الإمارات “أيقونة” العالم

الرئيسية مقالات
محمد خلفان الصوافي: كاتب إماراتي

 

 

الإمارات “أيقونة” العالم

 

 

 

 

فتحت احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الخمسين الذي ما زلنا نعيش أفراحه هذه الأيام، الباب واسعاً أمام خيالات الناس والمحللين في بقاع الأرض لمحاولة تفسير ما يحدث في دولة الإمارات سواءً من حيث الإنجازات التي تحققت وما تخطط له للخمسين القادمة، أو من حيث الخيال التنموي الذي يسيطر على تفكير قادة هذه الدولة منذ الإعلان عن الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971 إلى اليوم بل والمستقبل، لأن ما حصل يعجز على العقل الإنساني تصديقه أو استيعابه بسهولة.

ألهمت الإمارات وتجربتها النهضوية المشتغلين في الفن والأدب بكافة أنواعهم فخرجت كلمات شعرية وألحان تتغنى بأن كلمة “المستحيل” نفسها لم تعد لها معنى على هذه الأرض ليس من الناحية النظرية فقط بل إن أحلام وأفكار مؤسس دولة الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، تحولت إلى واقع معاش يراه الإنسان بطريقة يكاد لا يصدق ما يحدث خاصة ممن عايشوا الأيام الأولى للاتحاد ومن يزور جناح دولة الإمارات في إكسبو 2020 دبي ويطلع على الأفلام الوثائقية للمراحل الأولى للاتحاد حتى لو كان من أبناء الدولة فإنه سوف يستغرب.

وصل الأمر لأن تتوج اليونسكو المنظمة الثقافية التابعة للأمم المتحدة يوم الثاني من ديسمبر ليكون يوماً للمستقبل في إشارة إلى أن هذه الدولة تستفيد من تاريخها لصناعة مستقبل الإنسانية منذ اليوم الأول لتأسيسها ولكنها لا تعيش في الماضي.

من العام القادم سيكون الثاني من ديسمبر في “رزنامة” العالم للاحتفال مع دولة الإمارات كل عام باعتباره يوماً لتحفيز الخيال الإنساني في بقاع العالم من أجل التفكير في المستقبل لأسباب متعددة ربما أهمها أن طبيعة التحولات العالمية والتحديات لم يعد يناسب معالجتها ومواجهتها بالأساليب التقليدية بقدر ما تحتاج إلى “الخروج من الصندوق” والبحث عن الطرق المناسبة للأزمات الجديدة وهذا لا يمكن حدوثه دون الخيال العلمي أو ما بات يعرف علمياً بالذكاء الاصطناعي وهو ما يتم التركيز عليه لدى كل الدول المتقدمة والتي تحاول مواكبة التغيرات غير الثابتة وإنما تتحرك بشكل مستمر وسريع.

لقد وضعت الإمارات تصوراً لتجربتها التنموية البعض اعتبرها خيال غير واقعي ويجب علينا كإماراتيين أن نجد لهم العذر لأنه ما يتم غير طبيعي، والبعض أعتقد أنها وقتية ولا يمكن لها الاستمرار، وهؤلاء يراجعون أنفسهم اليوم وعليهم فعل ذلك لأن نظرتهم كانت قصيرة في طموحات قادة الإمارات التي كونت لنفسها نموذجها الخاص الخارج عن المنهج التقليدي المتبع في نسخ أو نقل تجارب مجتمعات أخرى كما حدث في عصر النهضة العربية، انطلاقاً من قناعة الدولة بأن لكل مجتمع تجربته التي لا تصلح لغيرها فجاءت التجربة غنية وملهمة بل ومؤثرة فصارت تستقطب النجاحات لكل عمل تقوم به وفي الوقت نفسه تجذب أنظار المراقبين إليها والكل بدأ يتحدث عنها، باعتبارها عملاً غير عادي وينبغي التوقف أمامه.

تحاول الإمارات التركيز على فلسفتها التنموية الخاصة التي تختلف عن الآخرين بأن الإنسان هو محور كل الأعمال فتخلت عن التفكير فيما يؤدي إلى نتيجة عكسية من أزمات وخلافات سياسية وخرجت بأن تكون دولة متفردة حتى لو قارناها بالمجتمعات الناهضة مثل اليابان وكوريا الجنوبية باعتبارها مجتمعات كانت لديها الأساس الحضاري والمقومات العملية للدولة ولكن هنا كانت الإرادة والعزيمة فكانت هي الأقوى والأصدق والإيمان بالنجاح وتحقيق الهدف، لذا الكلام على أن الخمسين عاماً فترة قصيرة في دولة الإمارات: حقيقية.

هناك أهم من كل ما تم ذكره أعلاه، يحدث أمام الساحة العالمية وهو وضوح الرؤية الكاملة والشفافية فيما تخطط له في المستقبل لمن يريد الاستفادة ومواكبتها بعد أن أصبحت الإمارات أيقونة للمستقبل، وضعت أفكارها ومبادئها حددت خلالها طريقها لاستمرار إنجازاتها وكيف يمكن تحقيقها وكيف لها أن تتساعد مع الآخرين في تحقيق الاستقرار والأمن باعتبارهما أساس أي قصة تنموية.


تعليقات الموقع