تكتسب زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط خلال الفترة من 13- 16 يوليو الجاري أهمية خاصة ليس فقط لأنها الأولى له منذ توليه منصبه وإنما أيضاً لتوقيتها وللقضايا التي ستتناولها

زيارة بايدن وعودة الاهتمام الأمريكي بالمنطقة

الرئيسية مقالات
مركز تريندز للبحوث والاستشارات

اتجاهات مستقبلية

زيارة بايدن وعودة الاهتمام الأمريكي بالمنطقة

 

تكتسب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط خلال الفترة من 13- 16 يوليو الجاري أهمية خاصة، ليس فقط لأنها الأولى له منذ توليه منصبه قبل عام ونصف العام، وإنما أيضاً لتوقيتها وللقضايا التي ستتناولها، وبالطبع لدلالاتها المهمة.

تأتي هذه الزيارة التي كان من المفترض أن تتم نهاية يونيو وتم تأجيلها لالتزامات الرئيس باجتماعات مجموعة السبع وحلف الناتو، وربما بسبب التطورات الداخلية التي حصلت في إسرائيل، وسط ظروف إقليمية ودولية مهمة. فإقليمياً، وبرغم ما تشهده المنطقة من انفراج في العلاقات بين العديد من دولها، ولاسيما التقارب التركي الخليجي والمصري، فإن مظاهر عدم الاستقرار التي تعانيها المنطقة منذ عقد من الزمن تقريباً مازالت مستمرة؛ فالأزمات وإن خفت حدتها لم تنته بعد واحتمالات تفجرها مجدداً لا تزال قائمة، بينما لم يتم بعدُ التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، في حين تعارض إسرائيل بشدة أي اتفاق يرفع العقوبات عن طهران، وتعلن عن استعدادها الدائم لاستخدام القوة ضدها إذا لزم الأمر، كما تتزايد فرص الصدام بين القوات الأمريكية وكل من روسيا وإيران في المنطقة، بعد المعلومات عن تواتر متزايد من الأعمال “الاستفزازية” و”غير الآمنة” من قِبِل البلدين.

أما دولياً، فإن الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير الماضي تلقي بظلالها على المشهد العالمي برمته؛ وذلك بسبب تداعياتها الخطيرة خاصة على أسعار الطاقة والأمن الغذائي، حيث تأثرت سلاسل التوريد لسلع حيوية كالقمح، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني يهدد حياة الملايين من البشر حول العالم.

أما فيما يتعلق بأجندة هذه الزيارة فهي تتناول قضايا على درجة عالية من الأهمية، بل وبعضها يرتبط ربما بمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والمنطقة كلها. فمن القضايا التي سيتم بحثها العلاقات بين واشنطن وحلفائها الإقليميين، والوضع في الأراضي الفلسطينية، حيث ستكون إسرائيل محطة بايدن الأولى، ومن ثم الأراضي الفلسطينية، حيث يُتوقع أن يُعيد التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات ومبدأ حل الدولتين. ولكن من أهم القضايا في هذه الزيارة، والتي تحظى باهتمام إعلامي كبير، هي بحث إمكانية تشكيل تحالف إقليمي، حيث سيتوجه بعد الأراضي الفلسطينية إلى جدة للمشاركة في قمة لمدة يومين مع دول مجلس التعاون الخليجي – السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعُمان وقطر – بالإضافة إلى مصر والعراق والأردن؛ وهذا يعني أن واشنطن تسعى لتحسين أو تعزيز علاقاتها مع كل هذه الدول والجمع بينها في تعاون أوثق.

أما الدلالات، فلاشك أن هذه الزيارة بتوقيتها وأجندتها وأهدافها والقضايا التي ستتناولها تشير إلى عودة الاهتمام الأمريكي بالمنطقة، وإدراك مدى أهميتها للمصالح الأمريكية، وذلك بعد سنوات من السجال حول تراجع الدور الأمريكي في المنطقة وإمكانية الانسحاب منها. كما تؤشر الزيارة بشكل واضح إلى أهمية المملكة العربية السعودية لواشنطن واستراتيجياتها، ليس فقط على مستوى الاستقرار الإقليمي، وإنما على مستوى المصالح الدولية أيضاً، ولا سيما فيما يتعلق بأسعار الطاقة، حيث تلعب السعودية ومعها دول أخرى مهمة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً محورياً في تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية، ولهذا سيكون الاقتصاد أيضاً في صلب أهداف هذه الزيارة، حيث تأمل واشنطن ومن ورائها دول العالم الأخرى أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز إنتاج النفط، والتخفيف من حالة الارتفاع المقلقة جداً في الأسعار العالمية.


تعليقات الموقع