“قافات القمة العربية”
“قاف” القلم العربي، ينبُض في عواصمها الـ22, معاً، و”قافَ” القلبَ العربي بين ضلوعِ ما يزيد على 450 مليون من الناطقين بالضاد معاً، وجنباً إلى جنب “قاف” القِمّة العربية الـ32 التي بدأ انعقادها أمس الجمعة 19 أيار/مايو 2023 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية بحضور “الجمهورية العربية السورية” العضو العربي الغائب الحاضر العريق الذي استمر غيابه 12 عاماً.
فالمملكة العربية السعودية الشقيقة وبالرحابة المعهودة بها للأمّتين عبر التاريخ، رحبت بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصل مساء الخميس مطار الملك عبدالعزيز الدولي بمدينة جدة.
كما وابنُ الإمارات بقلبه أو بقلمه، هو بالنغمةِ ذاتَها التي ترنّمت بها “أبوظبي” لوحدة الصف العربي قبل 51 سنة، تحت راية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” بالقصبِ السبِق .. تلكم التجربة العربية الوحيدة الناجحة بإتّحادٍ عربي حقيقي في تاريخنا المعاصر.
وأبناء زايد اليوم لا زالوا بالمنهاج ذاته الذي وضعه “طيب الله ثراه” وسبّاقون بالتّلبية ذاتها لنداءات لَمِّ الشمل العربي من الخليج إلى المحيط.
وما الزيارة الأخيرة الذي قام بها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيّان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى دمشق، إلاّ لإعادة العلاقات بين الطرفين وفتح السفارات لدى الطرفين، وللتأكيد على المناهج الإماراتية التي وضعها المغفور له الشيخ زايد “نحن دائما مع العرب وللعرب، ولم نكن على العرب..!” إذ ولا زالت تُدرّس نفس المناهج عندنا في المدارس.
سورية التي خرجت للتوّ من كارثة الزلزال التضاريسي, وسوريا التي صمدت في خندق الزلزال التكفيري الداعشي، رؤيتها في الجامعة العربية، أسعدت القارئ العربي بين السطور أنها لم تأتي لتثبت عروبتها، وإنما لتؤكّد أنها أبت أن تبقى إلاّ قومية عربية، لا إخونجية، لاداعشية..!
عندما زرت سورية لأول مرّة كان عمري 9 سنوات، ثم زرتها وعمري 15، ثم وعمري 21، ثم 29، 31، و42 على التوالي، سورية وجدتها بلد صغير برجال كبار، وجدت فيها العجوز السوري وعكازه لا للإستسلام، والطفل السوري بطموحات القامات للأقاليم والقارات، ثم التقيت في القارة الأوربية وفي إسبانيا بالتحديد، ببعض رجال أعمال ناجحين أفذاذ بالإبتسامة الشقراء، تترجم أصولها السورية الطموحة الناجحة لذلك العجوز أبو العكاز، وحفيده ذلك الطفل الذي انفلت حياً من قاذورات الأحزمة الناسفة.
ولعل جُلّ الذين وجدتهم في سورية يومذاك، ماتوا اليوم أو انتحروا أو قُتلوا، ولعل بعضهم أموات وهم على قيد الحياة.. وبما أن سوريا وكما أسلفت، برجالٍ كبار، فإن أدوات القتل والدمار والتفجير والأحزمة الناسفة، كلها دُفنت اليوم بنعوشها التي أرادت أن تحوّل دمشق الى نعشٍ للشعب السوري.
مقعد سورية في الجامعة العربية لن تبق “صوت وصورة بلا صدى ولا روح” إن أتت وأشقائها للشعب السوري قيمة مضافة بالدعم الاقتصادي التكاملي،
الزلازل التي تعرضت لها سورية والعراق، لا زالت لهما بكمين تلك الخنادق التي أرادت إبتلاعنا كلنا، إن لم تركّز العرب على شرايين حياتهما الإقتصادية والأمنية والقومية.
فلتساعد العرب سورية “ببعض” ثرواتها القومية وما أكثرها “زاخرةً” والحمدلله.. ولتُجنّد سوريّة للعرب “بكل” كوادرها الموهوبة، وما أكثرها “لامعة” والحمدلله.
والعرب قادرة ومقتدرة على إحلال وتحويل تلك “القافات إلى قامات عربية”.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.