إساءات يشجبها الضمير العالمي
في انتهاك جديد للقيم الأخلاقية والإنسانية يشكل قيام متطرف في هولندا بإحراق نسخة من القرآن الكريم جريمة عنصرية يؤكد مرتكبها محاولة استهداف الأمن والاستقرار وإثارة الكراهية الهدامة عبر أفعال مشينة لا تمت إلى “حرية الرأي” بأي صلة إذ أن الحرية مسؤولية وأمانة ولم تكن يوماً أداة لنشر البغض واستفزاز مشاعر مئات الملايين حول العالم، فأي إساءة للمقدسات تصرف شنيع ومرفوض وعلى الجميع أن يتصدى له بالإدانة والتحذير من خطورته، ومن هنا تكتسب الإدانة الشديدة التي عبرت عنها دولة الإمارات لجميع الممارسات التي تتنافى مع المبادئ الإنسانية أهميتها مبينة في الوقت نفسه حاجة العالم الماسة إلى العمل الجماعي لنشر قيم التسامح والتعايش ونبذ الكراهية والتطرف.
لم يكن خطاب الكراهية يوماً إلا سلاحاً للمفلسين الذين يعملون على نشر الحقد والانغلاق والعنصرية البغيضة في مواجهة ثقافة التلاقي الإنساني البناءة والقائمة على التسامح والتعايش والاحترام المتبادل والتعاون المثمر، فشتان بين من يؤمنون بحتمية التآخي الإنساني ومن يعتقدون أنهم من خلال افتقادهم للقيم والأخلاق وما يقدمون عليه من أفعال مشينة يمكن أن يقفوا في وجه عجلة التاريخ، والعالم اليوم يعيش عصر التحديات المتسارعة والمتغيرات الكبرى والتحولات التي تحتاج إلى أعلى درجات التعاون والانفتاح للتعامل معها، ولن يكون لمن يحملون الأحقاد أي مكان في مسيرة الإنسانية التي ترفض سلوكياتهم وما تحمله عقولهم من أفكار بغيضة وظلامية يرفضها كل عاقل عبر إدانته للأفعال والممارسات الحاقدة والإساءة للمقدسات والأديان ولأي محاولة تهدف لإثارة الفتنة.
الطبيعة الإنسانية والفكر المنفتح ودعاة السلام والاستقرار يعبرون عن انتصارهم لإنسانيتهم وقيمهم وقناعاتهم من خلال الرفض التام لهذه السلوكيات المريضة والمتخلفة التي يقدم عليها متطرفون وعنصريون، خاصة أنها أفعال تعكس إفلاسهم الأخلاقي والفكري والإنساني وأن كل ما يهدفون له هو نشر الفوضى والعداوات بعد أن أيقنوا أن العالم الجديد لا يمكن أن يقبل بأي وجود لأمثالهم أو لأفكارهم الهدامة، فالزمن الحالي هو زمن العقلاء والحكماء والحريصين على التكاتف والتضامن والتعاضد الإنساني القائم على المحبة والإدراك الشديد لأهمية التعاون انطلاقاً من قناعات راسخة لا مكان فيها لدعاة الكراهية والرفض والتشدد ومعاداة الآخر.. فالدول الراقية والمتحضرة ترفض الإساءات وتعاقب مرتكبيها بقوة القانون لأنها تعتبرها انتهاكاً للضمير والوجدان العالمي، وما أقدم عليه المتطرف الهولندي وقبله بأيام متطرف سويدي جريمة عنصرية بحق الإنسانية جمعاء تستوجب إدانة تامة من قبل كافة الحريصين على السلام والاستقرار في العالم.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.