتخابات الرئاسة الإيرانية وإجراءاتها في ضوء التعديلات الأخيرة، ودور رئيس الجمهورية في منظومة صنع القرار في إيران. وتشير الدراسة إلى أن شروط الانتخابات الإيرانية التي تم تحديثها، مؤخراً، تمنع الكثير من الترشح مثل المرأة والأقلية السُّنية والأقليات الدينية الأصغر، مثل: المسيحيين واليهود والزرادشتيين بالإضافة إلى الإيرانيين العلمانيين ما يعني سيطرة التيار المحافظ وتعزيز فرص الأصوليين وممثلي الحرس الثوري ،كما توضح الدراسة بأن الرئيس الإيراني يشكل الرجل الثاني في إيران رغم أنه منتخب من الشعب ومهامه تنفيذية فيما تتركز الصلاحيات في يد المرشد الأعلى الذي له الكلمة الأخيرة في تحديد السياسات الداخلية والخارجية في إيران.
فيما يقدم المحور الثاني قراءة تحليلية في المحددات الرئيسية الحاكمة لهذه الانتخابات على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتوضح الدراسة أن هناك عوامل عدة تؤثر في الانتخابات الإيرانية وهي الوضع الاقتصادي المتأزم مما أدى إلى حالة استياء شعبي كبير سيؤثر في فرص الإصلاحيين.
وتشير الدراسة إلى أن من العوامل المؤثرة في الانتخابات الإيرانية رؤية المرشد الأعلى علي خامنئي لما سماه المرحلة الثانية من الثورة التي يتم فيها بناء صف جديد من القيادة الشابة وهو ما تحقق في انتخابات البرلمان العام الماضي، وأن الانتخابات الرئاسية تشكل الخطوة الثانية من رؤية المرشد الأعلى التي تعزز من فرص المحافظين المتشددين في حسم منصب الرئيس القادم .
وذكرت الدراسة أن قيام مجلس صيانة الدستور باستبعاد عدد من المرشحين يصب في السياق نفسه ويعتبر محدداً رئيسياً في مسار الانتخابات ونتائجها، في الوقت ذاته فإن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمفاوضات بشأن البرنامج الإيراني تشكل محدداً مهماً في الانتخابات الرئاسية وسيكون لها تأثير مباشر في مسارها .
لكن الدراسة تشير إلى أن عودة واشنطن وطهران للاتفاق النووي رغم أهميتها للإصلاحيين لكن من الصعب الاستفادة منها بسبب عدم وجود مرشح إصلاحي بارز يستطيع توظيف هذه العودة في الانتخابات .
ويتناول المحور الثالث فرص المرشحين النهائيين في الفوز بالانتخابات في ضوء تصنيفهم في التيارات الرئيسية التي ينتمون إليها أو المحسوبين عليها. والتيار الإصلاحي ونتيجة لعوامل داخلية وخارجية يشهد تراجعاً في القاعدة الشعبية كما أن لديه أزمة قيادة إضافة إلى استبعاد مرشحيه سوى شخصين لا شعبية لهما، بينما تيار المحافظين يعتبر من أهم التيارات السياسية في إيران ويهيمن على صنع القرار ومراكز القرار ويحظى بدعم ومساندة المرشد الأعلى والحرس الثوري، وترى الدراسة أنه في ضوء أزمة الإصلاحيين تبدو فرص تيار المحافظين قوية في الانتخابات لحسم منصب الرئيس وأن المرشح إبراهيم رئيسي يمتلك الحظ الأوفر للفوز بالمنصب وهو الخيار الأنسب للتيار الأصولي فضلاً عن أنه يحظى بدعم وثقة المرشد الأعلى علي خامنئي كما يعزز فرص فوز رئيس الحضور الضعيف لمرشحي الحرس الثوري .
فيما يقدم المحور الرابع من الدراسة قراءة في التداعيات المحتملة لنتائج الانتخابات على بعض الملفات الخارجية، وكذلك على الصعيد الداخلي في إيران. ففوز المحافظين سيكون له أثر سلبي في العلاقات مع واشنطن ومفاوضات الاتفاق النووي الإيراني ويضعف فرص العودة إليه، لكن الدراسة تذهب إلى أن معارضة التيار المحافظ للمفاوضات مع الولايات المتحدة وقتية لحرمان الأصليين من جني الثمار وأن فوز مرشح متشدد لا يضعف من فرص التوصل إلى تفاهمات مع واشنطن بشأن البرنامج النووي. إضافة إلى ما سبق، فإن فوز مرشح محافظ في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يعني استمرار طهران في سياستها التوسعية بالمنطقة لتقوية موقفها التفاوضي واستمرار الفوضى في اليمن وسوريا والعراق كورقة ضغط تفاوضية.
واستبعدت الدراسة حدوث تغييرات إصلاحية داخلية جادة في إيران خلال السنوات المقبلة في ظل حكم المحافظين المتشددين، وخلصت الدراسة إلى أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تشهد موجة صعود للمحافظين المتشددين كما أن نمط استبعاد الإصلاحيين واستبعاد رموزهم يعكس توجه النظام نحو تكريس هيمنة التيار المحافظ وسيطرته على جميع منابر السلطة في إيران وتشكيل حكومة متناغمة مع توجهات المرشد الأعلى ومتعاونة مع الحرس الثوري ما يعني أن إيران مقبلة على جبهة سياسية وعسكرية موحدة في سلطاتها المختلفة.